بدأ حجاج بيت الله الحرام صباح اليوم التاسع من ذي الحجة التوجه إلى صعيد عرفات الطاهر لأداء ركن الحج الأعظم، وذلك بعد مبيت ليلتهم في منى.
وتشق مواكب ثلاثة ملايين حاج -وفق تقديرات السلطات السعودية- الطريق إلى عرفة في أجواء إيمانية مهيبة، تلهج ألسنتهم بالتلبية والتكبير والدعاء، وقد ارتفعت أكفهم بالتضرع لله تعالى طلبا للمغفرة والرحمة.
ويقضي ضيوف الرحمن يومهم على صعيد عرفات، حيث يؤدون صلاتي الظهر والعصر قصرا وجمعا، قبل أن ينفروا من عرفات إلى مزدلفة مع مغيب شمس هذا اليوم.
ويعد قضاء يوم التروية وليلته في منى ندبا ولا يشترط لصحة الحج، بينما لا حج لمن لم يقض جزءا من اليوم في عرفة.
وسمي يوم الثامن من ذي الحجة بيوم التروية حسب الغالب من الروايات، لأن أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام “تروى” فيه مفكرا لينظر إن كان سيذبح ابنه الوحيد إسماعيل استجابة لرؤيا رأى فيها أمرا من ربه بالذبح أم لا، فلما تكررت الرؤيا في ليلته عزم في اليوم التالي وهو يوم عرفة على تنفيذها.
أسر بأكملها وشبان منفردون وعجائز افترشوا الأرض (الجزيرة نت)
افتراش الطرق
ورغم الإجراءات الأمنية المشددة ومناشدات السلطات لحجاج الداخل بتجنب الحج دون الحصول على التصاريح اللازمة انتشرت أعداد ضخمة من الحجاج أمس في شوارع منى وميادينها خارج المعسكرات المحددة لذلك.
وغطى حجيج قدموا من داخل مكة على ما يبدو الأرصفة والجزر الفاصلة بين الشوارع فيما كان رجال الشرطة يبذلون جهودا كبيرة لإبقاء حركة السير متدفقة في تلك الطرقات.
وافترشت أسر بأكملها وشبان منفردون وعجائز الأرض وبسطا صغيرة فرشوها في المساحات الخالية بين المخيمات أو الممرات، بينما أقامت مجموعات أخر خياما فوق الجبال القريبة داخل منى وعلى الجدران الإسمنتية الاستنادية لبعض المباني الحكومية في المكان.
ورغم الأعداد الضخمة لم تشهد الطرق الرئيسة الرابطة بين مكة المكرمة ومنى ازدحاما كبيرا، وبدا أن الإجراءات التي اتخذت للحد من تدفق الحجيج قد ساهمت إلى حد كبير في تخفيف حدة الازدحام المروري المعهود في مواسم الحج السابقة.
معيار النجاح
وتقول مصادر سعودية إن يوم عرفة هو المعيار لنجاح الحملة، إذ يصعب ضبط الطرق الداخلية الواصلة بين مكة وخارجها، وكثيرا ما يبدأ حجاج من الداخل حجهم يوم عرفة، إذ يطوفون طواف القدوم ويسعون بين الصفا والمروة قبل أن يتوجهوا إلى عرفة للوقوف جزءا من النهار أو جزءا من الليل أو يجمعوا بينهما قبل أن ينفروا إلى مزدلفة.
السعودية حذرت الحجيج من انتشار
أمراض الجهاز التنفسي (الجزيرة نت)
فإن لم يكن لديه متسع من الوقت أجزأه كما يقول علماء الشريعة الإسلامية أن يبدأ حجه بالوقوف في عرفة قبل فجر يوم العاشر من ذي الحجة الموافق ليوم عيد الأضحى، ثم يستكمل ما فاته وعليه أن يذبح شاة للمستطيع فإن لم يستطع صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا عاد لبيته.
وما يلفت النظر هنا المعرفة الواسعة للناس بأحكام الحج وتفاصيله، فالسائقون ورجال الشرطة والمرافقون يعرفون تفاصيل المناسك وأحكام الحج لطول التعايش معها، وهي مناسك يراها كثير من الحجيج صعبة الحفظ والاستحضار.
استكمال الاستعدادات
في الوقت نفسه أعلنت السلطات السعودية أنها استكملت استعدادات فرق الدفاع المدني في عرفة، ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن قائد قوات الدفاع المدني بالحج اللواء سليمان بن عبد الله العمرو قوله إن وحدات الدفاع المدني أكملت انتشارها في مشعر عرفات، وإن دوريات راجلة وراكبة تمركزت في المواقع المحددة لها.
وكانت وحدات الدفاع المدني نفذت في الأيام الماضية سلسلة تجارب للتأكد من قدرتها على مواجهة أي حوادث قد تقع لا قدر الله. وتخشى أجهزة الدفاع المدني من محاولات بعض الحجيج استخدام مصادر الغاز في أعمال الطهي.
في هذه الأثناء حذرت وزارة الصحة السعودية الحجيج من أمراض الجهاز التنفسي التي تتصاعد احتمالات الإصابة بها بسبب ازدحام الحجيج في مواقع المشاعر المقدسة. وحثت الحجاج على استخدام كمامات الأنف مع تنبيههم لضرورة استبدالها حتى لا تصبح مكانا لتجمع الجراثيم والغبار.
الجزيرة نت