رغم أن الحرب أولها كلام..
ولكن كل الوقت .. كل المجهود.. كل القوى .. كل المقدرات والطاقات والإمكانات.. ينبغي أن توجه للمجهود الحربي..
إن الشعب السودان سئم قصص الغدر والخيانة وكره سيرة الحروب العبثية..
وهو لأجل ذلك يشتهي صيف عبور جديداً .. طويل النفس.. طويل الذراع .. لا ينتهي إلا بعد أن يتم تنظيف البلاد من كل جرثومة للتمرد .. وفي كل الاتجاهات .. والبقاع ..
إن الجرح إذا رم على فساد تبين فيه إهمال الطبيب ..
ولذلك فإن على من يتصدي لمداواة الجرح أن يضمن أنه (جاب الدم).. ووصلت النظافة إلى اللحم الحي..
مأساتنا أننا لا نطلق يد المؤسسة العسكرية لكي تؤدي واجبها إلي النهاية..
عن استئصال التمر للأسف يحتاج إلى حملة وطنية تنطلق بموازاة الحملة العسكرية .. وفي ذلك تطبيق للشعار الخالد (جيش واحد شعب واحد)..
إن الجيش بمختلف أسلحته هو يدنا الباطشة .. هو يميننا التي تحمي العيون والأحداق .. وبراءة الأطفال .. وطهارة الأرض..
ولذلك، فعلي جميع أهل السودان أن يستعدوا لأداء ضريبة غالية للوطن، وفي سبيل الوطن يسترخص المخلصون .. والأبرار .. كل شيء .. الروح.. والدم .. والدينار..
وبالمناسبة .. لماذا لا نعود للدينار بعد انفصال الجنوب.. ورحيل سلفا ومشار..
على الجميع توطين أنفسهم لمرحلة أخيرة وحاسمة وقاصمة .. مرحلة من شد الأحزمة .. والحزم الحاسم لا انتهاء لها .. ولا توقف بدون أن تحقق أهدافها المجيدة .. تأمين السودان .. من البحر إلي البحر .. البحر الأحمر وبحر العرب..
ومن الجبل إلى الجبل .. جبل كسلا وجبل مرة..
إن الآمان ثروة غالية .. وهدف مجيد .. ومن خطب الحسناء لم يفله المهر .. ومهر الأمان:
كل غال.. ورخيص .. وكل الدماء ..
سيكون على أهل السودان أن يختاروا ما بين الذبح بالسكين أو الموت بالسونكي .. إن هم فرطوا في أمان السودان وتأمينه..
سيكون باطن الأرض خير من ظاهرها .. عن سمح السودان للمؤامرة أن تنجح..
ولكنها لن تنجح أبداً .. ولن تفلح أصلاً .. وفي أجساد الأبطال عرق بنبض.
لقد ورثتم سوداناً مهاباً .. ودولة ذات إرث وصيت ومكانة.. فلا تعطوها للمجرمين .. لا تتركوها للقتلة والمأجورين..
ولا تعطونها للطير بعد أن لبنت .. وحان وقت القطاف..
والزفاف .. وأوان الحصاد..
أوقفوا عمليات البناء والتشييد كلها دفعة واحدة.. من سدي عطبرة وستيت إلى أصغر سد على مجرى مائي بكردفان..
أجعلوا كل الإمكانات سداً عاتياً أمام المؤامرة .. ادحروها أولاً .. وشتتوا شملها .. ثم أبنوا ما شئتم من عمائر .. وأبراج ..
أوقفوا الغناء العاطفي كله .. حتى لو أدي ذلك لإغلاق تلفزيون حاتم وفضائية فضل المولي..
لا وقت للغناء .. الوقت كله للفداء .. للوفاء .. وللعطاء..
أبحثوا عن منشدين في أضابير الإذاعة والتلفاز.
أوقفوا برنامج (نجوم الغد) الذي يفرخ فنانين أكثر من عدد المتمردين .. ويعيشوا على تراث ألموتي والراحلين.
لا وقت للغناء .. لا وقت للعبث..
كل الجهود .. كل الإمكانيات .. ينبغي أن تذهب فداء لأمان السودان وتأمينه..
وعلى النيل الأزرق أن تبحث لها في رمضان عن منشدين بديلاً لبرنامج من التاريخ .. يفسد على الناس حلاوة التراويح في شهر النصر .. والصبر .. والفداء وليس الغناء..
صحيفة ألوان
أحمد عبد الوهاب