فشل ثم تحذير بالفشل ..ملامح موسم..!!.

فشل ثم تحذير بالفشل ..ملامح موسم..!!.
مساء الثلاثاء الفائت، عندما إلتقى بوفد يمثل الأهل بمحلية أبوحمد، نصح الرئيس البشير أهل السودان بالتوجه إلى الزراعة، وعدم الإتكاءة على النفط والذهب بإعتبارهما ثروة غير دائمة وذات أجل قصير، مع الإلتزام بتوفير مدخلات الإنتاج الزراعي ودعمها من قبل الحكومة..هكذا دعا الرئيس أهل السودان جميعا، بمن فيهم الأهل بنهر النيل..وتلك دعوة نابعة من وحي واقع الحال بولاية نهر النيل وكل ولايات السودان تقريبا، بحيث موسم الهجرة إلى فيافي نهر النيل والشمالية بحثا عن الذهب لم ينته بعد..والهجرة إلى الذهب لم تؤثر في مواسم الزرع فحسب، بل أثرت حتى في التحصيل الأكاديمي بمدارس الشمالية ونهر النيل..نعم، فالتلاميذ أيضا- كما المزراعين- يتسربون من المدارس نحو فيافي الذهب، ليس بحثا عن الثراء ولكن بحثا عن العيش الكريم..وليس بمدهش أن يرافق الإبن والده في تلك الفيافي، بعد أن يهجر أحدهما مزرعته والآخر مدرسته..!!

** المهم ..الأرض الصالحة للزراعة هي أغلى أنواع الثروات، ومع ذلك يهجرها الزراع ويبحثون عن الذهب أو ينزحون إلى العاصمة أو يغتربون..لماذا يعجز الزراع عن إنتاج ما هو أغلى من الذهب والفضة من أرضهم الخصبة؟.. للإجابة على سؤال كهذا، يجب أن نعرض نموذج كهذا.. فلنقرأ الحدث التالي ..هيئة مشروع حلفا الزراعية تحذر من فشل الموسم الشتوي الحالي بسبب عزوف الزراع عن إستخدام السماد نسبة لإرتفاع أسعاره ..ثم هناك تعثر في التمويل، بل الأدهى والأمر : الهيئة التي تشرف على المشروع ذاتها بلغ ببؤسها الحال بحيث تعتمد في تسيير أعمالها على الرسوم الإدارية ورسوم المياه، علما بأن عائد هذه الرسوم لاتكفي إلا (5 أشهر)، ثم ( نتم باقي السنة شحدة)، أو هكذا قال مدير الهيئة للبرلمان..اها، شن قولكم يا سادة النهضة الزراعية ؟.. هذا حال مشروع زراعي قاب قوسين أو أدنى من الموسم الزراعي..(70 الف فدان)، زراعها يعجزون عن شراء السماد ثم تعجز المصارف عن تمويلهم، وكذلك يعجز نهج حكومة البشيرعن تخفيض سعر السماد بحيث لا تتسبب قيمة في فشل الموسم الزراعي..أمام وضع كهذا، نسأل بكل براءة : لماذا لايهرب الزراع ويطاردون سراب الذهب؟، بل لماذا لا يهجرون البلد بحثا عن ( الحياة ) ..؟؟

** ثم نموذج آخر..أكثر من (10 الف أسرة) أصابها الضررهذا العام بعد خروج أكثر من (40 الف فدان) من دائرة الزرع في هذا الموسم بسبب العطش، وهناك أربع ترعة رئيسية بالمشروع أصابها الجفاف والتصحر بسبب فجوة وإشكالات فنية بالمشروع، أوهكذا يعترف عابدين سمساعة – مدير مشروع الجزيرة – للبرلمان.. نعم، لكم أن تصدقوا – أيها الافاضل – بأن النموذج الكارثي هذا هو بعض مساحات مشروع الجزيرة..عطش بمشروع الجزيرة يرغم بعض الزراع على الإحتجاج للبرلمان ثم التهديد بالتظاهرة.. ولكن رئيس اللجنة الزراعية بالبرلمان يصف عطش زرعهم – وما فيه من خسائر – بالإبتلاء، ثم يطالبهم بالصبر( يعني مافي داعي للمظاهرات )..مشروع الجزيرة لايروى من السماء بحيث يكون سبب توقف الأمطار قضاء وقدر، ولكن هذا المشروع يروى من النيل مباشرة يا عالم، ومع ذلك – بسبب إشكالات فنية – أصاب الترع الرئيسية جفافا أخرج أكثر من (40 الف فدان) من دائرة الإنتاج، وتلك الإشكالات الفنية هي ( الإبتلاء)، أو كما يصفها رئيس اللجنة الزراعية بالبرلمان في محاولة يائسة لتغطية (فشل الإدارة ).. من المسؤول عن الإشكالات الفنية بالمشروع؟، ولماذا لم تتم معالجتها قبل بداية الموسم الزراعي؟، أم تفاجأت الإدارة بالموسم الزراعي ؟.. أسئلة مشروعة ولكنها ساذجة في دولة اللامحاسبة واللامسؤولية..وعليه، حسنا يا سادة النهضة الزراعية..أمام إبتلاء كهذا، لماذا لا يهجر الزراع زرعهم ويطاردون سراب الذهب؟.. بل لماذا لايهجر المواطن وطنه، بحثا عن ( الحياة ) ..؟؟.. وعلى كل حال، الانظمة الراشدة لاتدير حياة شعوبها وأوطانها بالتوجيهات والنصائح فقط ، كما يفعل سادة حكومة السودان، بل بالمحاسبة والمساءلة أيضا..وما لم تحل المحاسبة والمساءلة محل التوجيه والنصح وفقه السترة، لن يتوقف مسلسل فشل المواسم الزراعية، ولن يتوقف سيل هروب الزراع من مزارعهم إلى حيث سراب الذهب أو إلى ( برة البلد) ..!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]

Exit mobile version