إغلاق أنبوب النفط.. هـل يعيد جوبا إلى الرشـد؟!

[JUSTIFY]لم يكن توجيه الرئيس عمر البشير لوزير النفط أمس بعدم السماح بمرور بترول الجنوب عبر الأراضي السودانية مفاجئاً رغم التفاؤل الكبير والتصريحات التي رسمت صورة زاهية لعلاقة الخرطوم وجوبا في أعقاب التوقيع على اتفاقيات التعاون بين الخرطوم وجوبا في مارس الماضي.
المتابع لمجريات التفاوض التي تم فيها التوقيع على المصفوفة بأديس أبابا وما سبقها من مباحثات، يلحظ بوضوح أن قضية فك ارتباط الجيش الشعبي بقطاع الشمال كان أهم قضية هددت نسف كل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، فمفاوضو دولة الجنوب كانوا يتمسكون بأن لا علاقة للجنوب بأية قوات تقاتل في السودان، وذكر سلفا كير ذلك الحديث مراراً وتكراراً، لكن الخرطوم تمسكت بضرورة أن يتم تعهد كتابي بعدم دعم وإيواء أية حركات معارضة للسودان، وكادت هذه القضية تنسف المفاوضات، لولا ضغوط من جهة و «حيل» من جهات أخرى مُورست على وفد الجنوب التفاوضي، بأن يقدم إقراراً للآلية رفيعة المستوى بقيادة ثابو أمبيكي يعلن فيه فك ارتباط الجيش الشعبي لدولة الجنوب بقوات قطاع الشمال.

لكن يبدو أن ذلك كان سيناريو محدداً كان الغرض منه الوصول إلى القضية المحورية التي تؤرق دولة الجنوب، وهي تصدير نفطه عبر السودان، بعد أن أكدت كل الدراسات استحالة تصديره في الوقت القريب عبر أيٍ من دول الجوار.
إذن فالتوقيع على المصفوفة بين الخرطوم وجوبا لم يكن إلا خطة من الأخيرة لدعم قوات الجبهة الثورية، وذلك لاستنزاف حكومة الخرطوم وفتح جبهات قتال في كل من جنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق، وقد بدا ذلك جلياً في الاعتداء على مدن أبو كرشولا وأم روابة والسميح والله كريم في السابع والعشرين من أبريل الماضي، بعد سلَّمت حكومة الجنوب بحسب تقارير أعداداً كبيرة من الأسلحة والآليات العسكرية، ومع أن جوبا نفت تقديم الدعم للمتمردين لكن تقريراً صدر أخيراً عن «مشروع مسح الأسلحة الصغيرة» وهى مؤسسة سويسرية مستقلة ومقرها جنيف، أشار إلى أن جنوب السودان أمد المتمردين في السودان بدعم لوجستي وسياسي ومالي، رغم معارضة التيار الجنوبي الذي يرى ضرورة الاهتمام بالشأن الداخلي وتنمية الدولة الوليدة، لكن يبدو أن التيار العدائي للسودان هو الغالب وهو من يقود دفة الحكم في الجنوب رغم موافقة سلفا كير أو معارضته.

الرسائل التي بعثها الرئيس البشير عشية تحرير أبو كرشولا في السابع والعشرين من مايو الماضي، بشأن إمكانية إغلاق نفط الجنوب حال التمادي في دعم الحركات، كانت واضحة وصريحة لمن يتدبر، لكن جوبا غضت الطرف واستمرت في ذلك لأسبوعين، دون أن تجد من يلفت انتباهها، وبلا شك فإن قرار عدم السماح بتصدير بترولها سيكون مفاجئاً لها، لأنها لم تكن تتوقع ردة الفعل تلك، لأن الخرطوم عودتها في كثير من الأحيان أن تغض الطرف وتتجاوز، لكن الاعتداء على أبو كرشولا ربما أيقظ الكثير من الحالمين بأن تصبح العلاقة بين الخرطوم وجوبا علاقة تقوم على حسن الجوار.

غداً يطل علينا المجتمع الدولي والآلية رفيعة المستوى ومجلس الأمن ومن لف لفهم من مبعوثين وسفراء، بضرورة التراجع عن هذه الخطوة، لكنهم ينسون أن دولة الجنوب لم تبلغ الحلم بعد، وعليه يجب أن يحتضنوها لحين بلوغ سن الرشد.[/JUSTIFY]

تقرير: أبو عبيدة عبد الله
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version