فبعد حرب أهلية في الجنوب دامت أكثر من عقدين، انتهى البلد إلى التقسيم، وفيما كان يحاول الخروج من تلك الحرب المهلكة، انفجرت حرب دارفور التي مازال أوارها مشتعلاً، ولم تكن أقل عنفاً وقساوة من الناحية الإنسانية، وفي ظل هذه الحرب وتلك، برزت صراعات حول مناطق متنازع عليها في منطقة أبيي وغيرها من المناطق الحدودية مع الجنوب ثم في جنوب كردفان، مازالت نارها مستعرة .
صحيح أن لكل هذه الحروب والصراعات أسبابها العرقية والإثنية والقبائلية، وصحيح أيضاً أن الأنظمة السودانية المتعاقبة فشلت في التعامل مع هذه الصراعات بجدية وحرص ومسؤولية ومن منطلق الإيمان بالتعددية الثقافية والحضارية والعقائدية، وبالمساواة والعدالة، وبما يشكل حزام أمان لوحدة الوطن، ويمنع عنه مخاطر التفكك والانقسام، وما تجلبه من خلافات قد تتحول إلى صراعات دموية، كما حصل، وما هو حاصل، لكن الصحيح أيضاً أن عوامل إقليمية ودولية دخلت على خط هذه الصراعات مستغلة حالة الانقسام، فعمدت إلى تغذيتها وتعزيزها لتحقيق أهداف مرسومة وصولاً إلى تمزيق وحدة السودان .
إن تفجر الصراع الدموي في جنوب كردفان، وما ينجم عنه من خسائر مادية وكوارث بشرية يوضح أن السودان لايزال في دائرة الخطر، وبذلك تتضح صورة جلية وواضحة أن كل بلد عربي هو عرضة لهذه المخاطر، لأن القوى المتربصة تتسلل من نقاط الضعف التي تعاني منها الدول العربية، إن كانت قومية أو طائفية أو مذهبية وتعمل على إثارتها وشحنها ومن ثم تفجيرها، خصوصاً إذا كانت العوامل الذاتية جاهزة وقابلة لعوامل التفجير .
أجل، السودان على طاولة التشريح، وإعادة تشكيل ملامحه السياسية والجغرافية منذ زمن بعيد قائمة، وكلما اكتملت حلقة من حلقات المؤامرة يتم الانتقال إلى حلقة أخرى
الخليج
[/JUSTIFY]