تساؤلات مشروعة ولكن بدون إجابة

سألت والدي مرة : ما معنى الحديث الشريف ” ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ” قال لي معناه لا إفراط ولا تفريط ، هذا الشرح المبسط ظل يشغلني كل حياتي لدرجة أني في كل يوم عندما أخلد للنوم أسائل نفسي : هل أفرطت وتطرفت خلال يومي هذا في أي جانب من جوانب حياتي ؟ للأسف الشديد كانت دائما الإجابة بنعم !!وكنت أقول حسنا غدا لن أتطرف ، لا إفراط ولا تفريط بعد اليوم ” و” أجر الملاية وأنوم ” ويمر اليوم فأعود لنفس السؤال وأجد أن الإجابة سلبية جدا .
قتلني التفكير الشديد ، وحاصرتني كمية هائلة من الأسئلة فتذكرت يوما مقولة الفيلسوف الكبير رينيه ديكارت : أنا أفكر إذن أنا موجود ، فصرخت مثل أرخميدس وجدتها ، إنه التفكير ، إنه الإتزان ، نعم الإتزان هو الحل .
جلست يوما إلى صديق أحترمه كثيرا وكنت متطرفا سياسيا ، قال لي : شوف يا صديقي إما أن توافقني ومرحبا بك أو أن تخالفني وسحقا لك .. وبعد أن خرج قررت أن أكون سيد نفسي وأن أدفع حياتي ثمنا كي أكون سيد نفسي ،فشرعت فورا في قطع صلتي تماما بكل أنواع التفريط والتطرف ، وأن أكون متزنا في كل خطواتي ، طبعا أحيانا أنجح ولكني أحيانا أفشل ولكن عموما أكون راضيا .
جالت بخاطري هذه الأفكار وجالت أسئلة أخرى : لماذ التعصب ؟ لماذا التشدد ؟ لماذا
التطرف الأعمى ؟ لماذا مثلا لا يصلي إمام ما على ميت لأنه كان يشرب الخمر ؟ ” بالمناسبة إتضح فعلا أن دور الإمام مهم جدا في الوقوف أمام التطرف والإرهاب ” قال رسول الله ” ص ” من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ” وقال الحافظ بن كثير رحمه الله لقد أجزى الكريم عبادته بكرمه أن من عاش على شيء مات عليه ومن على شيء بعث عليه .، فهل هذا الإمام يعرف ذلك ؟ لماذا نعامل نساءنا بعنف ودون رحمة ؟ أليست هي نفس تلك الأم التي حملتنا في بطنها تسعة أشهر ؟ أليست هي نفس المرأة التي أرضعتني وأرضعت كل شخص فينا لنحو عامين ؟ أليست هي نفس المرأة الأم التي تسهر كل الليل من أجلنا ؟
حسنا لماذا في كل مرة أذهب فيها إلى المسجد أسمع كلمات الوعيد والتهديد والناروالتهلكة وجهنم ؟ لماذا يدخل أحدهم مسجد الجرافة ليقتل عشرات المسلمين لإختلاف تافه ولا معنى له ؟ لماذا يذبحون صحفيا بريئا ويقطعونه إربا إربا مثل طه محمد احمد ؟ لماذا يطعن بالسكين شاب نقي صافي مثل خوجلي عثمان ؟ لماذا ولماذا والف لماذا ؟
لماذا هذا القتل بالمجان في كل مكان ؟ هل حقيقة كل هذا من أجل الجنة ؟ هل حقيقة أن الدين يأمر بكل هذا ؟ هل فعلا لو تساءل أحدهم أو أخرج عملا مسرحيا أو فيلما سينمائيا قال فيه رأيه يجب أن يقتل ؟ لنفرض ذلك ألا توجد عقوبة أخرى ؟ الهولندي مخرج الفيلم المسيء للرسول ” ص” إعتنق الإسلام !
من الذي يحق له أن يقول هذا مسلم وذاك كافر ؟ هل يجب على الجميع أن يذهبوا إلى المسجد وإلا نطبق حد السيف ؟ حسنا لماذا لا نحاسب الفاسد سارق قوت الشعب ؟ هل الدين قتل وإرهاب ؟ وأين كل تلك الآيات التي تدعو إلى الرحمة والتوبة ؟
دعكم من كل هذا لماذا لا نعكس الوجه الحضاري للدين ؟ لماذا لا نعكس الوجه المشرق المضيء للإسلام ؟ لماذا لا نقرأ سيرة النبي محمد “ص ” قراءة جيدة ؟
لماذا في كل مرة أذهب فيها للصلاة في المسجد أسمع عبارات البؤس والشقاء ؟ لماذا لا نتحدث عن جمال الموسيقى وعن جمال الزهرة ؟ لماذا نحاصر الإنسان في كل أفعاله ألم يقل الله عز وجل ” كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ” ؟
هل فعلا الدنيا قبيحة لهذه الدرجة ؟
تفكروا يا قوم واعقلوا :
لماذا أقرأ في القرآن كل يوم ؟ لماذا هذا الإعجاز الرهيب ؟
ذكرت كلمة الأيام 365 مرة وهو عدد أيام السنة
ذكر اليوم منفردا 30 مرة وهو عدد أيام الشهر
ذكر القمر 12 مرة وهو عدد الأشهر القمرية
ذكرت الشهور 12 مرة وهو عدد أشهر السنة
ذكر الإيمان 25 مرة والكفر 25 مرة
ذكرت الدنيا 115 مرة والآخرة 115 مرة
ذكرت الملائكة 88 مرة والشيطان 88 مرة .
ذكر الناس 50 مرة والأنبياء 50 مرة
ذكر الرجل 24 مرة والنساء 24 مرة
ذكر ت الحياة 145 مرة والموت 145 مرة
ذكرت الحسنات 167 مرة والسيئات 167 مرة
ذكرت السماوات 7 مرات على عددها
ذكر العقاب 117 مرة والمغفرة 234 مرة يعني الضعف .
ولا تنسوا أن النبي محمد ” ص” أمي ؟ ومن هو الأمي هو أم نحن ؟
لماذا يسرق أحدهم آلاف بل ملايين الدولارات وهو مسلم ؟ لماذا لا يعاقب ؟ لماذا لا يعاقب بقسوة مغتصب الأطفال ؟ مسيحيا كان أو مسلما ؟
وبعد ، أتذكرالان قول أبي حنيفة حين سأله تلميذه : ترى هل ما ذكرت هو الصواب الذي لا يأتيه الخطأ ، فأجابه والله لا أدري ،لعله الخطأ الذي لا يأتيه الصواب !!!

تساؤلات مشروعة ولكن بدون إجابة
كتب : بدرالدين حسن علي

Exit mobile version