[JUSTIFY]
بقي من زمن برنامج «تسخين الخرطوم» الذي أعلنته الجبهة الثورية وبالتضامن والتنسيق مع الحركات المسلحة والطابور الخامس والخلايا النائمة والأحزاب «الما وطنية»… بقي فقط أربعة وسبعون يومًا… وهذه تحوي ثمانية عشر يوماً عبارة عن إجازات جمعة وسبت… وتحوي ثلاثين يوماً بتاعة رمضان وتحوي خمسة أيلم للعيد الصغير… ولا أدري إن لم تكن الجبهة الثورية وتوابعها من الأحزاب الما وطنية كانت غير قادرة على عمل أي حاجة خلال أربعة وعشرين عاماً فكيف تقدر على فعل شيء فيما تبقى من أيام بعد خصم الإجازات المذكورة… ولابد أن «مشروع تسخين الخرطوم» كان يحتاج إلى «طوَّة» أكبر من طوَّة الجبهة الثورية وأحزابها الما وطنية… وفي هذا لعلنا نستدعي الطرفة التي تقول إن إحدى السيدات كانت قد زارت خصيصاً صديقتها في أم درمان حتى تتعلم منها الطريقة المثلى لإعداد «السمك»… واستجابت المضيفة وأحضرت السمك وبدأت في تعليم صديقتها… وكان أول الدروس هو أنها أحضرت السكين وقطعت رأس السمكة ثم قطعت الذنب بحيث بدت السمكة وكأنها مستطيلة الشكل… والصديقة المتعلمة سألت أستاذتها عن السبب والقصد والهدف من قطع الرأس والذنب… والأستاذة قالت إنها لا تعرف لكنها تعلمت ذلك من أمها… وأصرت المتعلمة على معرفة الأسباب… وتم الاتصال بالأم التي قالت إنها هي الأخرى لا تعرف لماذا تقوم بقطع رأس السمكة والذنب ولكنها أيضاً تعلمت هذه الطريقة من أمها أي جدة الأستاذة… وتصادف أن الجدة كانت حية تُرزق وفي كامل وعيها وصحتها النفسية… فاتصلوا بها وسألوها عن الفوائد والأسباب التي جعلت الجدة تقوم بقطع رأس السمكة وذنبها وأورثت هذه الطريقة لأحفادها… والجدة قالت لهم إنها كانت تقطع رأس السمكة وذيلها لأن الطّوَّة «بتاعتها» كانت صغيرة جداً بحيث لا تستوعب السمكة في الزيت اذا تُركت بدون قطع…
ويبدو أن «أهلكم» في الجبهة الثورية والأحزاب الموقعة على ميثاق كمبالا لم يسمعوا بقصة «السمكة وذيلها» وظلوا يمارسون «الحراك السياسي» بنفس الطريقة التي كان يمارسها الحزب الشيوعي على أيام «ناس أزهري»… وحيث كانت البلاد تهتز وتتوقف الحركة إذا أضرب عشرة سواقين من سائقي قاطرات البخار أو إذا امتنع خمسة عمال فنيين في لاسلكي الإذاعة أو عشرون عاملاً في الكهرباء والمياه.. ولأنهم شغالين «بالطّوَّة الصغيرة» بتاعة «حبوبتهم» ولأنهم لم يستوعبوا التطور الذي حدث في أيام «الفيس بوك» و«الواتس أب» فقد اعتقدوا أن مائة يوم تكفي لتسخين الخرطوم و«لتوليعها كمان» واعتقدوا أن حركة مظاهرة «بي جاي أو بي جاي» ستكون كافية لإسقاط الحكومة و«بتلِّب عسكري» في البتاعة.. وربما يتبعهم بعض ناس الأحزاب الما وطنية. وانخدع فيهم ناس الحركات المسلحة…
ويا جماعة… لا بد أن نذكِّركم بأنه لو أضرب كل سواقي القطارات في السودان وفي دول الجوار فلن يفيدكم ذلك… وكل مظاهرة «تقوم» ستقوم «قصادها» عشرة مظاهرات… وكل إذاعة تتعطل قصادها عشرون إذاعة… وكل تلفزيون يتوقف قصاده عشر محطات تلفزيونية وكل محطة كهرباء تتبعها عشريون محطة.. و«كل زول معاهو زولين»… وكل حاجة معها حاجة أكبر منها… وكل حركة معاها بركة… ولكل فعلٍ رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه.. وهذا هو قانون نيوتن الفيزيائي الشهير… يا جماعة انتو ما بتعرفوا كيف «تشووا» السمك كيف حاتسخنوا الخرطوم؟… ياجماعة فاهمين واللا نعيد الموضوع تاني؟.
صحيفة الإنتباهة
د. عبد الماجد عبد القادر
[/JUSTIFY]