(التاريخية) التي قام بها الرئيس سلفاكير ميارديت إلى تل أبيب وكنت قد تابعت
(الضجة) التي أحدثتها الصحف بمانشيتاتها التي خرجت متسربلة باللون الأحمر لتنبئ عن زيارة سلفا لإسرائيل!
لم ولن أستغرب ذهاب سلفاكير لإسرائيل أو أي دولة أخرى؛ فالرجل وحكومته قد أعلنوها واضحة قبل الآن بأن ليس لديهم غضاضة في زيارة تل أبيب، كما أنهم لا يمانعوا في التحالف حتى مع (الشيطان) إذا كان ذلك لمصلحة دولتهم، وليس في ذلك عيب أو تجاوز لخطوط حمراء أو صفراء حسبما يرون !!
وأذكر- في حوار قبيل الانفصال بقليل أجريته مع القائد باقان أموم لصالح جريدة
( الأخبار)، سألته عن العلاقة مع إسرائيل، وهل سيكون لهم تعاون معها ومشروعات مشتركة، فرد قائلاً ( لا مانع إن استدعى الأمر) وأضاف بأنهم ليسوا على خلاف مع إسرائيل لكي لا يكون لهم معها صلات، وحول مخاوف مصر على مياه النيل إذا ما أدخلت إسرائيل أنفها في دولة الجنوب رد ساخرا:(المصريين يخافوا من شنو نحنا حاننشف موية النيل) ؟!!
لا أرى داعياً للاستغراب من زيارة سلفاكير لإسرائيل ولا حتى زيارة شيمون بيريز للجنوب باعتبار انه سيرد الزيارة؛ ولا أرى داعياً للتخوف من نتائج الزيارة، فالدول من حقها بناء العلاقات الإستراتيجية بينها وبين بعضها بما يصب في مصالح شعوبها؛ ولو كان ثمة خوف فيجب أن يكون على علاقتنا نحن مع دولة الجنوب التي أبت إلا أن تتدهور يوماً بعد يوم منذ الانفصال وحتى الآن، لنترك المجال واسعاً لإسرائيل وغيرها لتعيث (صلاحاً أو فساداً) في الدولة الجارة، ثم نأتي بعد ذلك للتباكي على ما كان بيننا من أواصر الإخاء التي كانت وذهبت أدراج الانفصال، وسوء الجيرة !!
ما قاله الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز لنظيره سلفاكير عقب غداء العمل الذي أقامه بأن:(هذه الزيارة لحظة تاريخية وسنواصل تقديم الدعم للتنمية في بلدكم) ورد سلفاكير: (من دونكم ما كنا لنكون موجودين، قاتلتم معنا للسماح بإنشاء الجمهورية) !!
هذا الحديث يستدعي التأمل في لطف المفردات (الحميمة) التي ستكون بداية لتعاون حقيقي بين البلدين، بينما مثل هذه العبارات كانت للاستهلاك الإعلامي بين السودان ودولة الجنوب فذهبت هباءً منثوراً، ولم تبق إلا جذوة الخلافات ناراً متقدة ولزوجة الملفات العالقة بتكرار عباراتها الممجوجة !!
سلفاكير ذهب باحثاً عن العلاقات المتينة و(المفيدة) في أحضان إسرائيل وهو كرئيس دولة في غنى عن الوصاية ويعرف جيداً من أين تؤكل الكتوف (السمينة) !!
سنرى شكل التعاون الذي سيحدث عاجلاً بين دولة الجنوب وإسرائيل، وعلينا أن نتحرك ليكون لنا دور إيجابي في الجنوب؛ إن أردنا خيراً لنا ولهم، وإلا فعلينا التحسب لما يمكن أن تنتج عنه تلك العلاقة وذلك التعاون بين دولة إسرائيل التي لا تربطنا بها إلا الكوارث ؛ ودولة الجنوب التي تربطنا بها الجغرافيا والتاريخ والمصاهرة وسوء العلاقات.. للأسف !!
و
ناب عن طيب لقيانا تجافينا !!
نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]