يأتي ذلك في وقت استدعت فيه وزارة الخارجية أمس سفراء واشنطن وبكين وموسكو، لإبلاغهم بمبررات القرار، واستدعت سفير جوبا بالخرطوم لإبلاغه رسمياً بقرار الحكومة، فيما يبتدر علي كرتي وزير الخارجية اليوم، زيارة إلى أديس أبابا حاملاً رسائل خطية من الرئيس عمر البشير لتوضيح وجهة نظر السودان والملابسات التي دعتها لوقف تنفيذ اتفاق التعاون.
وعلمت (الرأي العام) من مصادر مطلعة، أنّ الاجتماع الرئاسي ضمّ نائبي الرئيس ومساعديه، إضافةً إلى وزراء المالية والخارجية والعدل والدفاع والداخلية ورئاسة الجمهورية ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني ورئيس هيئة الأركان المشتركة وسيد الخطيب وإدريس محمد عبد القادر وزيري الدولة برئاسة الجمهورية، عضوي وفد التفاوض مع دولة الجنوب.
تحركات دبلوماسيةوفي السياق، أجرت وزارة الخارجية أمس تحركاً دبلوماسياً واسعاً لشرح دواعي القرار المتمثلة في استمرار جوبا بتقديم أنواع الدعم والمساعدات كافة لحركات التمرد، وتوضيح ما يتوقعه من المجتمع الدولي. وأوضح السفير أبو بكر الصديق الناطق باسم الخارجية، أن وزير الخارجية عقد لقاءات مع سفراء بكين وواشنطن وموسكو بالخرطوم، وأبلغهم – كلاً على حدة – بدواعي اتخاذ القرار، وقال الصديق إنّ السفير رحمة الله محمد عثمان وكيل الخارجية، قدم تنويراً مماثلاً لسفراء المجموعة الأوروبية، فيما يواصل اليوم تقديم التنوير لسفراء الدول الأفريقية والعربية والآسيوية ودول أمريكا الجنوبية وممثلي البعثات الإقليمية والدولية في الخرطوم.
كرتي إلى أديس
إلى ذلك، يتوجه علي كرتي اليوم إلى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا حاملاً رسائل خطية من الرئيس عمر البشير إلى رئيس الوزراء الأثيوبي ورئيسة مفوضية الإتحاد الأفريقي وسفير الجزائر بالإتحاد الأفريقي، رئيس الدورة الحالية لمجلس السلم والأمن الأفريقي، وأوضح الصديق أن كرتي سيرافقه سيد الخطيب وإدريس عبد القادر عضوا وفد التفاوض مع دولة الجنوب، وقال إنّ الرسائل تتضمّن الدواعي التي استندت عليها الخرطوم في وقف تنفيذ الاتفاق، وأضاف بأن السودان سيخاطب مجلس الأمن الدولي رسمياً بالقرار عبر مندوبه الدائم في نيويورك، وكشف أيضاً عن تحركات خلال الأيام المقبلة لمبعوثين رئاسيين إلى بعض الدول الأفريقية لذات الغرض.
تدخل امبيكيوعلى الصعيد، علمت (الرأي العام)، أنّ الرئيس ثابو امبيكي، رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى قد تدخل لنزع فتيل التوتر والحيلولة دون انهيار اتفاق التعاون بين الخرطوم وجوبا بعد التوجيه بقفل أنبوب النفط. وأكدت مصادر واسعة الإطلاع لـ (الرأي العام)، أن امبيكي بعث بخطابين للرئيسين عمر البشير وسلفا كير ميارديت مساء أمس الأول.
ودفع امبيكي بمقترحات عديدة لتجاوز الأزمة، وشدد على ضرورة رعاية الدولتين للاتفاقية وعدم خذلان الأفارقة، وقال إن اتفاق التعاون هو ملكٌ وفخرٌ لأفريقيا. وأشار امبيكي – حسب ذات المصادر – إلى أنه سيستشير مجلس السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن الدولي بشأن التصعيد الأخير بين الخرطوم وجوبا.
لقاءات بالأحزابوفي الأثناء، وجه الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية، العقيد ركن عبد الرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية، بعقد لقاءات تمهيدية مع القوى السياسية لتنويرهم على مجمل الأوضاع الراهنة بالبلاد وتطورات العلاقات مع دولة الجنوب، إضافةً لقرار رئاسة الجمهورية بإيقاف تنفيذ مصفوفة التعاون مع جوبا.
