وجاء في تفاصيل تقرير مفوضية تخصيص الإيرادات المتعلق بالنصف ألأول من هذا العام، أن نصيب الحكومية القومية 72.5%، فيما بلغ نصيب حكومات الولايات السبع عشرة 27.5%، وذلك من جملة الإيرادات القومية والتمويل الخارجي.
وبلغت جملة الإيرادات بموازنة عام 2013بخلاف المنح، 23398 مليون جنيه، خصص منها 7705 مليون جنيه لحكومات الولايات، وذلك عبر بنود التحويلات الجارية المخصصة، والتحويلات غير المخصصة، وتحويلات المكونين المحلي والأجنبي، ونصيب أبيي وجنوب كردفان من البترول.
وكان اجتماع قد جمع النائب الأول بولاة الولايات في فبراير الماضي تقرر خلاله أن يتم تحويل انصبة الولايات لهذا العام مثلما حدث في 2012 لكل التحويلات الجارية والتعويض الزراعي، على أن يخصص من مبلغ الزيادة في التحويلات الجارية غير المخصصة «100» مليون، لولايات «البحر الأحمر» «24 مليون»، جنوب كردفان « 18مليون جنيه»، النيل الأزرق «18» مليون جنيه، جنوب وشرق دارفور «22» مليون» بوصفها معالجات لسد عجز المرتبات بها، على ان يخصص المتبقي «18» مليون لولاية غرب كردفان المزمع إنشاؤها خلال العام الحالي.
وبلغت نسبة الأداء في التحويلات الجارية وهي التي تخصص للفصل الأول 99%، فيما تم الايفاء بحسب تقرير المفوضية بالتعويض الزراعي بنسبة 100%، اما التحويلات الرأسمالية وهي تلك التي تخصص للتنمية بالولايات فقد جاءت متواضعة ولم تتجاوز نسبة 39%.
ويبدو التفاوت بين انصبة الولايات الشهرية من الموارد القومية واضحاً، وعلى سبيل المثال نالت الخرطوم رغم تعدد مواردها المحلية خلال النصف الأول من هذا العام «203» ملايين جنيه، واقل نصيب نالته ولاية شرق دارفور وبلغ «16» مليون، ونالت الجزيرة ما يعادل انصبة اربع من ولايات دارفور، بالمضافة إلى نسبة البحر الأحمر، وبلغ نصيب الجزيرة «180» مليون.
وفي ما يتعلق بالتحويلات الرأسمالية المخصصة للتنمية، فقد تم تمويل بند مشروعات محددة بمبلغ «307» ملايين جنيه، علماً بأن الاعتماد النسبي يبلغ «887» مليون جنيه، فيما كان نصيب صناديق الإعمار «197» مليون جنيه، وهناك بند يسمى «مشروعات غير محددة» تبلغ ميزانيته عشرين مليون جنيه.
وكما فعلوا العام الماضي، صوب أعضاء مجلس الولايات سهام النقد وصبوا جام غضبهم على أداء ومعايير مفوضية تخصيص الإيرادات، وابدوا دهشتهم من نيل الحكومة الاتحادية 75% من الموارد القومية والمنح الخارجية، معتبرين أن هذا يمثل خطورة بالغة على مجمل ألأوضاع بالولايات، التي قالوا إنها تعاني في توفير أبسط مقومات الحياة لمواطنيها، وبلغ الاستياء لدى بعض الأعضاء مداه، وذلك حينما طالبوا بالغاء المفوضية والاستعاضة عنها بجسم ينصف الولايات وفق معايير تراعي أن الموارد القومية تأتي من الولايات وليس المركز.
وكان النائب البرلمانى وممثل ولاية جنوب دارفور صلاح على الغالى، قد شن هجوماً على المفوضية وطالب بإلغائها وقال «انا وصلت إلى قناعة انه لا داعى لهذه المفوضية أطلاقاً»، مشيراً إلى أنها لا تتقيد بتوصيات وقرارات لجنة الخبراء المكونة لذات الغرض.
بينما تساءل ممثل ولاية الجزيرة، حاج ابو سن، عن سبب إعطاء المركز 72% من الإيرادات المالية مقابل اقل من 27% من الإيرادات للولايات، ولفت إلى أن إيرادات الولايات تم انقاصها هذا العام إلى اقل من العام الماضي، وأشار إلى انه يعيب قانون المفوضية الذي يخصص إيرادات كبيرة للمركز على حساب الولايات، في حين أن مؤسسات ألإيرادات العامة الرئيسية كلها في الولايات على حد قوله.
