الطيب مصطفى : بين عبد الله الطيب وزكريا بشير

[JUSTIFY]حقَّ للدكتورة مزاهر محمد أحمد عثمان أن تغضب لتجاهل منظِّمي الاحتفاء بعالمنا الجليل بروف عبد الله الطيب.. تجاهلهم لبروف زكريا بشير إمام الذي كتب عن عبد الله الطيب سِفْراً خالداً بعنوان (عبد الله الطيب البحر الزاخر).
دهشتُ والله عندما علمتُ من مقال د. مزاهر أن زكريا لم يُدعَ لكل فعاليات الذكرى العاشرة للعلامة عبد الله الطيِّب بينما دُعي من وددتُ أنَّهم صمتوا وهم يتحدَّثون عن المحتفى به، فقد شاهدتُ في برنامج تلفزيوني جزءاً من الاحتفال واستغربتُ أن أحد المنظِّمين أوقف بروف الحبر يوسف بحجة انتهاء الوقت المخصَّص له ثم سمح لآخرين أقل شأناً وعلماً ومعرفة بعبد الله الطيب أما الحبر فقد كان يفيض بعلمه على الجميع ويحكي عن الرجل ما تحتاج إليه الأمة لتوثيق سيرة العلامة عبد الله الطيب.
ليت من يجهلون بروف زكريا قرأوا جزءاً من سيرته الذاتية فقد عاصرتُ الرجل في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث عمل محاضراً مرموقاً في جامعتها بمدينة العين وليت الناس علموا عدد الكتب التي ألفها الرجل باللغتين العربية والإنجليزية التي كتب بها يدعو غير المسلمين إلى الإسلام ويذبُّ عنه ويذودُ عن حياضه.

ألا رحم الله عالمنا النحرير عبد الله الطيب الذي يزيدني شرفاً وتيهًا
أنه أدار جامعة الخرطوم خلال الفترة التي درسنا بها وكنتُ أحد تلاميذه.
سلام على العلامة عبد الله الطيب في الخالدين
في الذكرى العاشرة لرحيل العلامة

عشرة أعوام مضت على رحيل عميد اللغة العربية ومفسِّر القرآن الكريم بروفيسور عبد الله الطيب والمربي الأول والأديب الأريب الحسيب النسيب، الذي ينحدر من سلالة المجاذيب أهل القرآن والمسيد وسادة دامر المجذوب، ففي بربر السلوى وفي الدامر الخلوة ــ وما زال مكانه شاغراً لا يُسدُّ ــ وهو الذي نهل من معين اللغة العربيَّة حتى فاض على غيره كما نهل من ثقافة الغرب ولغة جون دون وملتون وبايرون وإليوت وديكنز وجورج إليوت حتى فاق هؤلاء جميعاً فصاحة وبياناً. (عبد الله الطيب ذلك البحر الزاخر) كما كتب عنه زوجي البروفسير زكريا بشير إمام فزكريا تتلمذ على يد العلامة ونهل من معينه الصافي واستظلّ بوارف رياضه الغنّاء. وأذكر أن خبر موت البروفسير عبد الله الطيب قد جاء وقعُه كالصاعقة المدوِّية على زكريَّا وكنا وقتها بجامعة قطر وجلس على مكتبه ودموعه تنساب على دفتره وبدأ في كتابة مقالة تعبِّر عمَّا يجيش في وجدانه لمعلِّمه ولم يتوقف القلم ولم تتقهقر الكلمات بل انسابت في عفويَّة وسلاسة حتى غمرت أرجاء المكان وهي ترسم لوحة رائعة لعبد الله الطيِّب ومؤلَّفاته.

