عيالنا عيال علب

عيالنا عيال علب
عندما نجح حزب العمال البريطاني في إدخال أعداد غير مسبوقة من النساء في البرلمان في عام 1997، حسب أنه اثبت تقدميته، ولكن القشرة التقدمية سرعان ما سقطت، عندما عارض الذكور من النواب العماليين قيام زميلاتهم النائبات بإرضاع صغارهن من أثدائهن خلال الجلسات الرسمية للبرلمان، ولكن اللوبي النسائي انتصر وصار من حق نائبة البرلمان ان ترضع وليدها من صدرها، حتى ورئيس الوزراء يتحدث أمامها عن شرور الإرهاب «الإسلامي»، وفي المقابل فإن الموضة عندنا تقضي بعدم إرضاع المواليد إلا حليبا اصطناعيا، لأن الأُم لا تريد لنهدها ان يترهل ويفقد تماسكه: ان يفقد الطفل الرضيع عافيته وتماسكه بسبب الحليب المعلب، فهذا «ما فيه شيء»، المهم أن «ينهمد وينكتم» كي تركز ماما على المسلسل التركي، أو تجد الوقت الكافي لتبادل نشرة الأخبار المحلية مع الصديقات عبر الهاتف، أما أن تفقد ست الحسن تماسك نهدها فـ «ما يصير»، ومن تفعل هذا تختر طائعة أن تجعل رشاقة شكلها العام أكثر أهمية من صحة وليدها، ثم إن ضحالة المعرفة والثقافة جعلت بعضهن يعتقد ان إرضاع المواليد لا تقوم به إلا النساء المتخلفات، ومن ثم تجد الملايين من ابناء وبنات الوطن العربي ينطبق عليهم وعليهن قول القاص السوداني مصطفى مبارك «أبناء حليب النيدو»، لأن علاقة معظم المواليد بشركة نستله التي تنتج النيدو أقوى من صلاتهم بأمهاتهم، وهناك أبناء اس ام ايه الذين يصبحون بعد بضعة اشهر ابناء بالتبني لسريلاك او فارليز! وربما يبتسم القارئ بخبث لانه يدرك ان ابا الجعافر ذو ثقافة عالية في مجال الأطعمة المحفوظة المخصصة للرضع، وحقيقة الامر هي انني احب تلك الأطعمة كثيرا، بعد أن حرمتني منها «مامتي»، كما حرمني «دادي» من البلاي ستيشن والنينتيندو، وكنت اذا أعددت سريلاك لأحد عيالي آكل نصفه، فقد ولدت لأم كانت مستعدة لبذل لحمها ودمها لضمان عافيتي، وشربت من لبنها حتى صارت أسناني الافريقية خطرا عليها، فأوكلت أمر إطعامي الى معزة لم تقصر معي ومنحتني من حليبها الطازج غير المبستر ما جعل أسناني اكثر قوة وقدرة على أكل الكوارع!! ولكنني كنت محروما من السريلاك، فصرت أشتريه بزعم انني أريده لعيالي ثم ألتهمه منتشيا، ولكنني لست حزينا لأنني نشأت محروما من البامبرز الذي أعتبره أداة قمع، لأنه يصادر حرية الصغار في التعبير عن ضرورة بيولوجية، وما جالست رضيعا إلا وحررته من البامبرز، وما التقيت طفلا دون العام إلا وحررته من الحذاء، فقد أصبحت موضة ان يتم إلباس الرضيع حذاء من باب الوجاهة، رغم اننا نحن الكبار نتحايل للتخلص من أحذيتنا لأنها اكثر ما يضايقنا من بين كل الملبوسات. (لو عرفت اسم مخترع الكرافتة لنزلت الى قبره وخنقته لأنه اختراع سخيف ومع هذا صار دليل الوجاهة والأناقة والمكانة.. والله منعوني في دولة عربية من دخول احد الأندية لأن ملابسي لم تكن لائقة.. لم أكن مبهدلا أو **** حاشا، بل بسبب عدم ارتدائي كرافتة).
المهم لست بحاجة الى تذكير الأمهات بأن لبنهن هو الذي يحصن أطفالهن ضد الأمراض وضد السمنة، وان صدورهن ستترهل طال الزمن ام قصر، اما الأولاد والبنات فيبقون أولادا وبنات الى الأبد! فيا أخت لا تعبثي بصحة طفلك، لتحافظي على مظهرك، فما قيمة أن يكون كل جسمك مشدودا ومتناسقا وعيالك مكعكعين يعانون الزكام والاسهال والالتهابات باستمرار لأنك لم تزوديهم بالمناعة التي زرعها الله في صدرك كي تنقليها إليهم وليس لتتفشخري بصدرك!!
جعفر عباس
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]
Exit mobile version