نعم! غزة ورام الله و الناصرة يحتفلون بفوز الشاب الفلسطينى محمد عساف بلقب عرب أيدول، شباب بأعداد هائلة ترقص وتهلل على نيله هذا اللقب وكأن عسّاف حررَّ فلسطين! وما أدهشني أكثر تبعات هذا اللقب (السِحري) فقد قام رئيس السُلطة الفلسطينية الذي شهد حفل التكريم بمنحه لقب سفير النوايا الحسنة مع مزايا دبلوماسية!!
لم يُحالفني الحظ في مُتابعة حدث العصر الفريد مِن نوعه عرب أيدول (Arab Idol) فلستُ مِن ذوي الحظ الثري الذي يوفر لي الفُرص النادرة! فرُغم الضجة التى كانت تُصاحب جميع مراحل البرنامج الغِنائي المذكور إلا أن ذلك لم يدفعني للحرص على مُشاهدة حلقة واحده منه حتى نهاية الموسم ولكنني سمعتُ عن الفشل الذريع الذي حُظيتْ بِه المُحاولات السودانية على إمتداد مواسم عرب أيدون والخيبات التي حصدوها مقرونةً بإستهتار وسُخرية لجنة الحُكّام.
لا زِلتُ أحترم أهواء من يحبون مُشاهدة أمثال هذه البرامج التي تقوم على الإثارة والتشويق والتسابق نحو هدف باهت لا يعدو أن يكون شهرةً خاطفة تفتح أبواباً للفائزين والمُشاركين لصعود سُلم النجومية بسرع الصاروخ، فالمرحلة التى يجتازها غيرهم فى عشرات السنوات يكتسحونها في بضع أسابيع و لكننى غير مُقتنعة أبداً بأن لهذه البرامج فائدة سوى إلهاء الشباب وتبديد أوقاتهم بالمشاهدة و المتابعه وصناعة فرح وهمي.
لا نُنكر الدور الكبير للفن فى تبني بعض القضايا التي قد تعجز عنها السياسة أحياناً، ولا نستكثر على الناس فرحتهم وتجمعهم حول شخص ما حتى وإن كان ذو بطولة زائفة و صاحب إنجاز وهمي، فعسّاف لم يفعل شئ سوى أنه صدح بصوته أمام منصة عرب أديول مع دفعة كبيرة من تصويت الجمهور الذي كان دافعهم التعاطف مع قضية فلسطين التي تمثلت فى صوت عسّاف (الذى لا يحلو من موهبة بالطبع)، إذ تُقدّر قيمة المبالغ التي تمّ صرفها على التصويت طيلة الأشهر الماضية بما يُعادل بحوالى 40 مليون دولار!!
لا أدري إن كانت الإحباطات السياسية و الإقتصادية هي من تدفع بِنا للتمسك بِطوقِ الأوهامِ علها تُنجينا من غرقٍ وشيك في بحرها العميق؟ أم أنه سيكون لتلك الظواهر دور فعّال في المُستقبل القريب فى حل إشكالاتنا العالِقة وتنطبق علينا مقولة المثل القائل (يضع سِرو فى أضعف خلقو)؟
همسات – عبير زين