وأوضح العقيد عبد الرحمن عقب لقائه طه بالقصر الجمهوري أمس، أن الرئيس عمر البشير سيعقد لقاءً موسعاً مع القوى السياسية لإطلاعهم على آخر تطورات الأوضاع على ضوء قرار إيقاف ضخ نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية ومصفوفة التعاون مع جوبا، وقال حسب (سونا)، إنه بحث مع النائب الأول العديد من الموضوعات والخطط المستقبلية التي تتعلق بملف العلاقات مع جوبا، وأكد أن البشير سيملك القوى السياسية خلال اللقاء الأدلة والوثائق التي تؤكد تورط دولة جنوب السودان في دعم الجبهة الإرهابية، وأبان أن من الخيارات الجيدة والأفضل لجوبا الحرص على إقامة علاقات إيجابية مع السودان، وأبدى تفاؤله في أن تتراجع حكومة الجنوب عن دعمها للمتمردين وإتباع الطريق الصحيح في العلاقات مع الخرطوم من أجل مصلحة البلدين.
الجيش يرد
وفي سياق متصل، دحض العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق باسم القوات المسلحة، إدعاءات المتحدث باسم جيش جنوب السودان بتوغل الجيش السوداني داخل أراضي الجنوب في منطقة الكويك بأعالي النيل، وقال إن ذلك لا أساس له من الصحة.
وأكد الصوارمي حسب (سونا) أمس أنّ القوات المسلحة السودانية ملتزمة تماماً بالحدود الدولية وفق ما نصت عليه اتفاقية نيفاشا، وأضاف بأن هذه المزاعم تأتي لتغطية خروقات جيش الجنوب للاتفاقية، وجاءت رداً على إعلان الفريق أول مهندس محمد عطا المولى مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني بأنه في الوقت الذي أكمل فيه السودان انسحابه وفقاً للاتفاقيات الموقعة مع الجنوب لا يزال الجيش الشعبي يحتل ست مناطق سودانية.
وكان العقيد فيليب أقوير الناطق باسم الجيش الشعبي لجنوب السودان، اتهم القوات المسلحة السودانية حسب (المصير) الجنوبية، بخرق اتفاقية الترتيبات الأمنية بتوغله في منطقة (كويك) بولاية أعالي النيل أمس الأول.
سلفا يدعو للسلام
ومن جهته، وجه الفريق سلفا كير ميارديت رئيس جنوب السودان، دعوة إلى السلام بين بلاده والسودان، وأكد أنه سيلجأ إلى وسطاء الإتحاد الأفريقي لحل الخلافات. وقال سلفا في مؤتمر صحفي حسب (أ. ف. ب) أمس: على شعب جنوب السودان أن يبقى هادئاً وصبوراً فيما نعمل مع الإتحاد الأفريقي على تجاوز هذا المأزق مع السودان. وأضاف: الرئيس السوداني عمر البشير أعلن الجهاد، أكرر التزامي أمامكم وأمام العالم أجمع انني لن أجر شعب جنوب السودان مجدداً إلى الحرب. ونفى سلفا دعم جوبا للمتمردين على الخرطوم، وقال: لا ندعم أية مجموعات متمردة ضد الخرطوم ولا نملك أي إمكانيات مادية لدعم أحد، وأضاف: أود أن أؤكد لشعبنا بأنه ليس هناك اتصال مع شمال السودان لكننا لم نوقف أي اتفاق بيننا. وأكد أنهم مستعدون لمناقشة جميع المشاكل مع الخرطوم، وقال: نصحت الرئيس البشير بأن يتحاور مع المتمردين ليتم التوصل للاتفاق معهم، وإن كانت توجد أسلحة مع المتمردين فقد أتت من شمال السودان.
فيما جدّد مجلس وزراء جنوب السودان في اجتماع استثنائي أمس الأول برئاسة سلفا استغرق نحو خمس ساعات، تمسك حكومة الجنوب بتنفيذ اتفاقيات التعاون الموقعة مع الخرطوم وعدم العودة لمربع الحرب، رغم قرار الرئيس عمر البشير بإغلاق الأنابيب الناقلة للنفط عبر أراضي السودان.
مون على الخطوفي السياق، أكد مارتن نسيركي المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن بان كي مون، حث قادة السودان وجنوب السودان على ضرورة احترام اتفاقيات التعاون المشترك التي وقعها الرئيسان عمر البشير وسلفا كير يوم 27 سبتمبر من العام الماضي في أديس أبابا. وقال المتحدث في المؤتمر الصحفي اليومي، إن بان كي مون يحث قادة السودان وجنوب السودان على احترام اتفاقية 27 سبتمبر الموقعة بين البلدين.
صحيفة الرأي العام