تتعدد أنواع الجنوح حسب تصنيفات علماء النفس إذ يعتبرون أن التشرد و التسول و تعاطي المخدرات أو ترويجها و الاشتراك فى النزاعات المسلحة و التسرب مِن المدرسة و السرقة وممارسة الرذيلة كلها تصب فى قالب الجنوح الذي يستوجب المعالجة السريعة والحاسمة.
تُعاني مُعظم مُجتمعات العالم من ظاهرة جنوح الأحداث فهي ليست حصريةً على المجتمعات التي تعاني من الحرب والفقر والتشريد فحسب، بل إن كثير من المجتمعات التي تتمتع برفاهية وسِعة العيش تنال منها هذه المشكلة وتهدد أمنها واستقرارها وخططها التنموية وبنائها الأسري، ولكن فقر المجتمعات وتخلفها التنموي يزيد من تفاقم الظاهرة ويضعف من تأثير معالجته لها وقد تعطيها أبعاداً أكثر خطورة وبالتالي تزيد مِن معضلاته الإجتماعية وتساهم في اتساع وتعميق أزماته، وقد تفاقمت هذه الظاهرة في السودان مع إندلاع حرب الجنوب التي دفعت بكثير من الأُسر للنزوح نحو مناطق أكثر أمناً بالإضافة إلى موجات التصحر والجفاف التي ضربت أجزاء واسعة من غرب ووسط شرق السودان في سنوات الثمانينات وبرزت بشكل واضح في بداية التسعينات.
السلوك البشري هو شئُ مكتسب تصنعة البيئة الأسرية والإجتماعية ولا يولد مع الإنسان، فالطفل يتعلم السلوك المنحرف كما يتعلم السلوك السوى، لذا فإن المجتمعات التي تشيع فيها خروقات القانون ينشأ أحداثها فى جو غير سوي وبالتالي فإن جنوحهم للجريمة يكون متوقع، وتعتبر الأسرة هي البؤرة التي تبدأ فيها مُسببات الجنوح، فالبيوت التي تُعاني من التفكك الأسري يكون أحداثها عرضةً للجنوح وذلك لإنعدام القدوة وإهمال توجيه الأطفال، ومن ثم تأتي المدرسة فى المرحلة الثانية حيث أن ظاهرة التسرب المدرسي تمنح للحدث فرصةً للتسكع فى الشوارع والإحتكاك بأصدقاء السوء ومن ثم ظهور السلوك الغير سوي.
للعولمة دور فعّال لا يمكن أن نغفل عنه فى تزايد ظاهرة جنوح الأحداث، فدخول وسائل التواصل وتوفر المعلومات بين يدي الأحداث دون رقيب و لا حسيب قد يدفع بهم إلى هوة الجنوح ولو بدافع الفضول والتقليد العمى، فكم من طفل وقع ضحية العنف أو الإدمان من وراء ما يشاهدة على الإنترنت أو القنوات الفضائية.
معالجة ظاهرة جنوح الأحداث لا تأتي من جانب واحد، فهي تشمل الدولة التي توفر مؤسسات الرعاية الإجتماعية التي تحتوي على إختصاصيين نفسيين وإجتماعيين ووسائل وبرامج خاصة لدحر السلوك غير السوي وتنمية السلوك الإيجابي وتحفيز روح الخير بداخل الأحداث بالتعاون والمشاركة مع الأسرة التى تتحمل النصيب الكبر لأنها النواة التي تُزرع فيها ما يحصده المجتمع فيما بعد، وهي التي تضمن إندماج الحدث فى المجتمع بعد معالجتهم.
فى سياق الإهتمام بهذه الشريحة وإيماناً بحساسيتها وإحتياجها للدعم والتقويم النفسي و لضرورة إدماجهم فى المجتمع دون طرق لأبواب ماضيهم وفي إطار الجُهد الشبابي الطوعي نظمت مجموعة تعليم بلا حدود يوماً مفتوحاً بهدف التواصل مع الأحداث الجانحين فى دار تربية الأشبال (إصلاحية الجريف غرب)، و إشتمل اليوم المفتوح على رسم أكبر جدارية تعبر عن هؤلاء الأحداث يلونون مِن خلالها آمالهم و أحلامهم.
همسة:
المشاكل زاتها نعمه .. حبه ينشغلو العوازل
الهدوء قبل العواصف .. والسحاب الليله راحل
بكره نرجع زي نسايم .. هازه عيدان السنابل
زي فصول العام بتقلب .. داخله بيناتهم فواصل
اصلو حال الناس بتغلط .. مافي زول في الدنيا كامل
همسات – عبير زين