فذلكة تاريخية
عرفت شجرة (القورو) منذ زمن بعيد، وكانت تمضغ ثمارها لمقاومة الجوع والتعب، لما لها من تأثير منشط للجهاز العصبي، وتنتشر زراعتها في معظم دول غرب وجنوب أفريقيا، إذ تقوم ببيعها بعض النساء الأفريقيات مع (الفصفص) و(اللوز) في الشوارع وبعض الأسواق – وهذا ما أكده لسان محدثتنا – النبتة عبارة عن بذور لأشجار كبيرة ومعمرة دائمة الخضرة وتعتبر من أهم مصادر الأخشاب، أوصافها كالتالي يبلغ طولها 20 متراً، موطنها الأصلي غرب أفريقيا، ذات أوراق جلدية طويلة، لحمية القوام ووردية اللون، تحتوي البذرة على مركبات فعالة هي الكافين ومواد عفصية، ومركبات فينولية متعددة، وصبغة الكولا الحمراء، وبروتينات، نشويات. هذه المواد المضادة للأكسدة تكون في أحسن حالاتها عندما تكون البذور طازجة وحديثة القطف.
تطبيبات (القورو)
وفي السياق، فإن النبات يعد بمثابة وصفة طبية صيدلانية على ضوئها تعالج كثير من الأمراض، إذ يستخدم القورو (بذور الكولا) في الطب الشعبي الأفريقي لزيادة النشاط الجسمي والعضلي، والضعف الجنسي، وضعف الأعصاب، وضعف وانخفاض الانفعالات، والاكتئاب النفسي، الإسهال العصبي، الصداع النصفي، دوار الحركة، حالات القلق النفسي، للآلام العصبية، ومنبهة للجهاز العصبي المركزي، مدرة للبول، وقابضة للجروح والتقرحات. طريقة عمل (القورو) وميكانيكيات التأثير غير معروفة للعلماء حتى الآن، وبما أن الروشتة الطبية لعقار (القورو) وصفت المركبات والتطبيبات، أيضاً تطرقت لأضراره والتي تشبه إلى حد كبير أضرار تناول كميات كبيرة من الشاي أو القهوة، حيث تظهر عند تناول كميات كبيرة خلال فترة قصيرة أعراض التسمم بالكافين والتي تشمل الأرق، النرفزة والعصبية الزائدة، الشعور بعدم الراحة والتململ، الشعور بكرب في المعدة، إحتمال الإصابة بالنوبات القلبية، الإدمان المتمثل في الشعور بالصداع الشديد لأيام عند الانقطاع عن تناول الكافين، ولا ينصح بتعاطيها لمن يعانون إرتفاع ضغط الدم وقرحة المعدة والإثني عشر ومشاكل في القلب والأوعية الدموية. وبحسب المراجع فقد تلاحظ في الآونة الأخيرة طلب الفتيات عليها أكثر من الرجال.
الضكر والإنتايا
يبدو أن السيدة “زينب” لا تعرف قيمة وحقيقة ما تعرضه، فعند سؤالنا لها عن الأمراض التي يعالجها، اكتفت بالبطن والسكري والضغط وأصابت في الجهة التي يجلب منها (نيجيريا). وعن أسعاره قالت إنها تتراوح بين (3 ـــ 5) جنيهات للحبة الكبيرة، وجنيهين للصغيرة. لاحظنا أن “زينب” تضع معروضها من (القورو) على (خيش) داخل طبق من السعف، وقد عزلت مجموعة منه داخل كيس أحكمت إغلاقه، وهو أقل حجماً ذاك المكور على الطبق، وقد أماطت “زينب” اللثام عنه بأن هذا هو (الضكر) والحبة الكبيرة تسمى (الإنتايا). كما لاحظنا أيضاً انكماش بعضه وتباين ألوانه ما يشي بأنه قد مضت عليه فترة، وعليه وفيما يعني بكيفية حفظه أفادتنا بأنه يلف في شوال من الخيش ويرش بالماء بصورة مستمرة، وبخبرة قليلة أضافت أنه يزرع في الأماكن الباردة ويُنقل بالطائرة.
إلى جانب طبق (القورو)، كانت هناك (كرتونة) تحوي عدداً كبيراً من الزيوت والدهانات مدموغة بـ(نيجيريا) لم تستطع “زينب” تسميتها، لكنها وبمعاونة أحدهم ذكرت منها اثنتان هي (المستلنتا) و(أبو لكي) بلغة الهوسة حسب أحد الحضور، قالت إنها تعالج (أوجاع الجسم)، ثم غادرناها وهي لا تفتأ تنفض بضاعتها من غبار الطريق وتعيد ترتيبها بينة فينة وأخرى. الخرطوم ـــ أمل أبو القاسم –المجهر السياسي