حوادث سعيدة!!!
كانت نقطة الخلاف الأساسية بيني وبين أمي رحمها الله، تكمن في أنها تحتجّ عندما أناديها «مامي»، وياما حاولت ان اشرح لها أنها عاشت في عصر ما قبل ماما ومامي، وان من حقها ان تلحق بركب العولمة بصيغتها العربية، وتنال لقبا عصريا بدلا من لقب «يمّه» البلدي، ولكنها تصرخ في وجهي: بلاش قلة أدب! حقيقة الامر هي انني كنت أسعى لرد الجميل إلى أمي، ولن أنسى لها أنها ظلت مقتنعة بأنه ما من حواء على وجه البسيطة، أنجبت ولدا في حلاوة ووسامة ابي الجعافر، وكنت أقول لها: يا مامي، الغراب في عين أمه حمامة، فتقول: لا تستأهلك فتاة حتى لو كانت فاتن حمامة! ولكن أحداثا وقعت مؤخرا أكدت لي ان أمي تتحلى ببعد النظر، فقد شكوت مرارا في مقالاتي أنني أصبحت مستهدفا من قبل النساء الآسيويات، فقبل نحو أربع سنوات تحرشت فتاة كورية بسيارتي، وتم فض الاشتباك بوساطة شركة تأمين، وبعدها بشهور كنت أقف في ساحة واسعة، وأتأهب للنزول من سيارتي فإذا بي أحس بزلزال.. فقدت توازني بضع دقائق ثم نزلت من السيارة لأكتشف أن سيارة صغيرة تقودها هندية «صغيرة» وحلوة، قد اصطدمت بسيارتي من الخلف.. لم يكن من تفسير للحادث سوى أنه متعمد، فقد كان موقف السيارات واسعا ويسمح بمرور طائرة إيرباص، فلماذا عبرت الهندية مسافة طويلة تفصل بين سيارتها وسيارتي الواقفة، لتحتك بها؟ فكرت أن أقول للهندية الحلوة: يا بنت الناس، التحرش له أصول، ويجب ان يكون ناعما،.. ثم عيب يا بنت الناس لأنني متزوج!! ولكنها كانت تبكي وهي ترتعد، وبدلا من شرشحتها وجدت نفسي أقول لها: بسيطة يا بنت الناس، والمهم أنك بخير.. وانتهى بي الأمر متصلا بأبيها ليأتي لتهدئتها بعد أن أبلغته بأن الحادث بسيط، وأن البنت معذورة ولم تجد وسيلة للفت انتباهي اليها سوى التحرش بسيارتي!! ثم كنت اقود سيارتي خارجا في خط مستقيم من دوار، ومرت سيدة يابانية بسيارتها عن يميني، وما ان رأتني، حتى فقدت رشدها ومالت بسيارتها، وهمزت سيارتي في خاصرتها، وكانت بنتي مروة بجانبي، ومعروف عنها أنها تعتبرني مسؤولا عن اتفاقيات مدريد واوسلو، وثقب الاوزون والغزو الأمريكي للعراق، وانفصال جنوب السودان، وطلاق جنيفر لوبيز من زوجها الثاني (لا يجوز حساب الممثل بن أفليك ضمن أزواجها، لأنها طلقته في ليلة الدخلة بعد ان اكتشفت أنه كان يقضي الوقت مع بعض فتيات الليل في نفس يوم الدخلة).. المهم أنني فوجئت بمروة تقول لي: خليك هادئ وبلاش انفعال! كانت قد أدركت ان السيدة اليابانية على خطأ، ولكنها لم تدرك ان المسألة مسألة شرف، ولا يليق بي أن أسكت على تحرش مكشوف!! ثم جاء شرطي المرور واثبت أن اليابانية هي التي تحرشت بي، فدخلت في دوامة: من شركة تأمين إلى ورشة سيارات إلى مكاتب تأجير السيارات، ولسبب لم اكن أدركه وقتها أصرت مروة على مرافقتي عند الذهاب إلى محل تأجير السيارات، وعرفت السبب عندما قالت للموظف: نريد مرسيدس جديدة فل اوبشن، ولأن طلباتها اوامر فقد استأجرت مرسيدس وتحولت إلى سائق لأفراد العائلة، الذين أرغموني على زيارة كل ركن في مدينة الدوحة، بل ان مروة كانت تصيح بأعلى صوتها: يا رب بابا يعمل حادث كل يوم عشان نركب مرسيدس.
والمعروف ان مرسيدس أساسا اسم امرأة، ورغم ان الحوادث الثلاثة جعلتني أكثر تصميما على معاداة النساء في كل المحافل، فانني اقر بضعفي أمام الآنسة مرسيدس، وبصراحة انني افكر في عدم إعادتها إلى مكتب تأجير السيارات وابحث عن كفيل في دولة خليجية أخرى غير قطر، لاهرب بالسيارة، حتى لو أدى ذلك إلى تجريدي من هويتي السودانية علما بان السوداني الأصيل من جيلي لا يستخدم الا تويوتا او نيسان! وبالطبع لم انس أهلي، وقد أرسلت اليهم صورتي مع المرسيدس حتى يعرفوا أن بطن أمي آمنة جابت وما خابت!!
جعفر عباس
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]