إن ما خطَّته يمين بروفسير زكريا كان من عمق الخاطر وما يحمله من ذكريات وعواطف جياشة ومحبَّة ومعرفة وثيقة منذ ستينات القرن الماضي لهذا العملاق العظيم والفلتة التي قلّما يجود الدهرُ بمثلها.. بروفسير زكريا بالنسبة للذين لا يعرفونه فيلسوف عاشق للعلم والأدب والعلماء وتخصُّصه الدقيق في الفلسفة وعلم المنطق إلا أنه عربي فصيح اللسان قوي الحجة والبرهان، وعندما كتب عن معلمه بروفسير عبد الله الطيب كان ذلك من باب الحب والعرفان وقد لا يكون متخصِّصاً في اللغة العربية ولكنه يجيد الكتابة بها وهو الذي كان دوماً على قوائم النابغين والأوائل فقد درس الثانويَّة ببورتسودان وبزّ أقرانَه ودرس بجامعة الخرطوم ومُنح جائزة شل لأحسن طالب بكلية الآداب وعندما ألقى إليه عصا الترحال سافر صوب بلاد العم جون لدراسة الماجستير في الفلسفة، منحته جامعة درم ببريطانيا درجة
الـ (M. litt: Master of Letters) وهي تُعتبر فوق الماجستير، ذهب إلى بلاد العم سام (بتسبيرغ – بنسلفانيا) بالولايات المتحدة الأمريكية بمنحة زمالة أندروميلون (Andrew Mellon Fellowship) والتي تعطى للطلبة المتفوقين (outstanding and promising students) ودرس بجامعة بتسبيرغ وهو يحضِّر لدرجة الدكتوراه ونالها بامتياز.
وما أردتُ أن أسرد سيرة زكريا الذاتية إلا أنني قصدتُ أن تصل رسالتي للذين نظموا المؤتمر العاشر لذكرى رحيل عبد الله الطيب ولم يكلِّفوا أنفسهم أن يقدموا دعوة لبروفسير زكريا ولو من باب أنه أحد تلاميذ المحتفى به ومن أحبهم إليه ناهيك عن أنه ألَّف سفراً خالداً عن العلامة نفدت حتى الطبعة الرابعة منه في الأسواق.

قبل عدة أعوام قامت نفس الجهة المنظمة وما يسمى الآن (بمركز عبد الله الطيب) بورشة في قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم وكان لي الشرف أن أكون حاضرة ورأيت وسمعتُ كيف قابلت هذه المجموعة كتاب (عبد الله الطيب ذاك البحر الزاخر) بطريقة غير علمية وحاولت أن تفتح نيران انتقادها على الكاتب على أساس أنَّه دخيل على مجال اللغة العربية، وأذكر أنني تصدَّيت لذلك لا انتصاراً لزوجي وإنما إحقاقاً للحق فقلتُ لهم ما معناه أنتم المتخصصون في اللغة العربية وأشاوسها وتلامذة العلامة ومحبوه لماذا لم تقدموا عملاً عنه ولم لا يسرُّكم أن غيركم فعل وأنتم كما تزعمون أحق بالعلامة من غيركم؟؟ وهل يضيركم أن فعل زكريا غير المتخصِّص في اللغة العربية وآدابها ما لم تفعلوه. هل يُثاب على ذلك أم يُنتقد ويُعنَّف (مالكم كيف تحكمون)!!
نفس المركز نظم مؤتمراً خارجياً بالمغرب ولم يدعُ له زكريا.. ماذا جرى للسودان وأهله؟؟ بالماضي كنا نقدِّم غيرنا ونفرح ونبتهج لتفوق بعضنا بعضاً واليوم نحجب ونهمِّش غيرنا ولا نرى سوى أنفسنا ونهضم حقوق غيرنا.
وأختم بقول المتنبي الذي ما فتئ العلامة الراحل المقيم عبد الله الطيب يكرره.
أُعادي على ما يوجب الحُبَّ للفتى وأهدأُ والأفكارُ فيَّ تجولُ
د. مزاهر محمد أحمد عثمان
الأمين العام للاتحاد النسائي الإسلامي العالمي
الخرطوم 25/ يونيو/ 2013م.
[/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version