بين الانتنوف والهيلكوبترات
نظرت لنفسي وانا اجلس فوق “حافظة المياه” داخل الطائرة الحربية المتجهة صوب ابوكرشولا من مدينة الابيض التي وصلنا اليها بالانتنوف وانا اتفرس ملامح القيادات العسكرية وحديثهم الفرح عن انتصارهم في معركة ابوكرشولا والدعوات للتقدم صوب نقاط اخرى متقدمة الذي قطعه اشارة البعض الى اننا نقترب من المدينة وهي بدأت تلوح وآثار المعارك بالقرب منها يذكرك بان هنالك مواجهات شرسة قد جرت في تلك المنطقة وآثار القصف على الاشجار تشير ايضا إلى أن المعارك كانت أمام مدخل المدينة وليس في عمقها .
ابوكرشولا ..المدينة القاتلة
على الرغم من الحبر الكثير الذي كتبت به قصة ابوكرشولا الا أن الامر يختلف عندما تدخل اليها حيث تشعرك بيوتها الخاوية بأن حربا كانت هنا على الرغم من عدم وجود آثار تدمير للمنازل الا أن الحزن يلفها على الرغم من انها تتهيأ لاستقبال خريفها وسط خضرة غاب عنها الوجة الحسن سوى الكلاب الضالة التي ازدادت شراسة بعد أن تذوقت لحم البشر ومخلفات الجثث طوال الايام الماضية .
اغلب المنازل مهجورة والأعداد البسيطة من المواطنين التي عادت للمدينة لا تشعر بأن الوضع مستقر حيث لم يحسموا اوضاعهم خاصة وأن المدينة تحولت لثكنة عسكرية الا أن الذين التقيت بهم قالوا إن اهلهم في الرهد لا يرضون على الاوضاع وهم مصرون على العودة مهما كانت الظروف خاصة وأن موسم الزراعة قد بدأ وهو مبشر ولذلك كان (اللوري) يعمل بجهد لإعادة المواطنين الراغبين الا أن اصوات المدافع التي تترامى تجعل الارجل تحبذ الرحيل من جديد .
قوافل كثيرة وصلت المدينة اطرفها القافلة التي اتت من مدينة بارا حيث كانت محملة بالمواد التموينية الخضروات والاطرف أن القافلة اتت ولم تجد من يستقبلها !
الفريق عصمت:الدروس لم تنته بعد
بتحية عسكرية منضبطة استقبل قائد متحرك المنتصر بالله العميد عادل الكناني الفريق عصمت الذي خاطب بعدها قادة المتحرك قائلا بانه اتى نيابة عن القائد الاعلى للقوات المسلحة الرئيس المشير عمر البشير، مشيرا إلى انهم سعداء بهذا النصر حتى يتم الرد على الإعلام الذي وصفه بالمضلل الذي كان يشكك في مقدرة الجندي السوداني وان هذا النصر قال انه اعاد الثقة، مقرا بأن قوات الجبهة الثورية استطاعت أن تنتصر في معارك صغيرة ولكن الحرب كانت مراحل وبتنسيق مع عدد من الفرق العسكرية إلى أن افقدت الحركات المسلحة توازنها، مشيرا إلى أن مثل هذه المعارك يجب أن تدرس بأنها استخدمت فيها لأول مرة عددا من الاسلحة المشتركة الحديثة من القوات الجوية والبرية، مشيرا إلى أن الفارق في استخدام الدبابات بشكل حديث بعد أن اصبحت تقوم بعمليات المناورة والهجوم، مشيرا إلى أن هنالك حماسا كبيرا لدى الضباط جعلهم يتوزعون على كل الدبابات ويقودونها في الهجوم.
اضاف الفريق عصمت أن الدعم ما يزال يأتي لقوات الجبهة الثورية من دولة الجنوب وأن القيادة السياسية جادة في ايقاف تنفيذ كل الاتفاقيات إذا ثبت هذا الدعم من جديد. واضاف :هؤلاء ليسوا جبهة ثورية وانما “حرامية”، مشيرا إلى أن العمليات مستمرة، وشكر كل القوات التي شاركت وقرر صرف مبلغ مليون جنيه لكل جندي في المتحرك.
