هل ينعتق أسير الانطباع الأول ؟

[JUSTIFY]في تعامله مع الأحداث التي تقع في بلادنا ما زال المجتمع الدولي أسير الانطباع الأول حين شاع عن النظام السوداني انه متطرف وداعم للإرهاب وفق التعريف الأمريكي الغربي للإرهاب المزعوم.
لم يغادر أقطاب المجتمع الدولي في نظرتهم لأوضاع السودان محطة بداية حقبة تسعينات القرن الماضي وظلوا سادرين في مواقفهم المنحازة ضد كل ما يصدر عن الخرطوم.
حدث ذلك رغم التحولات الكبرى التي شهدتها مسيرة نظام الحكم ورغم التنازلات الضخمة التي قدمها السودان من اجل الحفاظ علي الأمن والسلام في منطقته.
ويحدث ذلك أيضاً الآن.. لقد تعرضت مناطق من القطر السوداني لهجمات غادرة من المتمردين الخارجين علي القانون صحبتها فظائع وانتهاكات بشعة لحقوق الموطنين الأبرياء فإذا بالمجتمع الدولي يلوذ بصمت مريب أو ينطق بعبارات فاترة خجولة لا ترقي حتي الي مستوي الإدانة المعنوية.
ذات المجتمع الدولي هو الذي أقام الدنيا ولم يقعدها ضد النظام السوداني وهو يمارس مسؤولياته السيادية والقانونية في مكافحة التمرد في دارفور وفي غيرها من المناطق.
في كل ما من شأنه إدانة السلطات والقيادات السودانية تصدر القرارات الجازمة من مجلس الأمن الدولي (اقرأ الأمريكي) ويضاف الي قائمة العقوبات القائمة ضد السودان المزيد.
أما إذا أصبحت الدولة السودانية هي المجني عليها وأصبح مواطنوها الأبرياء هم الضحية فالمجتمع الدولي إما أبكم اخرس وإما لائذ بالحياد الكاذب.
حتى المنظمات الدولية العاملة في مجال العون الإنساني لم تنج من وباء الانحياز ضد الحق السوداني فهي تستغل غطاء العمل الإنساني لتقديم الدعم اللوجستي والفني لحركات التمرد وعندما يكتشف تآمرها تكيل سيل الاتهامات ضد البلد المضيف وتتهمه جزافاً بالخروج علي الاتفاقيات الإنسانية الدولية.
من الواضح إن الحملة المستمرة ضد السودان ترتكز أساساً علي الموقف الأمريكي من أوضاع بلادنا ومنطقتنا.
كل ما يصدر ضدنا من مجلس الأمن ومن مؤسسات ووكالات الأمم المتحدة وكل الاتهامات المرسلة برعاية الإرهاب وقصف المدنيين مصدرها ماكينة العداء الأمريكي لنموذج الدولة السودانية.
هناك مجهودات واختراقات ملموسة قامت بها الدبلوماسية السودانية وظهرت ثمارها في مجال علاقات السودان بمجاله الحيوي في إفريقيا والعالم العربي ورغم ان حواراً مكتوباً يدور منذ بعض الوقت بين الخرطوم وواشنطن بهدف استكشاف مواطن التقاء بين العاصمتين، إلا إن موقف (الانطباع الأول) الأمريكي لم يتبدل بعد وهناك في العاصمة واشنطن من يعمل بد لمنع حدوث أي تطور ايجابي في ذلك الموقف.
مهما يكن الأمر فإن أمام الدبلوماسية السودانية جولة أخري لمسح آثار الانطباع الأول المتبلد الذي مازال يمسك بخناق السياسات الأمريكية في إفريقيا والشرق الأوسط.
دبلوماسيتنا وهي تخوض هذه الجولة تدرك أن منهجية المجاهرة بالتحدي قد استنفدت أغراضها وان التعامل الناعم حتى مع الخصوم هو الأكثر فعلية.
وتدرك دبلوماسيتنا أيضاً إن الحراك المعلن يجب أن يتناسب مع أسباب القوة الحقيقية التي يملكها من يقود الحراك وان الأولوية في الظروف الراهنة انما هي للمصالح القطرية وان إظهار الزعامة مؤجل الي حين استكمال أسباب القوة.
وعليه فكلمة السر هي سد الثغرات التي يتسلل منها الصراع وليس إبتدار المعارك.
تلك هي بعض مفاتيح محاولة ترميم الخلل في تعاملنا مع المجتمع الدولي او تعامل المجتمع الدولي معنا.. لا فرق.

صحيفة الخرطوم
فضل الله محمد

[/JUSTIFY]
Exit mobile version