الشرف وتكريم الإنسان‏

الشرف وتكريم الإنسان‏
الشرف واالكرامة ،،من أغلى وأندر الصفات التي يسعى إليها بني البشر ،وكثير منا يختلط عليه معنى الشرف والكرامة ،غالبا ما عرف الشرف على أنه المنصب أو الجاه أو الحسب ، إلا أن كل ذلك أبعد مايكون عن المعنى الحقيقي للشرف ،،وكثيرا ما نفهم كلمة الكرامة على أنها العلو أو التعالي وأحيانا التكبر والتكلف ،وذلك أيضا معنى بعيد تماما عن حقيقة الكرامة ،، لذلك نعرض لهذين المعنيين الكريمين والصفتين التي من أجلها خلقنا ولها نعمل جاهدين ،، ففي هذان المعنيان تكمن حقيقة الوجود البشري والغاية من وجوده على هذه البسيطة ،وحين تنعدم هذه المعاني الإنسانية الأصيلة ، تنعدم قيمة الإنسان ككائن بشري له معنى وحقوق ووجود ،، هو :العلو والمكان العالي، ،وفي ذلك قال تعالى:[ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلا] وقال:[ يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير]وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:{ يا محمد عش ماشئت فإنك ميت، واعمل ماشئت فإنك مجزي به، وأحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس} وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا} وفي ذلك قال المتنبي:لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى / حتى يراق على جوانبه الدم ،،،وشرف المرء بحسن فعاله لا بحسب آبائه ونسبه وجاهه ، ومن فوائد الشرف أنه يحجب المرء عن السقوط في قبيح الأفعال وسيء الأقوال ورديء الخلال ، كما أنه يكسب صاحبه رضوان الله واغتنام محبته……. . يقول ابن كثير رحمه الله:” تكريم الله للإنسان يتجلى في خلقه له على أحسن الهيئات وأكملها ، وفي أن جعل له سمعا وبصرا وفؤادا ، يفقه بذلك كله وينتفع به ،ويفرق بين الأشياء ويعرف منافعها وخواصها ومضارها في الأمور الدينية والدنيوية ” هكذا عرف ابن كثير تكريم الله للإنسان ،ويعني ذلك ، أن الكرامة الحقيقية للإنسان تكمن في استخدامه لعقله للتمييز بين الحلال والحرام ، الخطأ والصواب ، الصالح والطالح ،وتنعدم هذه الكرامة بإلغائه عقله والإنقياد وراء الشهوات واتباع الأهواء وتعاطي المنكرات من الأقوال والأفعال ،هذا من الناحية المعنوية ، أما من الناحية المادية فقيمة العقل هنا تكمن في الإختراع والإبتكار والتجديد والتحديث والإجتهاد ، لذلك قال تعالى:[الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناءا وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين ]وقال:[ ألم تروا أن الله سخر لكم مافي السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير] وقال:[ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ] وقال:[فأما الإنسان إذا ماابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن، وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن،كلا بل لا تكرمون اليتيم ،ولا تحاضون على طعام المسكين ،وتأكلون التراث أكلا لما ،وتحبون المال حبا جما] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قيل للنبي صلى الله عليه وسلم من أكرم الناس؟ قال:{ أكرمهم أتقاهم} قالوا: يانبي الله ،ليس عن هذا نسألك ،قال:{فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله } قالوا :ليس عن هذا نسألك ،قال:{ فعن معادن العرب تسألوني؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا} فهم رسول الله قصدهم إلا أنه أراد أن يقول: بهذه الأشياء تتفاضل الناس -والفقه هو الفهم والفهم أداته العقل-وعن عروة بن الزبير أن هشام بن حكيم وجد رجلا -وهو على حمص- يشمس ناسا من النبط-النبط هم فلاحو العجم والتشميس بسط الشيء في الشمس-في أداء الجزية – أي أنه كان يعاقبهم -فقال: ماهذا؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:{ إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا} وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإذا شهد أمرا فليتكلم بخير أو ليسكت ،واستوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيرا} وفي كرامة الإنسان لأخيه الإنسان روى بن المعرور بن سويد فقال: مررنا بأبي ذر رضي الله عنه بالربذة وعليه برد وعلى غلامه برد مثله -غلامه يعني خادمه- فقلنا: يا أبا ذر لو جمعت بينهما كانت حلة فقال: إنه كان بيني وبين رجل من إخوتي كلام وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:{ يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية }قلت يارسول الله من سب الرجال سبوا أباه وأمه ،قال:{ياأباذر إنك امرؤ فيك جاهلية هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم} -وكان حديث رسول الله هذا عن المستخدمين أي الخدم – ،، ونظر ابن عمر رضي الله عنهما يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال:” ما أعظمك وأعظم حرمتك ،والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك” – يريد أن يقول أن قيمة الإنسان تعلو فوق كل شيء – ،، من هذا نفهم أن عناية الإسلام بالإنسان ، كائن من كان قد بلغت الدرجة العليا التي يقصر الوصف عن بلوغها، لمن يتشدقون بالحريات وحقوق الإنسان أن يبلغوا ما بلغه الإسلام في هذا المجال أو يقاربوه ، فلن يستطيعوا ،،، اللهم إنا نسألك الشرف العظيم الذي بلغه حبيبك ونبيك محمد ونسألك الكرامة التي ارتضيتها لنا ، اللهم آمين . هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]
Exit mobile version