الأمل الذي نتحدَّث عنه يقوم على اعتماد الدولة سياسة المعاملة بالمثل أو العين بالعين والسن بالسن التي لطالما هدَّدت بها لكنها لم تفعل.. أما الآن فقد قال الرئيس البشير (البرفع عينو بنقدّها ليه)!!
إذن فإنها ذات العين بالعين والسن بالسن التي وردت في آي القرآن ترد هذه المرة ولا تُحدث أي أثر في نفوس زعماء الجنوب الذين ما عادوا يُولون تهديدات قياداتنا اعتباراً بعد أن رأَوا منا تردُّداً ونكوصاً وكلاماً لا يتبعه عمل مهما فعلوا بنا وكادوا.
بالله عليكم هل من تطاول أكبر من أن تتوغل قوات الجيش الشعبي داخل ولاية النيل الأبيض بالرغم من أنها كانت قبل ذلك تحتل ست مناطق داخل الأراضي السُّودانية؟!
دويلة الجنوب التي قلنا مراراً ونقسم بالله على ذلك إنها لا تحتاج لأكثر من دفرة لتنكفئ على (قدُّومها) وتترنَّح وتذهب إلى مزبلة التاريخ تبلغ بها الجرأة درجة أن تتهكَّم من تصريحات البشير وتتوغَّل داخل أراضٍ أخرى لم تكن محتلة ثم يقوم عملاؤها بعد ذلك بتفجير أنبوب البترول…
هوان ما بعده هوان واستخذاء ما بعده استخذاء بالرغم من أنَّ خريطة الجنوب تجعل منه منطقة سهلة الاختراق والاحتلال.
انظروا إلى ولاية أعالي النيل والشريط الضيِّق الذي يمرُّ شمالاً بجوار عدد من ولايات السُّودان هل يصعب احتلال هذه الولاية الجاهزة أصلاً بسبب غضب قبائلها من سيطرة القبيلة التي تُمسك بخناق الجيش الشعبي وتهيمن عليه وعلى حكومة الجنوب وتستأثر بثرواته؟!
ولاية جونقلي التي تشهد تمرُّدات كبرى لم تُفلح كل محاولات الجيش الشعبي في إطفاء لهيبها.. ماذا بربِّكم يحُول دون احتلالها لكي تعلم حكومة الجنوب والحركة الشعبية أنَّ السُّودان له مخالب وأظافر يستطيع أن ينشبها في صدر دولتهم إن لم يتوقَّفوا عن كيدهم وينسحبوا من الأراضي السُّودانية المحتلة ويُغيِّروا اسم حركتهم (تحرير السُّودان)؟؟
القبائل الإستوائية التي تئنُّ من وطأة الظلم والتنكيل الذي يمارسُه الدينكا في مناطقها بما في ذلك العاصمة جوبا.. اسألوهم هل هم راضون عن ممارسات الدينكا والجيش الشعبي الذي شهدت المنظمات الدوليَّة والصحافة الغربيَّة بما يفعل بهم وبجنوب السُّودان؟!
اسألوا جوزيف لاقو الرجل الذي وقَّع اتفاقية أديس أبابا عام (1972م) ثم اكتشف خطأه الفادح وذهب إلى الرئيس نميري ليُحرِّضه على إلغاء الاتفاقيَّة ليُنهي سيطرة الدينكا على مفاصل السلطة في جنوب السُّودان.. جوزيف لاقو ينتمي إلى قبيلة (المادي) الإستوائيَّة الصغيرة.. اسألوه فقد جاءتنا أخبارُه التي تتحدَّث عن أسفه البالغ أن كيف أعاد التاريخ نفسه وكيف يرى أحلامه في الدولة التي لطالما قاتل في سبيل إقامتها تتبخَّر وكيف تهدِّد النزاعات جنوب السُّودان وتوشك أن تجعله مزقاً متفرِّقة أو ربما قبائل متناحرة أقرب إلى حياة العصر الحجري.
أعجب كيف تقدِّم الحكومة الوثائق إلى مجلس الأمن وإلى المنظمات الإقليميَّة والدوليَّة لتُثبت ضلوع الجنوب في التآمر على السُّودان وتعجز عن رسم إستراتيجيَّة قائمة على مبدأ المعاملة بالمثل؟!
إذا كانت الجبهة الثوريَّة كما قال الفريق محمد عطا قد (سُمكرت) في جوبا فما الذي يمنع أن يسمكر جهاز الأمن في الخرطوم جبهة وجبهات ثائرة على طغمة دولة الدينكا في جنوب السُّودان؟!
المجتمع الدولي وشيطانه الأكبر أمريكا لن يسمع ولن يقتنع بما تقول وتقدِّم من بيِّنات ووثائق فهم ضالعون في كل المؤامرات التي تجري ضد السُّودان وما من شيء أو منطق يُقنعهم غير منطق المعاملة بالمثل وغير القوة التي تستخدمها أمريكا في العالم أجمع وتستخدمها حكومة الجنوب مع السُّودان.
إننا في حاجة إلى إستراتيجيَّة جديدة للتعامل مع الجنوب.. إستراتيجيَّة تقوم على استخدام العين الحمراء فقد جرَّبنا كيف فتحنا الحدود مع الجنوب بعد ساعات من توقيع الاتفاقيَّة الإطاريَّة وكيف اعتقلنا الثوار المقيمين في الخرطوم بمن فيهم جيمس قاي وكيف استُقبل الوفد الموقِّع على الاتفاقيات في مطار الخرطوم استقبال الفاتحين وكيف انطلقت بصّات الوالي تجمع الناس بالمجان وهم يوشكون على إنشاد (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع)!![/JUSTIFY]
الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة