التحرش الإسرائيلي بالسودان

[JUSTIFY]نحن في السودان درجنا ومنذ عهود بعيدة على التعامل مع اعتي الأحداث بفقه ردة الفعل ومن ثم استدرار إيقاع ردة الفعل لنبني عليه منهجنا في حين نجد أن شعوباً غير حديثة عهد بالانفتاح الوطني والسيادة الوطنية نتفوق عليها بعشرات السنوات في التجارب السياسية والأمنية والدبلوماسية ولكنها تبدو أكثر نضجاً في تعاملها من طريقتنا التي تسير بالبركة ورزق اليوم باليوم!

والمتتبع لملف النشاط الإسرائيلي الذي يستهدف السودان من عدة جوانب وعبر مراحل تاريخية وحقب سياسية متباينة ولكننا لم نفق من تلك الغيبوبة ونتنبه الا بعد الهجمات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على ساحل البحر الأحمر السوداني والتي انتهت بقصف مصنع اليرموك بجنوب الخرطوم في العام 2012م وعندها أيقنا بأن الطيران الإسرائيلي الذي إعتدنا أن نري جرائمه وفظائعه في جنوب لبنان والضفة الغربية لنهر الأردن وقطاع غزة قد أصبح يسرح ويعربد في أجواء السودان ويفعل الأفاعيل وهو أمر لا يحتاج منا للتعامل بردة فعل خجولة أو متشككة!!

معلوم أن الاستهداف الإسرائيلي للسودان كان قد بدأ منذ مطلع ستينيات القرن الماضي حتى قال البعض بأن الزيارة التاريخية التي قام بها الفريق إبراهيم باشا عبود قائد انقلاب ثورة نوفمبر 1958م إلى الولايات المتحدة على رأس وفد وزاري كبير إبان عهد ولاية الرئيس جون كيندي والذي اغتيل لاحقاً بعد أشهر قليلة من زيارة الرئيس السوداني إبراهيم عبود، قد أربكت ومن باب الصدفة المحضة بعض المخططات الإسرائيلية ضد السودان التي رسمت لها مراحل متعددة.

وفي عهد الرئيس الأمريكي ليندون جونسون في أواخر ستينيات القرن الماضي قبيل حقبة الرئيس ريتشارد نيكسون بطل فضيحة ((ووتر غيت)) الانتخابية بدأ فاصل جديد من منهجية التعاون الأمريكي الإسرائيلي للتغلغل في أفريقيا، وقد كلفت رئيسة الوزراء الإسرائيلية يومها السيدة الحديدية ((غولدا مائير)) وزير دفاعها الشهير صاحب العين الواحدة الجنرال ((موشيه دايان)) بوضع تصور استخباراتي جديد تحت إشراف الموساد الإسرائيلي لأدوار إسرائيلية إستراتيجية سرية في القارة الأفريقية وهو ما عكف عليه الرجل بالفعل وكانت إسرائيل يومها غاضبة جداً من الدور الذي قام به السودان في أعقاب حرب النكسة العربية التي شهدت هزيمة الرئيس جمال عبد الناصر على جبهة السويس في العام 1967م مع توجه الضربة الجوية الموجعة لمطارات الطيران الحربي المصري وتدمير أسراب كبيرة منه وهي جاثمة على الأرض، وقد لعب السودان يومها عبر مبادرة رئيس الوزراء المرحوم الأستاذ محمد أحمد المحجوب الذي دعا لاجتماع قمة عربي طارئ في الخرطوم، وقد تنادي القادة العرب بالفعل وحلوا ضيوفاً عند الزعيم الخالد إسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة الذي كان يمثل رأس الدولة في الحكومة الليبرالية التي سبقت حقبة مايو في 1969م، وقد شهدت قمة الخرطوم الصلح التاريخي بين العاهل السعودي الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود والرئيس المصري الجنرال جمال عبد الناصر على خلفية الخصومة السياسية الحادة بين المملكة والجمهورية العربية خلال تلك الحقبة بسبب حرب اليمن التي كانت عبارة عن مواجهة عسكرية وسياسية بين مصر والمملكة السعودية في أرض اليمن السعيد.

وقد نجح السودان في قمة اللاءات الثلاثة في طي صفحة الخلاف بين فيصل وناصر وتم الصلح وخرج جمال عبد الناصر من الخرطوم بمعنويات جديدة وغادر بغير الصورة التي جاء بها إلى الخرطوم وهو محطم ومنهار المعنويات بسبب هزيمة 1967م وخرجت قمة الخرطوم بأشهر ثلاثة لاءات لا تفاوض ولا استسلام ولا تفاوض مع إسرائيل ومنذ ذلك اليوم كانت هذه اللاءات الثلاثة مدعاة لأن تضع دولة إسرائيل منهجية جديدة خاصة بالسودان العربي الأفريقي.

صحيفة أخبار اليوم
عادل البلالي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version