ويلحظ المراقب أن ثمة نشاطا للدبلوماسية السودانية قد برز اخيرا فى الساحة الدولية والإقليمية ،يقابله نشاط آخر وتحركات للمنظمات الوطنية فى المحافل ذاتها ، كانت مفقودة حتى وقت قريب لا يعيرها السودان إنتباها ، سيما فى ظل الأزمة الدولية بينه وبين المجتمع الدولى بسبب الأزمة الدارفورية وماتبعها من أحداث ، إلا أن النشاط السودانى الأخير جاء فى ظل تصاعد النشاط العسكرى لتحالف الجبهة الثورية ومن قبله النشاط العسكرى لجيش دولة جنوب السودان الوليدة وإحتلاله منطقة هجليج النفطية ،وظلت التحركات السودانية الأخيرة محل إهتمام وبحث من قبل مهتمين فى الشأن ذاته ومن بينها تحركات المجموعة الوطنية لحقوق الإنسان السودانية ، والتى قالت إنها أسست دعواها على الهجوم المسلح من قبل قوات التمرد على أبكرشولا على أن الهجوم خلق إنتهاكات موثّقة ضد حقوق المدنيين بشكل عام، بإعتباره هجوما على أهداف مدنية خالية من أي وجود للقوات المسلحة ، علاوة على إستخدامها لأسلحة فتاكة ومنها ماهو محرم دوليا ، إنتهاك حقوق الأطفال والمرأة والعجزة أدت لفقدان 40 أسرةً، بجانب 25 من العجزة، وانفصال 126 طفلاً عن ذويهم، بالإضافة إلى تدمير ممتلكات المواطنين .
ولكن لماذا جاءت التحركات السودانية سريعة وفاعلة ؟ وهل توصل السودان لقناعة أن المجتمع الدولى بات منصفا ،بعد أن كان يصف تعامله بإزدواجية المعايير ؟ وإلا لماذا هذا التحول المفاجئ فى الموقف الحكومى؟ وهل ماذهبت إليه المجموعة الحقوقية فى مزاعمها مثبت وكاف لإدانة هذه الحركات؟ أم أنها عملية إستباقية لسد الذرائع ؟ يدافع الدكتور معاذ تنقو مقرر المجلس الإستشارى لحقوق الإنسان فى السودانى عما سيقدمه السودان من إنتهاكات فى أبكرشولا ويقول فى حديثه لـ(الصحافة) إنها بينات مثبتة ستقدمها الحكومة وليست إدعاءات ،ويؤكد تنقو أن المجلس ظل منذ العام 1994 يوصل صوته للمجتمع الدولى وإستطاع أن يدحض الكثير من الإدعاءات وشطب الكثير من الإتهامات ضد السودان إستنادا إلى تقارير تقدم بها المجلس بمعلومات حقيقية ،إلا أن تنقو أقر بأن السودان كان فى معظم الأحوال فى موقع المدافع لتوفر معلومات مضادة وفى ظل غياب المعلومات الحقيقية من قبل الحكومة ،ويؤكد تنقو أن المجتمع الدولى ينظر فقط لما توفر لديه من بينات ، ويقول إن الجهات التى كانت تتقدم ضده دائما ما تأتى ببينات لا تتوفر لدى السودان ولذلك فضلت الحكومة أن تكون حضورا فى كافة المحافل الدولية .
رئيس لجنة التحقيق في أحداث أبوكرشولا الدكتورحسين كرشوم رئيس الدائرة الأوروبية بالمجموعة الوطنية يدافع بشدة عن البينات التى سيتم تقديمها لمجلس حقوق الإنسان من قبل المجموعة الوطنية وليست الحكومة ، ويكشف كرشوم عن فلم مصور ويقول فى حديثه لـ(الصحافة) إن المجموعة عثرت عليه مصورا بموبايل أحد عناصر الحركة الشعبية يبين الإنتهاكات التى تمت فى أبوكرشولا، فضلا عن معلومات وبينات تحصلت عليها المجموعة من شهود عيان ومتأثرين تؤكد جميعها وجود محاكم نفذت من خلالها إعدامات خارج نطاق القانون ،إستهداف المدنيين الأبرياء في أرواحهم وممتلكاتهم، إستهداف وتدمير منشآت مدنية وتعليمية ودينية وخدمية ،إرهاب وترويع المدنيين الآمنين ، التعذيب والقتل والتمثيل بجثث المدنيين الأبرياء ،إستخدام المدنيين كدروع بشرية ، إستهداف المدنيين على أساس ديني وعرقي وإثني وسياسي (ذبح وقتل 46 رجلا وامرأة من المدنيين الأبرياء) ، وجود إدعاءات بحالات إغتصاب لنساء وفتيات قصر،الإختفاء القسري والإختطاف، ،ويؤكد كرشوم أن للمجموعة شركاء دوليين وإقليميين وعربا أثبتت خلالها الكثير من المصداقية من خلال بينات تقدمت بها المجموعة فى محافل أخرى ذات صلة ، ويتوقع أن تدفع هذه الشراكات لتعزيز شكواهم فى المجموعة ،كما لايستبعد كرشوم أن تأتى قوات التمرد وشركاؤهم ببينات مضادة وإتهامات ضد السودان سيما أن المنطقة تقع تحت تسليط القمر الإصطناعى،ويؤكد كرشوم أن للحكومة وفدها المشارك والمدافع باسمها من الجهات الرسمية فى ذات المحفل .
وفى الإطار ذاته كشف كرشوم أن قضية إنتهاكات أبو كرشولا على رأس الأجندة فى جنيف علاوة على مقتل ناظر الدينكا نقوك كوال دينق ماجوك ثانية فى ترتيب الأجندة ، إلا أن كرشوم عاد قائلا الحرب مليئة بالمآسى ولكنها أيضا لها نظم وقواعد وقوانين ،كاشفا عن عدة إنتهاكات فى مناطق أخرى ،لم تتوفر المعلومات الكافية حولها بسبب نقص البينات فأصبحت فى موقع الشجب والإدانة فقط ،ويدافع كرشوم بشدة عن المجموعة ويقول إنها مجموعة وطنية محايدة وغير حكومية وقد إستطاعت تقديم الكثير من النصائح للحكومة وجدت القبول والإستحسان كما وجدت إشادات من قبل الأفراد والجماعات معا.
وتقول المجموعة فى تقريرها إن ماتحصلت عليه من بينات وفقاً للوقائع المثبتة وافادات الشهود يؤكد أن الاعتداء وقع فى حق بعض الاشخاص فى حالة حياتهم وصحتهم وسلامتهم البدنية والعقلية و(ترويع المواطنين) وقتلهم ومعاملتهم معامله قاسية وتعذيبهم وانتهاك كرامتهم بالإضافة الى إغتصاب النساء والاطفال، ووضح من خلالها أن المتمردين قد خالفوا المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الاربع لسنة 1949 والخاصة بحماية المدنين أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية بالاضافة الى البروتوكول الثانى الاضافى لعام 1977 الملحق باتفافيات جنيف والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية الذى وضع ضمانات اساسية لحماية المدنيين ومنهم النساء والاطفال، وبروتوكول العنف الجنسى الخاص بإقليم البحيرات العظمى الذى وقع عليه السودان .
الصحافة السودانية
إبراهيم عربى