أونيكس Onyx صاروخ بحري روسي سوبرسونيك (2.9 ماخ) تفوق سرعته سرعة الصوت بثلاثة أضعاف، يمكنه أن يطير فوق الماء منخفضا ما بين 10 إلى 15 متر، قد يحيل حاملات الطائرات الأمريكية إلى حطام مثل حطام الكرتون!! وهو الصاروخ الوحيد في العالم الذي يعتبر سوبرسونيك supersonic!! ومن عام 2003م أي في خلال ثمانية أعوام أخذت روسيا في تطوير نفس الصاروخ لكي يصبح هايبرسونيك hypersonic بسرعة 12-15 ماخ!!
وفي تقديري من يجهل أونيكس Onyx يجهل نصف اللعبة الدولية!! فالدول الغربية تجيد الصمت والتكتم بشكل لا يمكن تخيله، هل يمكن أن يتخيل أحدكم ماذا يعني أن هذا الصاروخ البحري حيد كل البحرية الغربية؟ منذ عشرة سنوات طورت البحرية الروسية الصاروخ P270 Moskit (Mosquito) إلى أن أوصلته بحلول نوفمبر 2003م إلى النسخة أونيكس ياخونت ONYX yakhont ومعه فقدت البحرية الأمريكية الهيمنة العليا في البحر الأحمر، والخليج الفارسي وشرق الأبيض المتوسط، ويعتبره الناتو أخطر صاروخ في العالم. زاد التطوير بحيث أصبح يطلق من الغواصات، أو الطائرات المقاتلة سوخوي S27ٍ أو من شاحنة (بطاح). هنالك تكهنات أن إيران وسوريا يطوران هذا الصاروخ بتعاقد كامل مع روسيا.
ما يميز أونيكس ياخونت عن النسخة الأكثر قدما P270 Moskit هي في كبر حجم الطاقة الحركية kinetic energy (3 ماخ) عند لحظة الاصطدام بالهدف، ويمكنه أن يدمر حاملة طائرات أمريكية برأس حربي واحد اختراقي، وتقليدي!! من يشكك في ذلك عليه أن يحسب طاقة الاصطدام impact energy لرأس حربي وزنه 5500 باوند ينطلق بسرعة قصوى نهائية 2460 قدم في الثانية (820 متر/ثانية)!! هذا غير مادة التفجير نفسها..!! يبحر مارينز البحرية الأمريكية في كل أصقاع البحار ويملأهم الزهو على أنهم القوة العظمى في العالم، لكن بالطبع مع دول مثل أفغانستان، واليمن، والصومال ولكن إذا استدعى الأمر أن يواجهوا إيران كما تحرش بها الرئيس بوش -ودعك من روسيا والصين-..لا أحد من المارينز يتمنى أن يكون على ظهر بارجة أمريكية!!
علما أن هذا التوصيف هو قديم لعام 2003م فكيف يكون أونيكس اليوم بعد ثمانية سنوات؟
الصورة أعلاه هي للنسخة HIA P-800 Uhoq (Onyx) ASM، الحروف الأولى لاسم المصنع الروسي Haurspex International Armaments، بينما الاختصار ASM تعني Anti-Ship Missile (System). ومنه أربعة نسخ مختلفة variants، 4.6-15 متر تحليق فوق الماء، 76-400 كجم، ومدى 40-275 كم، 0.8-2.9 ماخ.
إلى الآن لا يحمل أونيكس ياخنوت سوى رأس تقليدي أقصاه 300 كجم، وأقصى تحليق له ارتفاعا 20 ألف كلم، واخفض نقط طيران 10-15 متر. قبل أن يبدأ التشغيل النهائي . بفترة قصيرة ينزل الصاروخ لمستوى 10-15 متر فوق سطح الماء، وقبل 60-80 كلم من الهدف يفتح الرادار أجهزته ذاتيا بحثا عن العدو، وفور عثوره على الهدف وعند 25-30 كلم يغلق الرادار بث موجاته ويعمل بالنظام السالب فقط passive mode بينما يحسب الكمبيوتر الداخلي إحداثيات الهدف. عادة في عملية حربية ينطلق أكثر من صاروخ واحد، وواحد من ثلاثة صاروخ يطير تكتيكيا بأسلوب النظام السالب passive mode للتخفي من رصد العدو، ويقودهم الجميع صاروخ واحد “القائد”. ويطلى أونيكس بمادة تمتص الموجات الرادارية للعدو radar-absorbent materials (RAM)، ويحمل اونيكس في جوفه on-board رادار تحذيري، به مستقبلات ومحلل راداري يمكنه كأن يحدث مناورة حادة في مساره إذا استدعى الأمر. وسرعته القصوى 2.9 ماخ في التحليق الأعلى، بينما 1.5-1.7 في التحليق الأدنى تساعده في الإفلات من رصد العدو، ومن الجهة الأخرى تتصاعد حرارة جسم أونيكس نسبة للسرعة العالية المتولدة من الاحتكاك مع الهواء فيصبح إشارة عالية من الأشعة تحت الحمراء لصالح رصد العدو.
