عاصرت بلقيس عوض منذ أن وطئت قدماها خشبة المسرح القومي بأم درمان ، طيبة صافية رائعة ترى فيها خارطة الوطن ، ومنذ أن دخلت الإذاعة السودانية تحفر بأظافرها سيرة حياة وصراع من أجل الإنسان والفن السوداني الأصيل ، وحق أن يقال عنها وردة وزهرة هذا الزمان الذي لا يعترف بعطاء الممثلة ، فانزوت نجمات بسبب الكثير من تقلبات العصر والظروف الطاردة للفنان السوداني .
فايزة عمسيب أخلت منزلها بقوة السلاح لتنام في الشارع ، وأيضا بلقيس عوض خريجة جامعة القاهرة بكاوريوس علم إجتماع وعلم نفس وبعد عشرات السنين في ” الحوش ” المسرح الإذاعة والتلفزيون – تركت مدينتها الخرطوم وذهبت إلى الأقاليم ، فاستقبلوها بالترحاب والهتاف ، كان جمهورها في المسرح القومي بأم درمان يعدون بالعشرات وجمهورها في الأقاليم بالآلاف .
تحية زروق هجرت المسرح وهي الآن في كندا، وعندما عادت ثانية إلى كندا سألتها لماذا عدت ؟ فقالت لي ” ما قدرت ! ” ونزلت منها دمعة هي أغلى دمعة في حياتي ، تماضر شيخ الدين هجرت المسرح وهي الآن في أمريكا مع سلمى الشيخ سلامه ، وهجر المسرح النصيري وهو في لندن ، وهجر المسرح عايدابي وتركاب ، يحي الحاج ، عبد الرحيم الشبلي ، قمر الأنبياء وعز العرب وغيرهم إلى الخليج ، وهجره كاتب هذه السطور وسافرت به الغربة إلى كندا ، البعض مات مأزوما مقهورا والبعض في المستشفيات ينتظر حسن الخاتمة ومن تبقى من الرواد مثلا ” مكي سنادة وهاشم صديق وغيرهم ” يعيشون غرباء في الوطن
لو سألت اليوم فايزة عمسيب من هو والدك ؟ لقالت لك المسرح ، ولو سألت تحيه زروق من هو زوجك لقالت لك خشبة المسرح ، ولو سألت بلقيس عوض من هو معلمك لقالت المسرح ، ولو سألت تماضر شيخ الدين من هم أولادك لقالت المسرح ثم المسرح ثم المسرح ، ومع ذلك تبيت الفنانة العظيمة الرائعة فايزة عمسيب في الشارع وينوم الأغبياء والجهلاء في القصور .
وانتظروني في حلقة قادمة لأحدثكم عن الرائعات والرائعين .
بقلم : بدرالدين حسن علي