الإنترنت كمان وكمان

الإنترنت كمان وكمان
تحدثت بالأمس عن حالة الهلع والجزع التي تنتابنا كلما ظهر اختراع جديد، وأود ان اتوقف للمرة السابعة والستين بعد الألف عند الانترنت، لأنه مازال هناك ملايين البشر من العرب والعجم والتتر، يعتبرون وجود الانترنت في البيت بمثابة وجود «رجل غريب» في البيت.. قلت (رجل) ولم أقل (امرأة)، لأن فينا من يحسب ان المرأة أكثر استعدادا للغواية والانحراف من الرجل، مع ان كل الشواهد في شوارعنا واسواقنا ومؤسساتنا التعليمية تؤكد ان نسبة الجنوح والانحراف بين الشبان أعلى منها بين الشابات (هل تذكرون حكاية السعودي الذي رفع دعوى طلاق على زوجته لأنه وجدها في حالة خلوة غير شرعية مع رجال في البيت.. ومن هم الرجال؟ هل قبضت عليهم؟ هل ضربتهم او قتلتهم؟ كيف أضربهم أو أقتلهم وهم كانوا في التلفزيون؟.. نعم.. شلون كانوا في التلفزيون؟ يا حضرة القاضي كانت المدام تتفرج على برنامج ديني فيه ثلاثة رجال – مو واحد – يتكلمون وهي منسدحة جالسة قدامهم!!) وخلال زيارة للخرطوم قبل بضع سنوات فوجئت بأن معظم شباب الجامعات لا يعرف شيئا عن الانترنت، مع ان جامعاتهم تشكو قلة المراجع والدوريات.. عيب ونقيصة أكاديمية أن يكمل انسان دراسة الهندسة او الطب او اللغة الفرنسية من دون الاستعانة بالانترنت، ففي الانترنت معلومات أضعاف ما يتوافر في المكتبات الجامعية في أكثر دول العالم تقدما تكنولوجيا.. يستطيع دارس أي مادة ان يشترك في مواقع معينة للحصول على تلال من المطبوعات والمقالات والدراسات.. حتى بعض الذين يحضّرون لدرجات فوق الجامعية لم يكونوا قد سمعوا بموقع أمازون الذي تجد فيه أي كتاب يخطر على بالك.. ولا أظن أنه يمرّ بي يوم من دون استشارة موسوعة ويكيبيديا الالكترونية حول امر ما!! وتغير الحال الآن بعد ان طورت معظم الجامعات السودانية مكتبات الكترونية.
أكثر ما أزعجني في السودان هو ان خدمات الانترنت بدون رسوم اشتراك، يعني يستطيع كل من يملك انترنت وخطا هاتفيا ان يستخدم الانترنت ويدفع فقط قيمة الاستخدام (بحساب تسعيرة المكالمة المحلية).. صحيح ان الانترنت العادي يعمل في السودان كما في بعض الدول العربية الغنية بالفحم الحجري، ولكنني لا أقبل منطق من يقول ان شحّ الموارد المالية يمنعه من استخدام الانترنت.. اقول لمثل هذا الشخص: استبدل موبايلك القيافة بآخر يتناسب مع شح مواردك المالية، وعليك بشراء الملابس من الأسواق الشعبية لتوفير المال لاستخدام الانترنت.. بل تحدثت مع بعض زملائي خريجي كلية الآداب بجامعة الخرطوم في أمر «مشروع خيري» يتمثل في تبرعنا بإقامة مقهى انترنت مجاني لطلاب الكلية حتى نكون قدوة لخريجي الكليات الأخرى فيحذون حذونا.
أعود إلى موضوع الانترنت وأوجه نداء إلى الآباء والأمهات: لا تحرموا بناتكم من استخدام الانترنت لأنكم سمعتم بأن به مواقع «وسخة»، فمن يبحث عن الوسخ لا يلجأ إلى الانترنت لأن وسخه افتراضي.. ولو اردنا جميعا الهرب من الوسخ لكانت مساكننا مشتتة في الصحاري، فكم من جار تفرضه علينا المقادير ولا نسمع أو نرى منه سوى كل ما هو نتن وعفن.. في عالمنا المعاصر هناك أشياء كثيرة صالحة للاستخدام للأغراض النظيفة، ولكن هناك من يستخدمها لأغراض مشبوهة.. ولا مهرب من استخدام تلك الأشياء.. ولا عاصم من الزلق والنزق والانحراف والانحطاط سوى التحصين الذاتي.. فمن كان عوده الأخلاقي قويا لن يصبح فريسة لتجارة العفن والعطن
جعفر عباس
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]
Exit mobile version