أعتبر أونيكس ياخنوت الحديث (يرمز له الناتو بالكود SS-N-26 Sunburn) أخطر صاروخ في العالم لأنه سوبرسونيك supersonic، ويفوق شقيقه القديم SS-N-22 Sunburn بمراحل في الذكاء والقوة التدميرية. ليس هنالك مضادات دفاعية ضده، بينما كل ترسانة الصواريخ الأوروبية والأمريكية هي اقل من سرعة الصوت subsonic، وأعتبر أيضا صاروخ “إستراتيجي” لأنه حيد الترسانة الغربية والأمريكية ومن ثم حيد الإستراتيجيات الأوربية والأمريكية. ولقد بدأ ذلك واضحا في كل من الفولكلاندز، وفنزويلا، وإيران، وسوريا..!! ففي العام الماضي غرقت مدمرة لكوريا الجنوبية في ظرف غامض إذ انشطرت المدمرة الحربية إلى نصفين وغرقت – شبهة الصاروخ أونيكس في الجو!! وهنا هرع الأوربيون والأمريكيون إلى سحب النصفين الغارقين بأوناش ضخمة لدراستها..رموا قبلها بعض الرماد أدعوا ربما لغم بحري قديم من حرب 1953م ضربها!! أضف إلى ذلك أن الرئيس بشار الأسد هدد إذا ضربت دمشق بصاروخ واحد، فإنه سيحرق الشرق الأوسط في ستة ساعات..وبالرغم من أن سوريا وتركيا نفيا ذلك فيما بعد إلا أن الواقعة صحيحة!! فالفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن لصالح سوريا يعني أن سوريا شريك إستراتيجي!!
لقد أغتر الأمريكيون والأوروبيون بانهيار الإمبراطورية السوفيتية عام 1999م ودخول روسيا في متاعب وانهيارات اقتصادية الخ حتى أن أسطولها البحري في المواني قد أكله الصدأ وهذا فعلا شيء حقيقي!! ولكنهم نسوا أن الروس يمتلكون قاعدة علمية وصناعية متقدمة، ما أن قبض بوتين الوضع حتى ضخ أموالا ضخمة في الصناعة العسكرية، والنقط الثانية أن روسيا لم تعد كما في الستينيات تنافس واشنطون سفينة بسفينة، وبندقية ببندقية ودولارا بدولار، وليس في إمكانها مجاراة الإنفاق الرهيبة على أرمادا ضخمة كما تملكها واشنطون!! تحولت موسكو بذكاء وبشكل سري إلى بديل آخر وهي سياسة الدفاع الإستراتيجي، أي دراسة نقاط الضعف في الترسانة الغربية والأمريكية واستغلالها بأسلوب أرخص والتركيز على النوع وليس الكم. ولقد نجحت روسيا في تطوير العديد من الصواريخ السوبرسونيك أحد أنجحها الأونيكس، ومثلت تكنولوجيا الأونيكس تحديا لواشنطون وتعتبر متخلفة في هذا المجال بعشرة سنوات عن موسكو، ويعتبر الأونيكس اليوم أقوى سلاح قاتل في العالم باعتراف الإستراتيجيين الغربيين الذين لا يطيقون نطق أسمه.
بل حذر العديد من الإستراتيجيين العسكريين الغربيين أن سفن الأسطول البحري الأمريكي الضخمة، خاصة حاملات الطائرات (12 حاملة طائرات)، هي شراك عائمة للموت، بل ذهب بعضهم لوصفها كأفيال هانيبال عرضة للسهام القاتلة، وبعضهم وصفها بالبط العائم في تؤدة ويسهل اصطياده!! والبنتاجون الأمريكي لا يستطيع إلغاء هذه المدن العائمة لأسباب عديدة منها ضغوط الشركات (اللوبي) التي تخدم هذا الأسطول الضخم وتتربح منه، والعطالة الناتجة، وتكلفة إعادة التأهيل الضخمة، وبالطبع ضياع تلك “النفخة” الأمريكية الاستعراضية!!
لعل هذه المقالة تسد ثقبا في وعي القراء والكتاب السودانيين بصدد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسوريا، ولا شك أنهم ضحايا الإعلام الخليجي الذي يربط نفسه مباشرة بالإعلام الغربي والأمريكي ويؤصل الإستراتيجيات والأوهام الأمريكية في ذهن الجمهور. ولمزيد من الفهم الاقتصادي والسياسي والعسكري ولفهم كيف تحاك الاستراتيجيات الدولية بكفاءة، والعوامل المؤثرة عليها، وحقائق الدولار والبترول التي يخفونها في العالم العربي، نحث السودانيين أن يضغطوا على ذر الريموت أمام شاشاتهم وتثبيته على قناة روسيا اليوم الناطقة بالعربية والتي تقدم حوارات ممتازة في كل شيء وأخبارا حقيقية، ولينسوا أكذوبة قناتي العربية والجزيرة بل عليهم مقاطعة القناتين حماية لعقولهم!!
لقد ذكر أكثر من صحفي وكاتب سوداني أن السودان بعد زيارة أحمدي نجادي سيحل محل سوريا في الإستراتيجية الإيرانية، وهذا القول هو عين السذاجة وقلة الفهم لمصطلح “شريك إستراتيجي”، وبعضهم فسر الزيارة على مقولة ونستون تشرشل لحال بريطانيا حتى أصبحت مثلا: لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، بل مصالح دائمة!! وهذا أيضا تفسير سطحي واجترار “لغضب” دول الخليج من الزيارة، بل أحد الصحفيين المستائين من إيران أخذ يكتب لماذا لا تضع إيران دولاراتها في جيب المؤتمر الوطني وأخذ يولول “حجيتك ما بجيتك”..وحيرة هذا الصحفي الطيب لا تقل عن حيرة قيادات المؤتمر الوطني لماذا لا تكب إيران دولاراتها، فكيف بالله تضع إيران دولاراتها في السودان وأن يصبح السودان “شريكا إستراتيجيا” ووزير دفاعنا عبد الرحيم محمد حسين لم يسمع بعد بالصاروخ أونيكس؟! ونواصل التحليل السياسي في الحلقة الثانية..
شوقي إبراهيم عثمان
كاتب ومحلل سياسي
[email]shawgio@hotmail.com[/email]