عامِلْ فيها مجنون ..!

[JUSTIFY]تقول الطُرفة إن أحد إخواننا المصريين كان قد تورط في حادثة قتل أدت إلى عرضه على المحكمة التي كانت على وشك اتخاذ قرار بإعدامه.. والرجل لم يجد أية طريقة للمخارجة من هذه الورطة غير أن يستعين بأحد أشهر وأشطر المحامين في البلاد.. واتفق معه على أن يدفع له مبلغ عشرين مليون جنيه «بالمصري» إذا استطاع أن يُنجيه من عقوبة الإعدام.. وأخونا المحامي الشاطر قال للمتهم إن عليه أن «يعمل فيها» مجنون وأن يجيب على أي سؤال يوجهه القاضي أو هيئة الاتهام بطريقة واحدة وهي أن يقول: «تَرَرَم، تَرَرَمْ، ترَرررم» وبطريقة موسيقية يصاحبها برقص خفيف.. وبالطبع اتفق معه على أنه سوف يستلم منه المبلغ مباشرة بعد المحاكمة والتزم المتهم بالتعليمات.. وكان يجيب على الأسئلة بطريقة ترديد «ترررم.. ترررم… ترررم» ثم يتراقص مع هذه الترنيمة ويسكت.. وفي النهاية اقتنع القاضي بأن الرجل مجنون وأعلن عن إطلاق سراحه وإبرائه من تهمة القتل العمد وتحويله إلى مصحَّة الأمراض العقلية.

وانطلقت الزغاريد فرحاً.. وفرح المحامي واتجه مباشرة نحو المتهم وطلب منه دفع العشرين مليون ولكن المتهم فاجأه بقوله وهو يتراقص: «ترررم، ترررم، ترررم».

وسلفا كير ـ تاع حكومة تاع جنوب ـ ظللنا ننقذه من ورطاته واحدة تلو الأخرى.. فأنقذناه من وزرائه وأنقذناه ممن يريد اغتياله وأنقذناه من التمرد «بتاعو» وانقذناه من المجاعة.. ونعمل على إنقاذه الآن بالبترول الذي سوف يتم تحصيل أمواله الآن».. وربما أن الرجل باع البترول «سمفوار» أو سمبهار» واستلم قيمته في جيبه وربما أنه اشترى منها سلاحاً لقطاع الشمال وشوَّن بها ناس عرمان وعقار والحلو ومتمردي دارفور.. وفي كل مرة نقول إن «ناسنا» يلعبون دور المحامي الشاطر ويعملون على إخراج سلفا كير من ورطته ولكن الرجل يمد لسانه طويلاً بطول «البرنيطة بتاعتو» ويظل يتراقص على أنغام إيقاع الدينكا متلفحاً باللاَّوو قائلاً لنا في بذاءة «ترررم، تررررم، تررررم».

ويظل الرجل يضحك علينا.. ثم يجعلنا نضحك على أنفسنا حيث صارت حالتنا مثل قصة أولاد فرحين.. الذين حكينا عنهم في غير هذا المكان والذين كان عددهم عشرة.. وللمفارقة لدغتهم عقرب واحدة كانت قابعة في مؤخرة «الجُراب» ولأن كل واحد منهم كان لا يصدق أن الآخر لدغته العقرب فإنه يُصر على إدخال يده.. ونحن مثلنا مثل أولاد فرحين فينا من هو «مدسوس» وفينا «خلايا نائمة» وفينا «قطاع شمال» وفينا «جنوبيين عديل» وفينا «حركة شعبية» وفينا «مخابرات أمريكية» وفينا «جواسيس» وفينا «بتاعين منظمات» وفينا «عملاء» وفينا «مأجورين» وفينا «أبواق» للاستعمار وفينا «عملاء للمعارضة الما وطنية» وبيننا «مخربون» وبيننا «مخذلون» وبيننا «مغرمون بسلفا كير» وبيننا من هو «شرقان» في حب باقان أموم.

وبكل هذا الثقل من الطابور الخامس يقوم سلفا كير معتمداً على هذه القاعدة العريضة من بني جلدتنا ومن العملاء «المسجلين» في دفاتر الأمريكان والفرنجة وبني صهيون بالضحك علينا ويعمل «فيها مجنون» ويعلن عن ترتيبه لزيارة لبلادنا التي يكررها إلى حد الثمالة و«درجة لط» بينما يزوِّد عملاءه من أعداء السودان بالسلاح والمال و«الرجال» والذخيرة .. ونحن لا يزال بعضنا يصدق أن الرجل حسن النوايا وبعض المأجورين والعملاء يحاول دفعنا بقسوة نحو المزيد من التفاوض حتى لو دخلت جحافل الجنوبيين وعملائهم داخل امتداد ناصر والسجانة والحلفايا وحتى شندي والدامر وكسلا وهيا..

صحيفة الانتباهة
د. عبد الماجد عبد القادر

[/JUSTIFY]
Exit mobile version