محمد الطاهر العيســـابي : حرائق النخيل بالشمالية .. تكرار الخطأ ( دون ) تصحيح !!

[JUSTIFY]يقول الحديث الشريف ( لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ) في الولاية الشمالية ( نلدغ ) من نفس الجحر ( مائة ) مرة فيما يتعلق بظاهرة حرائق النخيل ، ويتم تكرار نفس الخطأ دون أخذ العبرة والحيطة والحذر ! .
تكررت ظاهرة (حرائق النخيل ) بالولاية الشمالية عدة مرات ، دون البحث عن حلول أو معالجات ، وفي تقرير ضافٍ نشرته صحيفة ( السوداني ) في الأيام الماضية بعنوان ( ظاهرة حرائق النخيل من يقدح الزناد ) أشار التقرير الى أن 93 ألف شجرة قضت عليها النيران منذ العام 2006 بخسائر قدرت بـ ( 500 ) مليار جنيه سوداني ، وخلٌص التقرير أن النسبة الغالبة لاسباب الحريق ترجع إلى المزارعين أنفسهم بإشعال النار وسط الجنائن للتخلص من المخلفات خلال عملية النظافة استعداداً للحصاد مما يتسبب في تطاير الشرر مع الرياح واشتعال النيران بصورة هائلة لتقضي على المَزارع !! فابلأمس القريب شب حريق هائل بجزيرة بروس بمنطقة تنقسي الجزيرة محلية الدبة فقضى على أكثر من ألفي نخلة ( مثمرة ) قاربت للحصاد غير الخسائر بمزارع الخضر والفاكهة القريبة من الحريق ، وقبلها بأسبوع ( بقرية سلب) بنفس المنطقة وقد قضى على اكثر من ثلاثة آلاف نخلة !
إستمرار ( الظاهرة ) يعني إفقـــار الأسر التي تعتمد معظمها على دخل إنتاج هذا النخيل من التمور والذي يعد ( المصدر الرئيسي ) لدخلهم السنوي . فالنخيل يشكل لسكان الولاية ( شريان الحياة ) ، ويبذلون فيه كل جهدهم ووقتهم ومالهم في إنتظار حصاد السنوات ، فزراعة النخل ليست بالأمر السهل كمحصول آخر ذي عائد ( سريع ) فالنخلة تحتاج إلى ( إنفاق ) عليها من تكاليف ري وعناية ونظافة ، لتثمر بعد 3 ـ 5 سنوات !!

فإذا ( عرف السبب بطل العجب ) ، نستغرب للتساهل والمجاملة مع ( المتسببين ) في هذه الحرائق ،على حساب الآخرين من الفقراء والضعفاء مما يخلق نوعاً من اللامبالاة وتكرار الظاهرة . فيضيع شقاء السنين هباءً منثورا بفعل ( طائش ) لايقدر المسؤولية !

فالقضاء على هذه ( الكوارث ) يتطلب حزمة من الحلول أولها التوعيّة والإرشاد الزراعي للمزارعين في كيفية التعامل مع ( مخلفات النظافة ) والتخلص منها ، ففي الماضي كان إضرام النار قرب النخيل فعلاً محرماً لايقوم به شخص عاقل ، أما الآن فهناك كثير من التهاون واللامسؤولية في مايخص هذا الفعل ( المحظور ) .

كمايجب ( سنّ ) قوانين محلية تتعامل بحزم مع كل من يعرّض ممتلكات غيره للاخطار والهلاك و أن يسمح الأهالي للقـانون أن يأخذ مجراه مع ( المتسببين ) في هذه الحرائق دون ( جوديه ) حتى يكون رادعاً لغيرهم ليأخذوا حذرهم ويقوموا بإحتياطات السلامة اللازمة عند التعامل مع مخلفات الجنائن !!

وإلا كيف ( سنكافح ) الظاهرة إذا كنا نقف ( حجرة عثرة ) في تطبيق القانون ونشكل حماية ( للمهملين ) واللامبالين ( بلقمة عيش ) المساكين !!

ثم بعد ذلك يأتي دور توفير عربات الإطفاء فلايعقل أن محلية كاملة ( كمحلية الدبة ) لايوجد بها عربة إطفاء واحدة فتضطر للإستعانة بعربة الطيران المدني ( الوحيدة ) !! بل أن حرائق النخيل تحتاج ( لطائرة إطفاء ) وليس عربات فحسب في ظل وعورة الطرق وإرتفاع سيقان النخيل وتشابكها ، ( فجزيرة بروس ) التي احترقت بالأمس كمثال لايمكن لأي عربة إطفاء الدخول اليها لإحاطة النيل لها من كل الجهات وعدم توفر جسر عبور أو مواعين عائمة لدخول العربات ! فجزر مثل هذه وغيرها بالولاية تحتاج ( لطائرات رش ) تحتوي الكوارث بسهولة ويسر !
تجاهل حكومة الولاية ( محيّر ) رغم تكرار هذه ( الكوارث ) بشكل ( مفجع ) ورغم الخسائر الكبيرة التي تلحقها هذه الحرائق للمواطنين واقتصاد الدولة نفسها بفقدان هذه الثروة القومية ، فحتى الآن لم تتخذ إجراءات ( جادة ) حيال معالجة هذه الظاهرة ( المتكررة ) ، ولاحتى ( إتجاه ) لتعويض المتضررين الذين فقدوا مصدر ( قوتهم ) الرئيسي ولو بأضعف الإيمان .

[/JUSTIFY]

بقلم : محمد الطاهر العيسـابـي
[email]motahir222@hotmail.com[/email]

Exit mobile version