قلبي كاد ينفطر ألماً وأنا أرى متحدَّثَين باسم الشرطة والجيش وهما يهرفان في قلة حياء وجرأة على الله أمام مجموعة من صحفيي المارينز من إعلاميي مسيلمة الكذاب ويبرِّران قتل الثوار في أحداث الحرس الجمهوري وكان الأكثر إيلاماً أن يصفِّق هؤلاء السفهاء للمتحدثَين في نهاية المؤتمر الصحفي وكأنَّ الدماء التي سالت والأنفس التي أُزهقت لفئران أو صراصير بل إنَّ أحد الصحفيين من قيادات وكالة الشرق الأوسط وأظنُّه مدير تحرير الوكالة طالب بإخراج محرري قناة الجزيرة وسانده مجموعة من فلول صحافة مبارك الذين يُفترض أنَّهم مع سيادة مبادئ حرية التعبير المنصوص عليها دستوراً وقانوناً والتي حطَّمها حكم العسكر من اليوم الأول لانقلابهم المشؤوم حين عطَّلوا القنوات الفضائيَّة الإسلاميَّة وأغلقوا الصحف المعارضة.
كما ذكرتُ سابقاً أنَّ موجة التعاطف مع الشرعيَّة تتزايد بشكل مدهش خاصَّة بعد استشهاد مناصري مرسي بهذا العدد الهائل وبعد إصابة ما يقرب من الألف جريح فمهما حاول الكذابون تبرير فعلتهم النكراء فلن يستطيعوا أن ينفُوا جريمة الاستخدام المفرط للقوة في مواجهة متظاهرين عُزَّل مما ينمُّ عن الحقد الدفين الذي يملأ صدور هؤلاء القتلة.
لقد زرتُ مصر قريباً ورأيت بعيني رأسي تضاؤل شعبية مرسي في الشارع المصري قبل الانقلاب العسكري خاصة بعد أزمة البنزين المفتعَلة والتي نجح الخرَّاصون في إلهابها وتضخيمها مع إعلام كاسح معارض لمرسي تمكَّن من إقناع الشارع بفشل مرسي في إدارة البلاد وكنتُ على يقين أنَّ حزب مرسي (الحرية والعدالة) سيُمنى بهزيمة ساحقة ماحقة في الانتخابات البرلمانيَّة التي كان يدعو إليها لاستكمال المؤسَّسات الدستوريَّة!!
سبحان الله!! والله إني لأشعر بأنَّ كلَّ ما يحدث الآن يمهِّد لخيرٍ عميم يسوق اللهُ الإسلاميين إليه وهم كارهون!!
موجة التعاطف التي اجتاحت ولا تزال الشارع المصري والتي أحالت مرسى إلى زعيم ليس للإسلاميين وحدهم إنما لشعب مصر وعزلت النخب العلمانية والليبرالية ودمَّرتهم تدميراً، هي نتاج لما حدث في الثلاثين من يونيو وما أعقبها من انقلاب!!
دهشتُ من مقال بائس يُثير الإحباط خطَّه يراع الأخ الأستاذ فهمي هويدي توصَّل فيه إلى أنَّ الحالة المصريَّة الحاليَّة بعد انقلاب العسكر أشبه ما تكون بالحالة التركيَّة السابقة لنجاح أردوغان في خلع أسنان العسكر في تركيا وذلك بعد أن استبعد هويدي بحجّة قويَّة النموذج الجزائري في إقصاء العسكر لجبهة الإنقاذ عام 1992م عقب فوزها بانتخابات الجزائر والنموذج الروماني الذي أقصى الرئيس الشيوعي شاوشيسكو عام 1989م باعتبارهما لا يُشبهان ما يجري في مصر.
حاول هويدي عقد المقارنة وبالرغم من أنَّه أكَّد أنَّ مصر لا تُشبه الجزائر فقد أغفل أنَّ مصر الأزهر ليست تركيا أتاتورك وأنَّ سطوة الإسلاميين في مصر الآن لا يمكن مقارنتُها بإسلاميي تركيا قبل أردوغان ولو أُجريت أي انتخابات أو استفتاء حول الانتخابات المبكِّرة سيحصل مرسي وحزبه على ما لم يحصل عليه في أي انتخابات أُجريت في السابق سواء رئاسيَّة أو برلمانيَّة أو استفتاء على الدستور فقد حوّل السيسي مرسي من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم وها هو تحالف السيسي يتهاوى ويتراجع ويترنَّح!!
ألم أقل لكم إن الله تعالى وليس مرسي ولا الإخوان هم من يقودون مسيرة الدورة الحضاريَّة الجديدة؟! ألم أطلب منكم ألاّ تحسبوه شراً لكم؟![/JUSTIFY]
الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة