د. سلافا العاقب : أحبي طفلك علي طريقته

حب الابناء بذرة يلقيها الله تعالى في أعماق الابوين فتنمو وتكبر يوما بعد يوم، ينظر الابوين في عيني صغيرهما فتصغر في عينيهما آلام الماضي ضغوطات الحاضر وخوف المستقبل، يراقبان خطواته المتعثرة فيملأ العزم نفسهما، وفي ذلك كتب ابراهيم عبدالقادر المازنى وهو ناقد وروائي مصري، خاطرة في غاية الشفافية والرقة بعنوان (ابنتى)، يقول نصها : في بعض الأحيان أكون جالساً إلى مكتبي قبل طلوع الشمس، وأمامي الآلة الكاتبة أدقّ عليها، وأرمي بورقة إثر ورقة، وإلى جانبي فنجان القهوة أرشف منه، وأذهل عنه، فأحس براحتيك الصغيرتين على كتفي، فأدير وجهي لأصبح على بستان وجهك، وأستمدّ من عينيك النجلاوين وثغرك الباسم ما أفتقر إليه من الجَلَد والشجاعة، وأرفع يدي فأطوقك بذراعي، وأضمك إلى صدري، وأمسح على شعرك المرسل على ظهرك وجانب محياك الوضيء، وأتملى بحسنك، فينتشر في كهف صدري نور البشر والطلاقة. وأراك تدفعين ذراعك الغضة، وتتناولين ببنانك الدقيقة ورقة مما كتبت، و ترفعينها أمام عينيك، وتتخذين هيئة الجدّ الصارم وأنت تحاولين قراءتها فيضفي ذلك على نفسك السمحة سمتًا وأبهةً يغريان بالابتسام، وأنا أنظر إليك، وفي قلبي سكينة وجوى من قربك المعطر بمثل أنفاس الروضة في البكرة الندية، وألمح شفتيك تختلجان، وعينيك تلمعان، فتطيب نفسي بسرورك الصامت. ثمّ أراك تغطّين وجهك الحلو بالورقة، فأتظاهر بالخوف عليها أن يمزّقها أنفك الجميل، فترمين رأسك على ذراعي، وتصافح سمعي ضحكاتك العذبة، ثمّ تعمدين على ساقي، وترفعين ذراعيك فتطوقين بهما عنقي، و تجذبين وجهي إليك، ولكنك تشفقين على رقة شفتيك من خشونة خدّي، فتلثمين أذني، وتعضينها أيضًا فأصرخ، فتثبين إلى قدميك خفيفة مرحة، وتخرجين بعد أن خلّفت في صدري انشراحًا، وفي قلبي رضًا، وفي روحي خفة، وفي نفسي رقة، و في عقلي قوة، وفي أملي بسطة، وفي خيالي نشاطًا، فأضطجع مرتاحًا، وأغمض عيني القريرة بحبك “. وقد كتبت الدكتورة نعمات احمد فؤاد الكاتبة والصحفية المصرية في كتابها (الى ابنتي)”إن الإنسان يولد في العصر الحجري، والتربية هي التي تصل به إلى العصر الحديث في إدراك القيمة لا في ارتداء الموضة”.