الكناني …نجم الموسم
مثلما سطع نجم اللواء كمال عبد المعروف بعد معارك هجليج الآن يلمع نجم قائد معارك ابوكرشولا العميد عادل الكناني الذي بدا متحمسا لرواية قصة دخول ابوكرشولا بالقول إن المتحرك تم الإعداد له بإشراف من هيئة الاركان البرية، مشيرا إلى أن هذه اول معركة يخوضونها بالمدرعات، مشيرا إلى انه في يوم الاثنين تحركت القوات نحو الهدف بقيادة العميد بحر أحمد الذي اصيب اثناء العمليات، مشيرا إلى أن قوات الجبهة الثورية قاتلت بشراسة ولكنه اضاف بالقول” نحن قلعناهم قلع” بواسطة قوة النيران من الدبابات والراجمات ذاتية الحركة بجانب الهاونات التي اشتركت في المعركة، مشيرا إلى أن المعدات الجديدة التي استخدمت كانت داعمة لحسم المعركة بجانب الطيران الذي كان دوره حاسما، مقرا ايضا بقوة نيران الجبهة الثورية الذي قال انها تستخدم الرباعيات والراجمات ببراعة وكثافة ضد الطيران ولكن حصل التفوق في نهاية الامر.
كمين ..تحت أشجار المانجو
بعد تفقد الوفد لآخر خط دفاعي في المدينة المشرف على سلسلة جبال ما تزال قوات الجبهة الثورية تتواجد فيها توجهنا صوب موقع آخر بالقرب من اشجار مانجو كثيفة لينهمر فجأة الرصاص الذي سمعنا صوته يمر بالقرب من آذاننا ويتساقط لينقلب المشهد برمته في اقل من ثوان حيث ازدادت كثافة النيران والمدفعية وتم سحبنا لوسط المدينة من جديد لتتحرك الدبابات لمخارج المدينة ويسمع بعدها اطلاق نار من مختلف الاسلحة بصوت واضح وقوي لأجد نفسي وسط معركة الا أن قائد الفرقة الخامسة مشاة “هجانة” اللواء عادل حسن قال إنهم قادوا حربا ضروسا ضد قوات الجبهة الثورية، مشيرا إلى أن عمليات التمشيط ما تزال جارية وهو ما يجعل اصوات الاسلحة تسمع .
قصة الدبابة رشرش وسحر
بعيدا عن الاضواء وجدتهم يجلسون تحت الاشجار بالقرب منهم تقف مدرعاتهم وكأنهم في استراحة محارب وجدت ضباط المدرعات وجنودهم تجاذبت معهم اطراف الحديث فكانوا يتحدثون بلسان العسكريين المحترفين عن المعارك التي خاضوها في الفترة الماضية وفرحين بالنصر خاصة اطقم الدبابات الذي كانت لهم قصة اخرى حيث تقف مدرعة مكتوب عليها “رشرش” واخرى بجوارها مكتوب عليها “سحر” قالوا إن المدرعتين شاركتا في المعارك بشكل قوي نسبة لمرونتهما الا أن قصة الأسماء فلا علاقة لها بالحرب وانما بالحب وهنا تكمن الدهشة حيث حكي لي بفرح احدهم بأنها محبوبته رشا التي يغازلها “برشرش” واصر على أن يأخذ صورة بالقرب منها في مشهد مربك بالنسبة لي لأن في ساحة الحرب التي تواجدنا بها لا مجال لتلك المشاعر، ولكن ربما يختلف الامر مع من عركتهم المعارك.
شهود عيان..يروون القصة
كنت اهتم بأن اسمع من مواطني ابوكرشولا الذي لم يخرجوا منها بعد استيلاء قوات الجبهة الثورية عليها فعثرت على حبيب الله أحمد الذي يعمل في مصلحة الغابات قائلا إن الهجوم حدث في الساعة السادسة صباحا من منطقة الجبال الشرقية في المدينة وانهم علقوا بين اطلاق النيران فمنهم من آثر البقاء وآخر هرب بنفسه، مشيرا إلى أن اغلب قادة الهجوم من ابناء المدينة، وأنهم تعرفوا عليهم، مشيرا إلى أن الايام التي مضت على وجود قوات الجبهة الثورية كانت الاوضاع صعبة خاصة مع نقص في المواد الغذائية والمياه والرعاية الطبية الا انهم وعلى حسب قول حبيب لزموا منازلهم حتى دخلت القوات المسلحة.
تقرير: خالد أحمد
صحيفة السوداني