ومثلما شن النواب بمجلس الولايات هجوما على مفوضية تخصيص الايردات في العام السابق وقبل أيام، فإن حكام الولايات وعدد من وزراء حكوماتهم عبروا خلال هذا العام عن بالغ سخطهم من ضعف التدفقات النقدية من المركز، وطالبوا بإعادة النظر في قسمة الموارد، وكان أبرز من تحدث في هذا الصدد واليا الجزيرة والبحر الأحمر ووزير المالية بولاية القضارف، معتبرين أن المركز يستحوذ على معظم موارد البلاد والقروض الخارجية، ولا ينصف الولايات التي كشفوا عن انحصار أداء حكوماتها في توفير وصرف الفصل الأول، وتجاهل التنمية والمشروعات الخدمية نسبة لضعف الدعم المركزي.
أذن هي سيطرة مركزية، تقابلها شكاوى ولائية، في ظل نظام تسميه الحكومة بالفدرالي، وقد تتسق نسبة الحكومة الاتحادية مع ما أشار اليه مؤتمر الشورى الأخير للحزب الحاكم الذي أوضح انه حزب مركزي وان كل التابعين له في الولايات تتم أدارتهم من العاصمة.
الا أن لممثل ولاية نهر النيل بمجلس الولايات هشام البرير وجهة نظر مغايرة عن عمل المفوضية، ورأى أن الإشكالية في الولايات، وأشار إلى أنها تخلط بين الفصل الأول والثاني فى الموارد، ولفت تلى أن المفوضية يجب أن تعطى الجزء المهم فقط قي ايرادات الولايات والباقى على الولاة أن يتصرفوا لتوفيره من الموارد المحلية للولاية، وحمل الولاة مسؤولية نقص الإيرادات فى الولايات.
ويعتقد المحلل السياسي عبد الله ادم خاطر أن المؤتمر الوطني يبسط سيطرته على كل مناحي الحياة بالبلاد، وانه يفضل سياسة «المركزة» سياسياً واقتصادياً، معتبراً في حديث لـ «الصحافة» احتجاجات حكومات الولايات ونواب البرلمان على اختلال قسمة الموارد لا يمكن أن تثمر عن إيجابيات لجهة انهم ينتمون للحزب الحاكم الذي اكد انه مركزي، وقال ان نتاج القسمة غير العادلة للثروة من شأنه الانعكاس سلباً على الأوضاع بالولايات عبر ازدياد الهجرة نحو العاصمة وتدني الإنتاج وتمدد الفقر وضعف الخدمات، وفتح المجال على اثر ذلك للتدخلات الخارجية.
الا أن هناك من يرى أن الحكومة القومية توجه جزءاً مقدراً من نصيبها في موارد البلاد والمنح الخارجية صوب بند الأمن والدفاع، وأنها ظلت مجابهة بتحديات أمنية وعسكرية، غير أن مراقبين يعتبرون أن الحكومة أذا لجأت إلى سياسة احتواء الأزمات في مهدها عبر الحوارات مع الجماعات المحتجة على سياساتها، ما كان لها أن تواجه تحديات أمنية، ويعتبرون أن التنمية هي المدخل الحقيقي للحيلولة دون وقوع المخاطر الأمنية.
وقريباً من هذا، يشير المحلل السياسي والاستاذ الجامعي البروفيسور صلاح الدين الدومة إلى نماذج عالمية لتوزيع الثروة بين المركز والولايات، ويكشف في حديث لـ «الصحافة» ان الدولة الوحيدة في العالم التي تعطي الولايات اكثر من المركز هي الحكومة الإثيوبية وذلك بنسبة 60% و40% للحكومة القومية، ويقول الدومة أن هذا جعل الصناديق العالمية تقدم دعماً ومنحاً للحكومة الإثيوبية وتشيد بها.
ويلفت الدومة إلى أن الأرقام التي تشير إليها وزارة المالية المتعلقة بقسمة الموارد، غير حقيقية، وقال إنها مجرد أرقام ولا علاقة لها بالواقع الذي يوضح أن 98% من الميزانية القومية والمنح الخارجية ينالها المركز، فيما تنال الولايات 2% فقط.
وقال المحلل السياسي صلاح الدين الدومة أن احتجاج نواب الولايات بالهيئة التشريعية ومجلس الولايات يقارب ذر الرماد في العيون، وذلك لأن النواب بحسب صلاح لا يملكون القدرة على محاسبة الجهاز التنفيذي، الذي قال إنه يقوم بتعيين النواب، ويؤكد الدومة أن القسمة الحالية للموارد ستزيد الأوضاع في البلاد تعقيداً. [/JUSTIFY]
صحيفة الصحافة