الحلم والطيش‏

الحلم والطيش‏
موضوع اليوم إلى نفسي قريب فهو عن الحلم – بكسر الحاء – وهو قريب إلى نفسي لأن الحليم محبوب ، فكل من يتصف بالحلم شخص مقبول لكل الناس على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وطباعهم ،لأنه ذلك الشخص القوي الذي لا تصرعه ذاته ، ولا تهزمه طباعه ،لأن الحلم هو : ضبط النفس والطبع عند هيجان الغضب ، والحليم من أسماء الله الحسنى ، وهو الذي يعفو عن كثير من سيئات العباد ،ويمهلهم بعد المعصية ،ولا يعاجلهم بالعقوبة ، ويقبل توبتهم بعد ذلك ،وفي وصف الحلم قال تعالى:[ إن إبراهيم لحليم أواه منيب ] وقال أيضا :[ فبشرناه بغلام حليم] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه -في حديث طويل – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأشج بن القيس :{ إن فيك لخصلتين يحبهما الله : الحلم والأناة } وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: إن رجلا قال : يا رسول إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني ، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي ،فقال:{ لئن كنت كما قلت ، فكأنما تسفهم المل – المل هو الرماد الحار – ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك }قال لقمان الحكيم لإبنه :” ثلاثة لا يعرفون – بضم الياء وفتح الراء – إلا في ثلاث مواطن : لا يعرف الحليم إلا عند الغضب ، ولا الشجاع إلا في الحرب إذا لقي الأقران ،ولا أخاك إلا عند حاجتك إليه ” وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :” تعلموا العلم ، وتعلموا للعلم السكينة والحلم ” وقال الحسن البصري – رحمه الله – في تفسير قوله تعالى: [وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما] ” حلماء لا يجهلون ، وإن جهل عليهم حلموا ” لذلك نجد الحلم من أشرف الأخلاق وأحقها بذوي الألباب ، لما فيه من سلامة العرض ، وراحة الجسد ، واجتلاب الحمد .وكما تحدثنا عن الصفة الحميدة نتحدث عن الصفة السالبة المضادة للحلم وهي قال ابن الأثير في وصف الطيش : :الطيش هو الخفة ،والمقصود بالخفة: سرعة الغضب من يسير الأمور ،والسب الفاحش ،قال الجاحظ:” هذا الخلق مستقبح من كل أحد إلا أنه من الملوك والرؤساء أقبح ، وعلى هذا فإذا ترتب على الطيش محرم كان محرما ،وإذا ترتب عليه مكروه كان مكروها ،وهو على كل حال مستقبح وفي كل وقت مسترذل ،فكم من طائش قول أو فعل أهلك صاحبه وحرمه النجاة وألقى به في عداد الظلمة
الفسقة” ، وعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال: كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة -الصحفة هي وعاء الطعام ،بمعنى تخف وتتناول من كل جانب – فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :{يا غلام ، سم الله، وكل بيمينك ، وكل مما يليك } فما زالت تلك طعمتي بعد “وعن أبي هريرة رضي الله عنه {ليس الشديد بالصرعة ،إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب } ،،اللهم إنا نسألك حلما لا ينفذ ونعوذ بك من أن نجهل أو يجهل علينا ،، اللهم آمين

هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]

Exit mobile version