الدعارة اقدم المهن في التاريخ تشق طريقها في حاضرنا اليوم ، فالخرطوم لم تعد تلك المدينة المدثرة بخمارها في وقت غابت فيه الرايات الحمراء ولكن ما زالت إشارات المرور خضراء للمضي قدماً في هذا الطريق الذي يقود إلى خارج البلاد ، فالظاهرة الآن تجهر بما ظنناه همساً ، ومجموعة من الحكايات تفضح نفسها وتدق اكثر من ناقوس .
الحرة وهي تدلف إلى الطريق الشائك اختارت ان تبدأ بكيفية الوصول الى هناك دون ان نتساءل عن طريق العودة ، فمحاولة الخروج تجعلك تصطدم بطريق آخر بين صدفة اللقاء الأول في احد تقاطعات المدينة النائية ومحاولات الماكياج الذي لن يخفي ما يفعله ذلك الشاب وصولا الى جلسة القهوة بحكاياتها تبدو القصة الأولى لفتيات في قبضة الشبكات وشبكات في قلب الخرطوم .
حكايتي معهم تبدأ ” ن ، ع ” قصتها مع تلك الشبكة التي تديرها سيدة في العقد الثالث من عمرها قائلة جمعتني بها الصدفة وأنا في انتظار وسيلة تقلني الى السوق العربي كانت تقف بجواري وتجاذبت معي أطراف الحديث مبديه إنكارها على عدم توفر وسائل النقل ساخطة ، ونتيجة لانعدام المواصلات أوقفت السيدة أمجاد وسألتني ان كانت وجهتي الخرطوم وقبل الوداع تبادلنا أرقام الهواتف في الوقت الذي أخبرتني فيه عن وجود فرص عمل خارج البلاد براتب مغري جداً وتمنت ان افكر في موضوع العمل بصورة جادة لتحسين وضعي فالسودان على حسب قولها اصبح لا يحتمل .وقالت لم تمهلي كثيراً ففي اليوم التالي اتصلت لمعرفة قراري فيما طرحته علي من فكرة مؤكدة ان هنالك اكثر من عشرين فتاة ستقوم هي بإجراءات سفرهن في غضون أسبوعين فقط ، وأمام أسئلتي الملحة في معرفة طبيعة العمل أجابت بأن موضوع السفر بطيخة مقفولة ولن ادفع أي مبالغ مالية مقابل السفر ، فالجهة المخدمة هي من ستتكفل بذلك وبدون تردد أبديت موافقتي واتفقنا على أن اسلمها جواز سفري بعد ساعتين حيث التقينا في الوقت المحدد بشارع في الخرطوم ، تعمدت اطالة الحديث معها وأنا ارمق السيارة التي كانت تنتظرها وبها اثنان من الشباب خلاف السائق ، بدا عليها التوتر واستأذنتني في المغادرة بحجة ان المشاوير التي تنتظرها ، وداومت الاتصال بي صباح ومساء ، ومن خلال حديثي المتكرر معها أدركت ما كنت أخشاه ، فالمرأة ومن معها لم يكونو سوى شبكة تتاجر بأجساد الفتيات السودانيات في واحدة من دول الجوار ، وتسارعت الأحداث وشعرت بالخطر الذي اصبح على مقربة مني فقررت التراجع وطالبتهم باسترداد جوازي بعد ان اعتذرت لهم مبينة استحالة سفري فوالدتي وأخوتي رفضوا الفكرة بعد موافقتهم عليها في البداية .. وتفاجأت بها تطرق باب منزلي لتسلمني الجواز وترجوني أن لا أتحدث مع احد ما جرى .
قهوة التجنيد في جلسة قهوة نسائية تم الإعداد لها بكل ترف بإم درمان جلست تلك الفتاة تتوسط الحضور تحكي عن تجربتها بكل عفوية في ممارسة الدعارة عبر شبكات منظمة وتعترف من خلال حديثها باسم ابن الأسرة المرموقة الذي اعتادت السفر عن طريقه ، وعندما لاحظت اندهاشي وانا اسألها عن كيفية سفرها دون علم أسرتها ضحكت قبل ان تجيب .. أسرتي تقطن في احد الولايات ولا يعلمون عن طبيعة عملي شيئاً فقد أخبرتهم بأني اعمل في شركة خاصة وفي كل شهر ارسل لهم مبالغ مالية جيدة تبعد عنهم شبح الفقر مضيفة بأنها لا تجتمع بهم إلا في الأعياد والمناسبات الأخرى .انتهت جلسة القهوة ولكن الحكاية لم تنتهي ، فمن الواضح ان تلك الجلسة ومثيلاتها كان الغرض منها تجنيد فتيات جدد لشبكات ما زالت تعمل في هذا المجال .
مكياج يخفي ما وراءه ظاهر عملها بأنها من نساء الأعمال المعروفات فهي تملك محلاً في موقع مميز لتصفيف الشعر وعمل المساج وخلافه من الأعمال الخاصة بالفتيات ، وهذا العمل يتيح لها تكرار السفر الى خارج البلاد دون أن يشك احد او يسأل عن أسباب ذلك كما يتيح لها منحها إقامات في العديد من الدول الخليجية .ولكن يظل باطن عملها بأنها تقوم بتجنيد الجميلات من رائدات الكوافير للسفر لممارسة الجنس خارج البلاد ، ويبدأ الأمر بدردشة أثناء مكياج صديقتي عن الأوضاع المادية والحالة الأسرية ثم يتدرج إلى إمكانية السفر إلى الخارج للتجارة او العمل ، وبعد التجاوب يتحول الأمر إلى مفاتحة رسمية بطبيعة العمل والأرباح التي يمكن أن تعود عليها ليصبح الأمر مهنة بمرور الوقت .
لم نرصد شبكات منظمة رئيس فرع الجنايات بإدارة شرطة امن المجتمع العقيد محمد علي الحسن الكودابي يؤكد عدم رصد أو ضبط شبكة منظمة تعمل في تجارة الجنس بالسودان ، مستدركاً بأن المخالفات التي يتم ضبطها عبارة عن مخالفات فردية .صحيفة الحرة
آسيا غبوش