لقد أسمعت لو ناديت حيَّاً..
ولكن لا حياة لمن تنادي..
لا أقول لا حياة لمن تنادي، لكن ربما لم تصل التوعية الإعلامية بالخطر إلى المعنيين أو إلى معظمهم، وإذا تعذّر وصول صحيفة الإنتباهة مثلاً إلى معظم أو بعض (التجار الشماليين) ليتعظوا بسوابق مؤسفة لإخوانهم، فإن واجب الدولة أن تقوم بالتوعية من خلال الوسائط الإعلامية الأكثر تأثيراً مثل الإذاعة والتلفزيون ما فائدة أجهزة الدولة الإعلامية إذا كانت لا تقوم بدور توعية المواطنين بالأخطار التي تواجههم؟!. إن الرغبة الحكومية المؤسفة جداً في تطبيع العلاقات مع دولة أسوأ من إسرائيل من ناحية الجغرافيا بالنسبة لموقع السودان لا تمنع توعية المواطنين من المخاطر التي ظلت تواجه التجار الشماليين. نعم لا عُذر لمن أُنذر، لكن هل ضحايا عصابات دولة الجنوب وجيشها الشعبي أُنذروا بالفعل؟!.
آخر الأخبار عن مآسي ومذابح التجار الشماليين في الجنوب ترجمته الإنتباهة من وكالة فرانس برس وقد جاء الخبر اعترافاً من الناطق الرسمي باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان (جيش الجنوب) العقيد فلب أقوير حيث قال إن (11) تاجراً شمالياً قتلوا في كمين نصبه مسلحون مجهولو الهوية في أعالي النيل بعد عبورهم الرنك. وسؤالنا هنا للناطق الرسمي باسم جيش سلفا كير هو: هل يجهل الجيش الشعبي هوية هؤلاء المسلحين العسكرية؟! إذا كانت الإجابة بنعم ستكون غريبة لأن الذي تحدَّث لوكالة فرانس برس عن الحادث هو الناطق الرسمي باسم الجيش الشعبي ولم يدلِ بإفادات وافية وهذا معناه أنه يرفض الكشف عن هوية المسلحين، وهذا الحادث لم يكن هو الأول من نوعه بعد تنفيذ اتفاقية انعدام الأمن ونسف الاستقرار في 2005م فهي مئات الحوادث أكثرها كانت فيها بصمات الجيش الشعبي واضحة جداً. ثم إن الدوافع التي جعلت هؤلاء المسلحين يعتدون على تجار شماليين وهم مدنيون، هي نفسها متوفرة في نفوس الجيش الشعبي والأدلة كثيرة، ثم إن المسلحين المجهولين أو غير المجهولين في جنوب السودان يحاربون فقط الجيش الشعبي أو يخوضون في صراعات قبلية داخلية، والتجار الشماليون يفهمون هذا. فمتى سيتوب هؤلاء التجار من ممارسة تجارتهم في دولة يحكمها أجرم جيش في العالم بعد الجيش السوري والجيش الإسرائيلي؟!. أما حان للتجار الشماليين أن يخلعوا عن أنفسهم هذا اللَّقب بعد سيطرة الحركة الشعبية على الجنوب وبعض مناطق السودان في جنوب كردفان والنيل الأزرق؟.
إن أحزاب الأمة القومي والمؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي أرسلوا ممثلين لها للعزاء في كوال سلطان النقوك في جوبا. فهل سترسل هذه الأحزاب ممثلين إلى أسر التجار الشماليين المقتولين للعزاء أم أن هذا سيفعله منبر السلام العادل بصحبة كاميرا (الإنتباهة)؟!! لله في خلقه شؤون.
خالد كسلا
صحيفة الإنتباهة [/JUSTIFY]