أولاً: منذ فترة ليست بالقصيرة، انتقل سلوك وطبائع حركات دارفور إلى كردفان التي كانت حتى وقت قريب جداً لا تعرف هذا النوع من العمل المعارض المسلح، حتى أيام الحرب السابقة في جنوب كردفان قبل توقيع نيفاشا، كانت الحرب نظيفة، لم تتعرض المنشآت ومشروعات التنمية والمشروعات الخدمية للتدمير والتخريب المتعمَّد ويتعاون فيه المتمردون مع جهة أجنبية ضد مصالح ومنشآت بلدهم ومشروعاتها الحيوية، هذه الثقافة التدميرية الجديدة تسرَّبت لكردفان من حركات دارفور، التي تخصَّصت في تدمير مشروعات التنمية، فعند بداية التمرد، عمدت الحركات المسلحة إلى اغتيالات نوعية لمديري المشروعات التنموية مثل اغتيال مدير مشروع جبل مرة الزراعي في «2004»، ونهب وتدمير آليات وكسارات طريق الإنقاذ الغربي كأهم مشروع حيوي في دارفور وإيقاف العمل في كثير من قطاعاته، وقتل وأسْر عدد كبير من المهندسين والعاملين في مشروعات المياه بدارفور وتعطيل العمل الذي موَّله بنك التنمية الإسلامي جدة لتوفير المياه في كل ولايات دارفور.. وهاجمت الحركات منطقة شارف وأبو جابرة للبترول في شرق دارفور، ثم ضرب القطارات التي تحمل المؤن والوقود والركاب إلى ولايات دارفور، وقبل هذا كله في «2003م» تدمير الطائرات في مطار الفاشر، وغيرها من الحوادث والنهب وتدمير البنى التحتية وكسر دورة الحياة الطبيعية، وذلك منذ بداية التمرد حتى اليوم..
انتقال هذه الثقافة وهذا النوع الرديء والقميء من ممارسات التمرد من دارفور إلى كردفان يُنذر بخطر داهم للغاية، ولا يُستبعد أن تكرر هذه الحركات العميلة هذه الاعتداءات وتمضي في هذا المسلك المشين..
وقد شهد الناس أثر هذه الممارسات في هجوم الجبهة الثورية على أم روابة وأب كرشولا من تدمير لمحطة كهرباء أم روابة والمباني الحكومية ونهب البنوك والمرافق العامة وممتلكات المواطنين وأموالهم ولم تسلم حتى أساور النساء والهواتف النقالة..
ثانيًا: هذا الهجوم على أنبوب النفط في عجاجة بعد أيام من قرار الحكومة بوقف مرور بترول الجنوب عبر السودان إلى موانئ التصدير، يحمل رسالة واضحة مفادها أن دولة الجنوب التي فقدت عملياً أي وسيلة للاستفادة من نفطها بعد إيقاف عبوره، تتعامل بمنطق «عليَّ وعلى أعدائي»، قامت بتكليف حركة العدل والمساواة التي توجد لها معسكرات في ولاية الوحدة وشمال بحر الغزال وينتمي لها نفرٌ قليل من أبناء هذه المناطق، بضرب أنبوب النفط، حتى تقول إنها قادرة على إيذاء السودان ووقف إنتاج نفطه والحيلولة دون الاستفادة منه..
فقد حصلت المجموعة التي نفذت التفجير على العبوات الناسفة والدعم الهندسي من دولة الجنوب حيث تتركز في ولاية الوحدة معسكرات تدريب وإيواء للحركات وفرق فنية من جهات أجنبية تتولى الإعداد لهذه العمليات…
وجوبا هي الوالغ الأكبر في هذه العملية القذرة وستخسر كثيراً إذا دعمت هذا الاتجاه وتعاملت بالأسلوب المنكر لأن السهم سيرتدُّ إلى نحرها، فالمنشآت النفطية في الجنوب، أقمناها نحن ومشروع البترول كله عندما كان السودان بلداً واحداً، هو مشروع الشعب السوداني صرفنا فيه كل ما نملك حتى تم استخراجه، تركناه كله بمنشآته واستثماراته التي تبلغ بضعة مليارات من الدولارات، لدولة الجنوب الوليدة التي لن تستطيع مهما أُوتيت من إرادة إصلاح أعطاب فيه لو تعرضت حقول النفط الجنوبية للتخريب والتدمير..
فعلى حكومة الجنوب ألّا تلعب بالنار لأن لهيبها سيحرق كل شيء، وهذه الحادثة أبلغ دليل على حقد جوبا وقلة حيلتها واستمرارها في معاداة السودان..
أما قوات اليونسيفا فإن كان هناك تواطؤ منها وعدم اكتراث وتهاون في أداء مهمتها في المنطقة، فسيكون ذلك أمرًا خطيرًا ومؤشرًا لعدم نزاهتها وحيدتها، وتكون متحيِّزة وتتحمل مسؤوليَّة ما يجري.. وتلك قضية أخرى..
صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]