الصادق الرزيقي : ســيكافا ومحـاكمـــة قـوش !

[JUSTIFY]يمثل تنظيم دورة سيكافا الرياضية لكرة القدم، التي تحتضنها مدينتا الفاشر وكادوقلي، حدثاً مهماً في أبعاده السياسيَّة والأمنيَّة والرياضيَّة، تستفيد منه البلاد في عكس حقائق الواقع ومعطياته على الأرض، ويجسد النشاط الرياضي وخاصة التنافسي القاري والدولي، أعلى درجات الأمن والسلام والاستقرار في أي منطقة وعلامة من علامات هدوء الأوضاع والطمأنينة العامَّة..

وتلعب الرياضة في كل صورها وأشكالها، دوراً فعالاً في بث روح التسامح والمحبَّة والسلام، ولا تتجرَّد من ارتباطها بالواقع وحدة الحافة السياسيَّة التي تقف عليها الأقدام والأجسام الفتية للرياضيين.. فكثير من حالات الحروب والنزاعات داخل الدول أو بين بلدان بعينها، كانت الرياضة تدخل في تضاعيف الصراعات وتخرج منه إما صائبة أو مصابة.. وتتأذى الحركة الرياضية مثل غيرها من القطاعات بأفعال الحروب ودمار الاقتتالات وتتحمَّل تكاليفها مثل كل المجتمعات التي تتلظَّى من جحيم البارود ولعلعة الرصاص..

وتظل الرياضة قادرة على توصيل رسالتها تحت أي سقف كانت أو ظروف، فإنها في الغالب من تاريخ الحركة الرياضيَّة في العالم كله، تتقدَّم ولا تتقهقر، تبادر ولا تتراجع.. ولذلك فإنَّ أفضل رسالة يمكن تمريرها من كادوقلي والفاشر، هي التي تحملها أجنحة سيكافا لمنطقة وسط وشرق إفريقيا التي تمثلها هذه الدورة الرياضيَّة وتنقل صورة الأوضاع وحقيقة دورة الحياة الطبيعيَّة التي أرادت الحرب وحركات التمرُّد أن تكسرها وتحطِّم وجودَها..

ولذلك يتضاعف الاهتمام بالأمن وتوفيره في الولايتين «جنوب كردفان وشمال دارفور»، ويستطيع المواطن في الولايتين وبتناغم مع الجهد الأمني للحكومتين والقوات النظامية، تقديم الصورة المطلوبة لما عليه الحال في دارفور وفي جنوب كردفان والحفاظ على جذوة التفاؤل والأمل في خروج هذه المناطق من مهب الحرب، إلى مدارج السلام والاستقرار..

ولذلك لا بد من النظر لهذه الدورة من منظار أوسع والاهتمام بتجلياتها السياسيَّة وانعكاساتها على صورة البلاد كلها، فهذا همٌّ قوميّ يجب ألّا نتركه للولايتين فقط، لأنَّ ما وراء الحدث أكبر من حدوثه هو نفسه…

محاكمة قوش.. بعد فترة طويلة من الاحتجاز وتجديد الحبس، وجَّهت المحكمة أمس الأول التُّهم إلى كلٍّ من الفريق أول صلاح عبد الله قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق ومستشار الرئيس السابق للشؤون الأمنية واللواء«م» صلاح أحمد عبد الله، تحت المواد «50، 21، 61» في التورُّط الجنائي في تقويض النظام الدستوري والدعوة لمعارضة السلطة العامَّة بالعنف والمواد «5، 6» من قانون الإرهاب، وتمَّت إحالة المتهمَين إلى المحكمة ليواجها هذه التهم.

لكن المحيِّر حقاً لدى كل متابع، أنَّه بعد الإفراج عن مدبِّري المحاولة التخريبيَّة أو الانقلابية، التي أعلن عن تورُّط قوش ورفيقه فيها، والعفو عن قيادتها العسكريَّة ومنسوبي جهاز الأمن والمخابرات وغيرهم، يكون هذا الملف وهذه التُّهم قد سقطت بالفعل في مواجهة قوش ورفيقه، فالسلطات عندما أعلنت عن كشف المحاولة أفصحت عن قيادتها من ضباط الجيش وهم الجهة التي تتولَّى تنفيذ أي انقلاب عسكري في العالم، فهؤلاء القادة من العسكريين تم العفو عنهم وأُطلق سراحهم، فلا يوجد مبرِّر بعدها يمكن أن يُعتمد عليه في محاكمة قوش ورفيقه بذات التهمة التي جاءت فيها الأحكام في المحكمة العسكريَّة مخفَّفة للغاية لا تتساوى مع الجرم الانقلابي وسرعان ما تم العفو عن الجناة… والغريب أيضاًَ أنَّ الأجهزة الأمنيَّة والعسكريَّة التي تتولَّى دائماً التحقيق والتحري وتقديم البيِّنات والمعلومات، رفعت يدها عن المتهمَين المتبقيَين صلاح وصلاح، وسلمتهما للنيابة العامَّة وأُخذا لسجن الهدي في أطراف أم درمان، وكانت الأقاويل تشير إلى أنَّ التهم التي ستوجه لقوش تتعلَّق بمسائل ماليَّة وثراء حرام وغيره من التكهنات حسب ما يدور في الرأي العام..إذا كانت القضيَّة برمتها قد تمَّت تسوية ملفها، فليس هناك من ضير في إغلاق هذا الملف والإفراج عن قوش ورفيقه حيث لا تبدو الحيثيات والدوافع مقنعة وواضحة على الأقل لدى الرأي العام المتابع لمجريات التحريات والتحقيقات وتطورات القضية من بدايتها حتى خاتمة مطافها، وكل الرجاء من السيد الرئيس وهو رأس الحكمة في هذا البلد وراعي الجميع، أن يوجِّه بطي ملف هذه المحاولة والعفو عن الرجلَين وإطلاق سراحهما وتجاوز كل ما حدث، فمن عفا وأصلح فأجره على الله، وكم يبلغ أجر العافين عن الناس والكاظمين الغيظ، عند القوي القدير الجبَّار المتكبِّر ذي القوة المتين؟!!

صحيفة الإنتباهة

[/JUSTIFY]
Exit mobile version