يستخدم الأطفال عادة 5 لغات للتعبير عن مشاعرهم تجاه الآخرين وهى لغات بسيطة للغاية وهى:-
1. إظهار العناية به من خلال تقديم الخدمات له .
2. العناق والقبلات وهى لغة الجسد .
3. تقديم الهدايا .
4. تمضية وقت نوعي معه .
5. التعبير بالكلمات عن المشاعر.
من عمر يوم حتى 24 شهر يستحسن الاستعانة باللغات الخمس حتى يتم تدريجياً التعرف على اللغة الخاصة به مع بلوغه 3 أو 4 سنوات، وذلك عن طريق مراقبة سلوك الطفل في تعبيره عن حبه للأهل كقفزه في أحضان أمه أو أبيه عند عودته للمنزل ومعانقته وتقبيله لهم فهذا يعني أن لغة الحب عند هذا الطفل هي لغة الجسد، أما إذا كان يقول لأمه “أنت أفضل أم في العالم” مثلا فهذا الطفل لغته هي التعبير بالكلمات .
أذا كان يطلب من أهله إصلاح لعبته المحطمة أو مساعدته في واجباته المدرسية فهذا يعني أنه في حاجة للاعتناء به وأن تقدم له الخدمات ليتأكد من مشاعر أهله تجاهه .لكن إذا كان يطلب
دائما من والدته أن تقرأ له قصة أو أن تلعب معه فهذا يشير إلى أن لغة الحب عنده هي نوعية الوقت الذي يمضيه الأهل معه وإذا كان من النوع الذي يشكو من عدم جلب هدايا له عند رجوع أحد أفراد الأسرة من السفر فهذا يشير ألي أن لغة الحب الخاصة بالطفل هي الطريقة الأكثر ضمانا للوصول إلي أعماق قلبه.
من الأشياء المهمة تخصيص وقت لقراءة قصة لطفلك حتى لو كان رضيعا فالطفل يعشق صوت أمه وهذه العادة سوف ترسخ في طفلك فكرة الاستمتاع بالقراءة. الحرص علي اختيار دار الحضانة المناسبة بالتأكد من سلامة المكان من كل النواحي، الحرص علي تشجيع طفلك لتعزيز ثقته بنفسه؟، الاهتمام بجدولة أنشطة طفلك اليومية مثل أوقات تناول الوجبات ومشاهدة التلفزيون ومواعيد النوم وممارسة الرياضة يوميا؟، تقديم النموذج الصالح لطفلك مثل استخدام كلمة شكرا ومن فضلك في الأماكن العامة وتفادى استخدام عبارات جارحة أو كلمات مسيئة عندما يثير غضبك، الحرص علي معانقة طفلك عندما يكون مستاء أو حزينا أو غاضبا، كل هذه الأشياء تبين دوما مدى حبك لطفلك.
حب الوالدين للابناء هو حب غير مشروط لذا يجب ألا نربط لفظيا بين حب الأبناء وتوجيهنا لهم، فلا نقول ” أنا أحبك لأنك حصلت على الدرجة النهائية في الامتحان” وأيضا لا نقول ” لن أحبك إذا فعلت كذا ” ، فإننا بذلك نزعزع أمانهم النفسي الذي يستمدونه من خلال شعورهم بمحبتنا لهم وتقديرنا لذواتهم ، ونكون قد أخطأنا الطريق إلى الثمرات الرائعة للحب غير المشروط وهي الطاعة والالتزام والتضحية.التعبير عن محبتنا لابنائنا يجب ان تكون بطريقة عملية وايجابية، بمعنى ان التربية بالحب هى الافضل فالاهتمام برأيهم والانصات لهم له من الثمرات ما قد لاتتخيله، والانصات عزيزى الاب وعزيزتى الام هو الاستماع بالاذن والمتابعة بالعين، استماع بتركيز وليس نصف تركيز بمعنى اغلقى او على الاقل اخفضى صوت التلفزيون، اترك الصحيفة من يدك، الاستماع في بعض الاحوال يمنع حدوث مشكلات كثيرة قد تصل لحد الكارثة وسببها عدم التواصل بين الابناء والابوين وقد يشكو منها الابناء بعبارات صريحة وواضحة.ومن المثمر ايضا ان تحكى لهم مثلما يحكون لك فتشعرهم بتقديرك العملى لهم، والحكى يكون بحسب العمر والموضوع المحكى عنه.شاركوهم وجبات الطعام ما امكن، شجعوهم واظهروا لهم مقدار تحفيزكم لهم (لفظيا) فهذا يعتبر داعم جيد لهم لتنمية السلوك، قد تصعب علينا هذه الامور مجتمعة فأنا أم وأمر بلحظات أكاد أفقد فيها صوابى من تصرفاتى صغيري، لكن حين نتذكر انه”صغيرنا” فأظن ان الوضع يتغير وتتنزل علينا نسمات باردة تجعلنا ندعو لكل من لم يرزقهم المولى عز وجل بنعمة الاطفال ان يجود عليهم بها.
ودمتم..

د. سلافا العاقب أحمد
“كيف الصحة”
ماجستير صحة عامة وصحة مناطق حارة
[email]drsolafa2011@hotmail.com[/email]

Exit mobile version