الطيب مصطفى : مبارك الفاضل المهدي!!

[JUSTIFY]الحديث الذي أدلى به السيد الصادق المهدي عن دور مبارك الفاضل في وثيقة الفجر الجديد التي قال إنها نقلت الحرب لكل مناطق النفوذ التاريخي لحزب الأمة يكشف جانباً من الدور الخطير الذي يضطلع به مبارك في خدمة الأجندة الدوليَّة بل إنَّه يكشف ما يمكن أن يقوم به الإنسان عندما يتجرَّد من القِيم ويُصبح عبداً لشهواته ونزواته.
لفت نظري إشارة عابرة قدَّمها قرنق خلال محاضرة له في مدينة ڤيرجينيا الأمريكيَّة صيف عام «2002م» فقد تحدَّث قرنق عن دور يضطلع به مبارك لمصلحة الحركة الشعبيَّة ومن يومها سقط الرجل في نظري سقوطاً مُدوِّياً، فقد كنتُ ولا أزال أرى في الحركة الشعبيَّة وعرَّابها قرنق شيطاناً مريداً وكانت إشادة قرنق بمبارك كافية لتُنزله في نظري إلى القاع.
رغم ذلك ظلَّ الرجل يلعب دوراً في السياسة السُّودانيَّة وساقته ألاعيبها وقذارتها ليحتل موقعه في سلطة الإنقاذ، بل ساقت قرنق وباقان وعرمان وكثيراً من شياطين الإنس ذلك أنَّ المكبِّين على وجوههم ينظرون تحت أقدامهم ولا يُصنِّفون أو يُقيِّمون الناس والأشياء بمرجعيَّاتهم الفكريَّة وإنما تحملهم مقتضيات اللحظة على اتِّخاذ قرارات كان ينبغي أن يعلموا أنها لن تعود عليهم إلا بالخسران المبين.

ظلَّ مبارك الفاضل هائماً على وجهه في أرجاء الدنيا عارضاً نفسه على المشترين من كل جنس… تجارتُه وأبناؤه في جوبا ظلَّت ترهن كثيراً من مواقفه السياسيَّة.. علمانيتُه وانتهازيتُه السياسيَّة ظلتا من الكروت التي يسوِّق بها نفسه للباحثين عن مرتزقة ينغمسون بالوكالة في الشأن السياسي السُّوداني.. وكانت أمريكا من المواقع الكبرى التي ظلَّ يلهث من أجل تسويق نفسه فيها لكن متى كانت أمريكا بهذه السذاجة في انتقاء كرزاياتها؟!

مشكلة مبارك الفاضل وكثير من الساسة أنَّهم نسُوا مقولة كيسنجر القديمة المتجدِّدة التي يتغافل عنها قصار النظر (إنَّ أمريكا لا تدفع ثمن ما يُهدى إليها) فمبارك الذي رخَّص نفسَه وهو يبيعها بأرخص وأتفه الأثمان لا يمكن أن يُقنع أمريكا أو شعب السُّودان بأنه يمكن أن يحتل موقعاً في مستقبل السُّودان سيما بعد أن ربط نفسه بمن يسعَون إلى احتلال أرضه وإذلال شعبه وطمس هُويته.
ما حدث في أب كرشولا والذي أشار إليه الصادق المهدي من طرف خفي وهو يتحدَّث عن مناطق نفوذ حزب الأمة أسقط كثيرين من مستقبل السياسة السُّودانية خاصَّة أنَّ ذلك العدوان ارتبط بالمشروع الاستعماري المسمَّى بوثيقة الفجر الجديد التي أشار إليها الصادق وهي ذات الوثيقة المستنسخة عن وثيقة إعادة هيكلة الدولة السُّودانية التي نشأت بموجبها الجبهة الثورية السُّودانية وهي ذات الوثيقة كذلك التي أصدرها قرنق من قديم باسم مشروع السُّودان الجديد.

الصادق المهدي قال إنَّ مبارك هو من يقف وراء وثيقة الفجر الجديد ولكن الحقيقة أنَّ مبارك أصغر من أن يقود مثل ذلك المشروع حتى ولو كان مشروعاً تافهاً وخيانياً فهو لا يقود المشاريع الإستراتيجية إنما يلعب دور التابع الذليل الذي ينفِّذ أجندة الغير أما وثيقة الفجر الجديد فهي كما ذكرت مشروع إستراتيجي مُتجدِّد يحمله من قاتلوا ولا يزالون في سبيله في الحركة الشعبيَّة وعملاؤها في قطاع الشمال حتى لو كان أصل المشروع لدى أصحاب الامتياز من مالكي نسخته الأصليَّة في أمريكا التي انتزعت قرنق من تنزانيا حيث كان يدرس ورعته وسقته ذلك المشروع (بالدرب) «drip » قطرة قطرة.

صدق الصادق المهدي حين قال (مبارك همه الأول والأخير السلطة) نعم همه السلطة لكنه نسي أنه أسقط نفسه حين رخصها وحين رمى برافعته المتمثلة في إرثه التاريخي وأدار لها ظهره وتنكَّر لها فمن كان يعرف مبارك الفاضل من بين أبناء السُّودان لولا اسم المهدي الذي يتحلَّى به ويتجمَّل ويفاخر ويعرض؟!
يا سبحان الله!! فقد رمى برافعته حين تنكَّر لها شأنه شأن ابن عمه الآخر نصر الدين الهادي المهدي ولكم في التاريخ من عِبر فأحفاد المهدي الأكبر الذي جاهد وأذلَّ بريطانيا حين كانت إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس ونافح من أجل الشريعة وأقامها يرتمون في أحضان الأعداء ويشنون الحرب على بلادهم وشعبهم ودينهم!!

أعود لحديث الصادق المهدي عن دور مبارك في نقل الحرب لكل مناطق نفوذ حزب الأمة… إنها الحقيقة فالرجل لم يكتفِ بأن يخسر دينه ودنياه إنما شنَّ من حيث يدري ولا يدري الحرب على حزبه العريق.. ليس مبارك وحده من دمَّر حزب الأمة وإنما كثيرون وهل تقبل الطبيعة الفراغ؟!
لقد كان لتمزيق حزب الأمَّة إلى فصائل كثيرة أثره في إحداث الفراغ الذي ملأه حَمَلَة السلاح وغيرهم من شُذّاذ الآفاق ولكم أسهمت الإنقاذ في هذا التمزيق ولم تجنِ من ذلك غير الحصرم والموت والدمار.[/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version