زوج يقتل زوجته عمداً … لأنه يحبها ..!!

[JUSTIFY]يعتقد الكثير من الناس أن لغة القانون في مجملها لغة جامدة وجافة، وذلك أمر غير صحيح بالمرة, ذلك أن الأمر يتعلق بالقدرات اللغوية للقانوني نفسه محاميا كان أم قاضيا، فالكثيرون من المحامين تكون مرافعاتهم فيها من جمال اللغة أكثر من المحتوى القانوني نفسه وبالطبع دونما إخلال بالقانون، وكذلك الحال بشأن أحكام المحاكم، فمتى كان القاضي مصدر الحكم مالكا لناصية اللغة والثقافة الاجتماعية، فإن أحكامه تكون في الغالب قصصا محكمة الصياغة ولا ينقصها التحليل العميق وهي بالتالي أعمال أدبية لا تنقصها الروعة، بيد أنها روائع أدبية منسية لأنها تظل حكرا لرجال القانون، وحتى هؤلاء عندما يطالعونها لا يكترثون كثيرا بجمال اللغة أو الصياغة لأنهم عادة يبحثون عن القاعدة القانونية التي أرساها ذلك الحكم، في وقت يكون الحكم فيه قد أرسى إبداعا أدبيا يفوق القاعدة القانونية نفسها مع أهمية الأخيرة.

فوق هذا وذاك، فإن أحكام المحاكم كلها قصص واقعية فيها الكثير من العبر والدروس الاجتماعية، إذ إنها تتناول القيم والأعراف الاجتماعية في الحسبان وكل ذلك لأجل أن تُسبر غور الجريمة والتعرف على نفسية الجاني في ظل الظروف المحيطة وقت ارتكاب الجريمة.
في هذه المساحة سنقدم بعض أحكام المحاكم التي هي وقبل كل شيء قصصا أدبية واقعية، لأنها واحدة من أشهر محاكمات جرائم القتل العمد في السودان. الحكم فيها كتب بواسطه مولانا عثمان الطيب رئيس القضاء وقتها..

ملاحظة: لقد تمت محاولة حذف أسماء الأطراف في البداية ولكن وجدنا أن الأسماء منشورة في مجلة الأحكام القضائية، وكذلك في الموقع الإلكتروني للهيئة القضائية .فالمعذرة إذن أطلبها من كل من يطلع وتكون له صلة ما بأطراف القضية..

بحثت عنها: آمال الصديق الخضر
كان حسن قد أرسل خطاباً إلى قريبهما الذي كانت تقيم معه لكي يستعجلها الرجوع وأيضاً أرسل لها برقية، وأخيراً أرسل خطاباً الذي ردت عليه بخطابها الذي عليه ختم بريد الأبيض المؤرخ 27/7/1969 وأيضاً عليه ختم بريد الملجد المؤرخ 31/7/1969.

وقالت له في هذا الخطاب إن الخطابات التي تجدها وبحوزته كانت قد أرسلت في (لقاوة) وكانت لها حياتها الخاصة التي تحياها باعتبارها طالق. فقالت له إن شكوكه فيها لا محل لها. قالت فيه إنها اشتغلت بالمؤسسة، وإن العمل حق وواجب وشرف وكرامة، وإن ابنهما بشير فهو أمانة في عنقه، وثم استرسلت في قصيدة من الشعر الحديث أنقل منها ما يلي:

متى يا سيدي تفهم بأني لست واحدة من صديقاتك
ولا فتحاً نسائياً يضاف إلى فتوحاتك
أياً جملاً من الصحراء لم يلجم
بأني لن أكون هنا رماداً في سيجارتك
ولا رأساً بين آلاف الرؤوس في مخداتك
ونهاد فوق مرمرة تسجل شكل بصماتك
وأيا سيد انفعالاتــك
ومن صارت الزوجات بعضاً من هواياتك تُكدسهن
بالعشرات في جدران صالاتك
متى تفهم؟
كهوف الليل في (المجلد) قد قتلت مرؤاتك
وأنت صريع شهواتك
تنام كأن المأساة ليست مآساتك
متى تفهم؟
متى يستقيظ الإنسان في ذاتك

خطوات حسن المفاجئة.. وكان وصول هذا الخطاب في يوم الخميس وما أن قرأه حسن إلا واستعد للسفر إلى الأبيض التي وصلها في حوالي العاشرة صباحاً يوم السبت، وذهب للمنزل و وجد نجمة وطلب منها أن تذهب معه في الحال إلى المكتب الذي اشتغلت فيه لكي تستقيل. واقترحت عليه كتابة خطاب استقالة، ورفض حسن هذا الاقتراح وأصرّ على الذهاب. وذهبا إلى ذلك المكتب وكانت تصحبهما قريبتهما جدة محمد الفقير .ودخلوا مكتب وكالة عروس الرمال للسياحة والسفر، و وجدوا صاحبها. و وجه له حسن السؤال عن كيف شغلوا نجمة عندهم امرأة بدون موافقة زوجها. ويبدو أن الردود لم تكن مقنعة له وفيها بعض السخرية به، فانفعل وهدد من كان هناك و وصل إلى درجة أن بعثر أثاث المكتب. وهنا خرج صاحب الوكالة لكي يبلغ البوليس. ولكن حسن ونجمة وجدة خرجوا قبل حضور البوليس ذهبوا إلى المنزل. و روت جدة محمد الفقير ما حصل بعد ذلك ويتلخص في الآتي: لحظات الغضب… ذهبوا إلى منزل حاج يوسف، وجلسوا. وقال حسن إنه كان غضبانا لأنه كان يفتكر في الأمر شيئا آخر، ولكن ما دام نجمة تركت العمل وستذهب معه فإن الغضب زال عنه. وقال إنه لم يشرب شاي منذ أيام وطلب عمل شاي. وخرجت نجمة لتذهب إلى منزل جدة لأن ملابسها وأمتعتها كانت هناك. ولحق بها حسن ودخلا معاً في الحجرة وجلسا معاً، وجلست جدة في الفرندة. و لم يكن هناك حديث بين حسن ونجمة. وحضرت إحدى البنات تدعو حسن للغداء، فرد بأنه لا يريد غداء وأنه مصدوع. وبعدها قالوا فلتحضر نجمة للغداء، وقال حسن لا بأس. ولم تتحرك نجمة وقام حسن فجأة وطعنها وهي استلقت في السرير، وخرج حسن وهو يحمل السكين وجلس تحت شجرة. وفي نفس اللحظة دخلت جدة و وجدت نجمة مغمورة بدمائها ولا حركة فيها. واستغاثت جدة حتى حضر ابنها جبارة. وحاولت جدة أخذ السكين من حسن، وقبل أن يتركها لها طعن بها نفسه و وقع على الأرض. وقد نقلت نجمة جثة هامدة كما نقل حسن جريحاً إلى المستشفى.

صحيفة المشهد الآن

[/JUSTIFY]
Exit mobile version