مع صبر (مودة) على كثرة ضيوف زوجها، وانشغالها الدائم بدراستها فوق الجامعية، والتي ضحت من اجلها بتأخير الانجاب حتى تنال شهادتها، إلا أن (حكاية) اجتماع الشلة الاسبوعي قد قلل من مقدرتها على الصبر، ففي يوم اجازتها الوحيد الذي تستطيع ان ترتاح فيه وتنجز (طبيخ) الاسبوع، تجد نفسها أما في حالة استضافة، أو تشكو من الوحدة لـ (مقيل) (هيثم) في بيت واحد من اصحابه ..
كان يمكن أن تسير الحياة على هذا المنوال دون تصاعد درجة التوتر بين الزوجين أو انخفاضها، وذلك بأن تقتنع (مودة) بالتعايش مع واقعها مع قليل من النقة والزهج الذي لا يفسد للود قضية، ولكن المشكلة بدأت عندما استمرأت ان تشكو مشاكلها لزميلتها في الدراسة وصديقتها الحميمة (ندى)، فقد تعودت أن تبث لها معاناتها من الارهاق بسبب كثرة الضيوف، وتجاهل (هيثم) لضرورة مد يد المساعدة في خدمتهم بأكثر من خادمة صغيرة تعينها على اعمال النظافة ..
على طريقة (دي شورتك المهببة) فبدلا من أن تقول خيرا أو تصمت، فقد عمدت (ندى) على تحريش صديقتها وتحريضها على التبارد، وابداء الضيق وبزل التكشيرة في وجوه ضيوف زوجها، حتى يقوموا بـ (قطع كراعهم) من بيتها فترتاح، فكان أن عملت بالنصيحة ودون أن تشعر زوجها كانت تمارس البرود الانجليزي والتجاهل الامريكي والغتاتة على ضيوفها .. رد السلام بحساب والكلمة ورد غطاها مع اطلاق بعض زفرات الضيق بين الحين والآخر، كانت كفيلة بـ(كش) جلد ضيوفها وتناقص اعدادهم حتى آلوا الى زوال ..
انتهاؤها من الشق الاول للمشكلة بنجاح، اغرى (ندى) ببذل نصحها لصديقتها مستعينة بـ (موسوعة العلة في انجع السبل لتطفيش الشلة)، فقد نصحتها بأن تتمارض أو تدعي وجود طارئ يلزمهم بزيارة اهلها أو غيره من المشاوير، لتمنعه عن الذهاب للاجتماع الاسبوعي، وعندما يأتي الدور على (هيثم) في الاستضافة، أن تمتنع عن خدمتهم أو تقديم وجبة الغداء لهم بحجة التعب أو الانشغال بالاستعداد لامتحان ..
مضت الخطة كما رسمت لها الصديقتان، فعندما جاء اليوم الموعود خرج (هيثم) في الصباح الباكر واحضر جميع مستلزمات العزومة، ثم سألها ان كان ينقصها أي شيء تحتاجه ليحضره، قبل أن يغادر البيت لقضاء بعض الواجبات، فردت عليه من تحت فراشها بأنها لا تحتاج لشيء، فغادر بعد أن وعدها بأنه سوف يعود قبيل صلاة الجمعة ليكون في استقبال الضيوف ..
كانت مفاجأة (هيثم) قوية، عندما دخل للهول قبيل النداء لصلاة الجمعة بنصف ساعة، ليجد الاكياس التي احضرها في الصباح الباكر لا تزال على الارضية، بينما لاذت (مودة) بفراشها بعد ان سمعت صوت سيارته تقف امام البيت .. سألها في جذع عن تجهيزاتها للدعوة، فأجابته في برود بأنها كانت مريضة جدا ولم تستطع ان تقوم بإعداد الطعام ..
لم يسألها عن لماذا لم تستعن بأمها أو أحدى قريباتها لتساعدها، أو حتى لماذا لم تتصل به مبكرا ليتصرف في احضار من ينجز المهمة، بل غادر البيت مسرعا وتوجه لبيت جاره المقابل الذي له خمس من البنات الشابات (على وش جواز) .. طرق عليهم الباب وعرض على جاره وزوجته مشكلته العويصة المتمثلة في مرض (مودة) وقرب حضور الضيوف، فدقت المرأة صدرها وطلبت منه أن يحضر لها مستلزمات دعوته على وجه السرعة ..
اشياء كثيرة لم تكن (مودة) منتبه لها في خضم استغراقها في تنفيذ مخططات صديقتها الكيدية .. لم تشعر بتباعد (هيثم) ولا صمته المتزايد، ولم تحسب أن مخطط تطفيش الضيفان الذي نفذته من ورائه، قد سمع به وفات قعر اضانه عندما وصلته الشكوى من كثير من معارفه عن برود زوجته وحركاتها الغريبة مع الضيوف، بل لم تشعر حتى بحركة التجهيزات في بيت جارهم المقابل لقرب زواج احدى بناته، حتى اكتشفت أن زوجها الحبيب قد كافأ جيرانه على ستره أمام الضيوف في زمن قياسي بأطعم وألذ وجبة ذاقها في حياته، بأن تقدم لطلب يد احدى البنات .. لم يكن مهما بالنسبة له أية واحدة فيهن .. المهم أن تكون (مرة ضيفان) !
منى سلمان
الراي العام
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]