لماذا الصمت عن جريمة جوبا ؟!

[JUSTIFY]التزمت الحكومة صمتها المطبق وعافت الكلام المباح حول دور دولة جنوب السودان في الأحداث الأخيرة، إلا قليل الكلام الذي صدر عن وزير الدفاع وهو تحصيل حاصل والإقرار بما هو كائن وواقع..
وحتى هذه اللحظة فعلت جوبا ما تُمليه العادة في العلاقات الدولية والمصانعات الدبلوماسية المعروفة، بإدانة خجولة للهجوم على أم روابة جاءت في مكالمة هاتفية بين الرئيس البشير ورئيس دولة الجنوب..
لكن القاصي والداني وكل ذي عينين، يعلم حق اليقين أن هجمات الحركة الشعبية قطاع الشمال وما يُسمَّى بالجبهة الثورية، تُدار بغرفة عمليات في جوبا، وأنَّ التسليح والدعم والتخطيط يتم من هناك، ولا مجال للإنكار، وليس من حقّ حكومتنا أن تغطي على ما يحدث فالعالم صار غرفة محدودة بعد أن كان قرية صغيرة… فليس هناك معلومة تغيب ولا شيء يخفى وراء ستر وحُجُب التقديرات السياسيَّة غير الموفَّقة..
من حق الشعب أن يعرف ما يجري حوله، فليس من الحكمة على الإطلاق أن نغضّ الطرف عمّا تفعله جوبا التي خدعتنا بالتوقيع على المصفوفات الأخيرة دون أن تسعى جادّة لفك الارتباط مع قطاع الشمال ولا وقف الدعم الذي تقدِّمه لحركات دارفور المسلحة وما يسمى بالجبهة الثورية.. المدد لم ينقطع.. وقد ظل السلاح والسيارات والدبابات التي استخدمتها القوات التي احتلت أب كرشولا والطائرات المحمَّلة بالأدوية والمعدَّات الحربيَّة تنطلق من الجنوب وتهبط في مهابط كاودا وجلد وبعض المناطق على الحدود بين ولاية جنوب كردفان وولاية الوحدة في دولة الجنوب.. وتجوس خلال الديار منظَّمات غربية تنطلق من دولة الجنوب بطائراتها وفرقها المختلفة بتنسيق كامل مع جوبا…
وتوجد في أب كرشولا وكاودا عناصر من دولة الجنوب بل ومقاتلون وضباط شاركوا في هذه العمليات وأجانب من دول أوربية وأمريكية وإسرائيليون، فمن غير المنطقي أن نسكت عن ذلك إرضاء لبصيص أمل ضعيف لا يُرى بالعين المجرَّدة يُشير لتحسُّن العلاقات بين الجانبين!
بعض الناس يريد أن نصمت ولا نوجِّه أصابع الاتهام لجوبا، من أجل أن تستمر العلاقات المتحسِّنة رويدًا معها، فهل العلاقة مع جوبا أقْيَم وأغلى وأثمن من دماء الشهداء في أبكرشولا والله كريم وخلاوي القرآن، وضرب مدينة مثل أم روابة.. والجرأة على اختراق العمق السوداني بهذه الصورة وإثارة الذعر وسط الأهالي ونشر الفوضى في منطقة كانت آمنة مطمئنَّة يأتيها رزقُها رغداً؟؟
نجحت سياسة وإستراتيجيَّة الحركة الشعبيَّة الحاكمة في دولة الجنوب، فبدون أن تدفع فاتورة باهظة وتعلن وتتخذ إجراءات فكّ الارتباط، جعلت الحركة تتمدَّد في السُّودان في اتجاه الشمال وقريبًا من الخرطوم ونقلتها من كهوف الجبال والمغارات والأودية السحيقة على الحدود في جنوب كردفان، إلى مواقع متقدِّمة، وما احتلال أب كرشولا واتخاذها عاصمة من قبل الحركة الشعبية قطاع الشمال، إلا دليل قاطع على أنَّ جوبا تريد القول إنه لا صلة لها بما يجري لبُعد المسافة ووقوع أب كرشولا في العمق قريبًا من الوسط وبعيدًا عن أراضي دولة الجنوب، مما يعني أن النزاع داخلي ليس لها يد فيه لا من قريب ولا من بعيد!!
إذا كان هذا هو تخطيط جوبا وتدبيرها وخبثها ويقف وراءها عتاة المخططين الإسترتيجيين من أمريكا والكيان الصهيوني وأشرف وزير الدفاع الإسرائيلي على كيفيَّة تنفيذ المخطَّطات لاستمرار اشتعال الحروب في السُّودان كما قال وعدم السماح لها بأن تنطفئ… فما الذي بيد الحكومة أن تفعله إزاء هذا الأمر وما زالت بعضُ الأصوات تنادي بطهارة يد جوبا من نجاس الفعل الذي تم في أم روابة وبقية مناطق جنوب كردفان؟
ليس من حق الحكومة أن تمنح صكوك غفران لجوبا، وليس من السياسة الرشيدة منح عدوك صفحك وعفوك وهو يعلم وأنت تعلم أنه والغ حتى أذنيه في عداوتك التي ما منها بُد!

صحيفة الإنتباهة
الصادق الرزيقي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version