أولاً: إيجاد مناخ غائم يسمح بتمرير خطة إتباع المنطقة لدولة الجنوب بعد انتزاع ملف القضية من أيدي الأفارقة الذين لا يقوون على مقاومة الخطة في ظل تعاطف بعضهم مع جوبا ومناصريها العالميين.
ثانياً: السعي لتجريم الحكومة السودانية وإيجاد خطوط اتهام مباشرة لها، وجعلها في خانة المتهم الذي ينصب كل تفكيره في تبرئة نفسه من الجريمة بدلاً عن الدفاع عن المسيرية في مقابل دفاع جنوبي مستميت عن دينكا نقوك.
ويعزز الفرضية أعلاه تصريحات المتحدث الرسمي باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير لـ «الشرق الأوسط» إن اتهامات الحكومة السودانية لنا محاولة جديدة لتغطية تورطها في عملية اغتيال سلطان قبيلة دينكا نقوك في أبيي كوال دينق مجوك!!
ثالثاً: وضع ملف أبيي بين يدي مراكز الضغط الدولية واللوبيات داخل مجلس الأمن الدولي ومن ثم العمل على ترهيب الخرطوم من خلال التلويح بإصدار قرارات دولية والاستمرارفي اتهامها بالضلوع في حادثة الاغتيال، لإضعاف موقفها المساند للمسيرية. سيناريو محتمل: عدد من المراقبين لم يستبعدوا أن يكون مقتل السلطان كوال برمزيته السياسية، وزعامته القبلية، عملاً مدبراً بإحكام لتسهيل مهمة نقل الملف إلى مجلس الأمن الدولي طالما رفضت الخرطوم وبعض الدول الإفريقية العام الماضي عملية انتقاله إلى مجلس الأمن، ورأت ضرورة أن تتم التسوية السياسية داخل البيت الإفريقي، ويعزز هذا الإتجاه كثير من المعلومات التي تقول إن المسيرية لا تملك مثل السلاح الذي قتل السلطان، ووفقاً لهذا السيناريو لم يستبعد أن يكون السلطان قد تم استدراجه إلى هذا الفخ للتخلص منه ثم اتهام المسيرية بقتله، لتصعيد الأزمة بشكل يسمح بتمرير الأجندة الدولية المساندة لفكرة اتباع المنطقة لدولة الجنوب، ويحتمل أن يكون هناك تنسيق قد تم بشكل محكم بين جميع العناصر المستفيدة من عملية الصعيد، وإرباك الساحة لتمرير أجندهم. اتهام جهات خارجية: الحكومة من جانبها اتهمت «طرفاً ثالثاً»، بالضلوع والتورط في مقتل ناظر قبيلة دينكا نقوك «كوال دينق مجوك» إذ وجهت الخرطوم أصابع الاتهام إلى بعض الحركات المسلحة المتمردة الموجودة في بلدة «أم خرائط» شرقي منطقة أبيي، وألمحت إلى أن نتائج التحقيقات ستثبت صحة روايتها والوصول إلى الطرف الثالث.
ووفقاً لذلك ستتواصل تحركات دينق ألور «وزير الخارجية» السابق في الفضائيات الدولية، وستستمر اتهامات باقان ومجموعته للخرطوم بهدف توريطها في هذه الأحداث بحجة «تسليح» المسيرية، وسيتواصل التحرك دولياً،لوضع الحكومة في خانة المتهم، وذلك بالتعاون مع بعض المنظمات واللوبيات والدوائر الإسرائيلية. مخاوف مشروعة: ويخشى الشارع السوداني أن ترتكز جهود الحكومة في المرحلة القادمة في كيفية الخروج من مأزق «السلطان كوال» فلا تستطيع، وتطلق حملاتها الدبلوماسية والسياسية، وحشد الأصدقاء والاحتماء بهم للحصول على شهادة البراءة من عملية إلصاق التهمة، وتضيع وقتاً ثميناً وأموالاً وجهداً في حماية نفسها من «الاتهام» وتنصرف عن حماية المسيرية والدفاع عن قضيتهم… هذه مجرد هواجس في أوساط المسيرية والشارع السوداني يُخشى أن تصبح حقيقة، ولا شك أنه إذا اشتدت وطأة الضغوط الدولية، في ظل تواصل الاتهامات للمسيرية فإن الحكومة ربما تسعى للبحث عن «كباش فداء» حتى لا تعرض كل المركب للغرق، لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هل سترضى عنها مراكز القوى واللوبيات الصهيونية بمجلس الأمن الدولي؟؟ مطلوبون دولياً: إلى ذلك فقد أشرنا في وقت سابق وفقاً لمعطيات محددة وقرائن أحوال معينة إلى أن كثيراً من المؤشرات تعكس الاتجاه الدولي الذي يتوقع أن يفضي إلى مطالبة الحكومة السودانية بتسليم قتلة سلطان الدينكا، أو لتعتبر متواطئة مع «القتلة» مع تجاهل تام لضحايا المسيرية الـ «22» من تلك الأحداث، ليأتي الحديث بعد ذلك عن عدم استقلالية القضاء السوداني، وأنه غير قادر وغير راغب كما كان الأمر في جرائم دارفور، وبناء على ذلك ستتحول الحكومة السودانية من خانة «المُحقق» في أحداث محلية وقعت بين طرفين من رعاياها، إلى متستر، ومنحاز لأحد الأطراف، وبالتالي اتهامها بهدف التشكيك في عدالتها والتأكيد على عدم أهليتها لمعالجة هذا الملف. فرض الوصايا: كل هذه الخطوات ستمهد الطريق للمواجهة بين الحكومة السودانية وتلك القوى الدولية التي تتدثر بغطاء الأسرة الدولية للحصول على شرعية العدوان على أرض السودان وفرض الوصاية الدولية، وانتهاك سيادته، ليصبح المحصول النهائي لكل تلك التحركات استصدار قرار من مجلس الأمن يطالب بتسليم الجناة لمحاكمتهم دولياً بعد التشكيك في نزاهة القضاء السوداني. ولا شك أن الحكومة السودانية سترفض تسليم أي سوداني لأية محاكمة دولية لأن هذا المطب إذا تساهلت معه الحكومة سيفتح الطريق بالمطالبات القديمة وقرارات المحكمة الدولية التي ذهبت أدراج الرياح على الأقل في الوقت الراهن، ربما تمضي وتيرة التصعيد الدولي للملف لإيجاد مبررات و« حيِل» لتدخل دولي في السودان تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يبيح التدخل العسكري في الشؤون الداخلية للدول. خلاصة القول: الناظر إلى اتجاهات الصراع، ومعطيات الواقع يتبين له أن، الحكومة الآن تقف عاجزة وقد سلمت أمرها للقوى الدولية، وهي تقر تماماً بأن أبيي الآن تحت الوصاية الدولية ولا تستطيع أن تفعل حيالها شيئاً، وليس لها حق رفض قرار زيادة القوات الدولية في أبيي، ولا تستطيع الاعتراض على أية خطوة تقوم بها الأمم المتحدة في المنطقة، لأن الأمر ببساطة أصبح خارج إرادتها، ولعل حديث رئيس إشرافية أبيي الخير الفهيم واعترافه الجريء قبل أيام يؤكد بجلاء خروج الملف نهائياً من أيدي الحكومة!!
صحيفة الإنتباهة
أحمد يوسف التاي