أقول ذلك من خلال متابعتي لحالة فقر غريبة لأسرة بسيطة من فضلاء بلادي ابتلاهم الله بأن جعل رب الأسرة كفيفاً ومعاقاً في آن واحد، وأم كفيفة لها ثلاثة أبناء يفتقدون نور البصر بينهم طفلة عمرها «12» سنة كفيفة ومكبلة بالحديد حتى تقيحت قدماها وتورمتا بفعل الأكسدة، وهي قصة معاناة أم ترى أبناءها وزوجها بالإدراك وتحس بمن حولها في غياهب الظلمات، وقد حاولت جاهداً أن أنقل تلك الصور الحزينة عبر «الإنتباهة» ليعلم كل قارئ أن لهذه الأسرة حقاً وديناً مستحقاً تمليه الأعراف والتقاليد والسماحة قبل أن يكون واجباً تمليه العقيدة والنهج الدعوي، فتوجهت وقلبي مطمئن إلى أن لهذه الاسرة رباً يحميها وسيسخر لها من ذوي القلوب الرحيمة من يحمل عنها العنت والمشقة، ففكرت أولاً في الذهاب لوحدة حماية الأسرة والطفل بشرق النيل، والتي اتصلت على فورها بمناديب الرعاية الاجتماعية، ولحظت أن بينهم خلصاً أعني الأسرة والطفل يقفون على جمر من العذابات الطفولية، فالعنبر لا يسع التائهين، وسجل البلاغات والاعتداءات على الصغار يتصاعد بوتيرة متزايدة، ورغم ذلك تحرك موكب الأسرة والطفل وموكب الرعاية الذي يضم الباحثين والمهتمين، وللحق أقول إنهم أعني الرعاية، أخلصوا في جمع المعلومات عن كل شاردة وواردة، وعلمت من خلال تشاورهم أن هذه الأسرة تعتبر تحت خط الفقر بل العدم وتحتاج لأمور عاجلة، وأخرى غير ذلك، فما الذي تم ؟ لا شيء فلا عاجل تم ولا بطيء ظهر.
نشرنا المقال وهب أهل البر والإحسان والفضيلة، فها هي سيدة من فضليات بلادي تقود مركبتها وبصحبة أبنائها وتحط بخيلها على الأسرة المكفوفة، وتلتزم بتقديم دعم شهري يصلهم عند مكانهم، وأخرى ذرفت دموعاً بلا انقطاع معلنة التزامها بتقديم الرعاية الطبية، وآخر يترك عمله ويشد الرحال ويجوب أزقة المايقوما «زقاق.. زقاق» ويقدم بيمينه ما لا تعلمه يسراه، وآخر يثق في «الإنتباهة» ويرسل مبلغاً مالياً ليسلم للأسرة، ورعاية «الأصم» تضيف ملف هذه الأسرة لملفات آلاف الفقراء، ويبدو أن هذا حدهم.
أفق قبل الأخير: وحدة حماية الأسرة والطفل بشرق النيل قادت كل هذا العمل وغيره في صمت تام، وقامت بدور آخر جزاهم الله خيراً، وسنفصل ذلك لاحقاً. أفق أخير: اقترح أن تسمى هيئة بحوث الرعاية الاجتماعية.صحيفة الإنتباهة
علي الصادق البصير