د. نافع وألغام صناعة القرار الإفريقي ..!!

[JUSTIFY]اعتداءات المتمردين على مدن وأرياف كردفان، والجرائم الكبيرة التي ارتكبوها في حق الدولة والغلابة هناك، قد شغلت الساحة الإعلامية ومساحات الرأي العام، عن قضايا وهموم عديدة مرت ولم يحفل بها الناس، ولم تعط قدراً من القراءة والتحليل، منها المؤتمر التأسيسي للأحزاب السياسية الإفريقية الذي أنهى أعماله بالخرطوم، وانتخب مكتبه التنفيذي، حيث قطع المؤتمرون بضرورة مجابهة إفريقيا للتحديات بشكل متضامن ومتجانس على أن يكون التعاون والتكامل الإقليمي والقاري وتعاون دول الجنوب، رافداً أساسياً من روافد إستراتيجية القارة. كما نادى المؤتمرون بضرورة تعزيز الجهود لتحقيق إصلاح مجلس الأمن آخذاً في الاعتبار الموقف الإفريقي الموحد الذي عبر عنه «توافق الزويني» بشأن عملية إصلاح مجلس الأمن، وضرورة أن يكون لإفريقيا صوتها المسموع في مؤسسات اتخاذ القرار الدولي.

وأكد المشاركون على ضرورة حل المشكلات الإفريقية في إطار البيت الإفريقي، وتعزيز مقدرات القارة وإمكاناتها المؤسسية والهياكل المناط بها معالجة قضايا السلام والأمن.. المؤتمر وفق البيان الختامي والظروف التي انعقد فيها وما مرت به القارة من ظروف وتقلب في الولاءات، يحسب إنجازاً مهماً كمنظومة وجسم مؤسسي للأحزاب السياسية بالقارة الإفريقية، وهو يعتبر مساهمة غاية في الأهمية، وإنجازاً تأريخياً لقارة إفريقيا، وهي تحتفل بالذكرى الخمسينية لإنشاء منظمة الوحدة الإفريقية والذكرى العاشرة لانطلاق الاتحاد الإفريقي الذي خلفها. لكن السؤال المهم هل إفريقيا قادرة على التعامل والتفاعل في عالم متغير ومجابهة التحديات والمشكلات، وهل بمقدورها أن تتكامل خلف الطرق والسبل التي تحقق الأهداف التي تواثقوا عليها؟؟ إفريقيا غنية بالموارد البشرية والطبيعية لكن خسارتها كبيرة خلا ل عمرها الطويل، فهي ظلت القارة العجوز وارتبط بها ثالوث المرض والجهل والفقر رغم غناها، فهل عبر هذا التكتل السياسي الجديد الذي يعتبر مطبخاً لصناعة القرار السياسي في إفريقيا، هل تستطيع إفريقيا أن تعوض خسارتها وتعيد المبادرة للاستفادة من إمكانياتها، أم أن الألغام المتوقعة ستفلح في تشتيت الكيان الجديد وتمزيقه؟؟ أسئلة عديدة لا تزال مشرعة ومثيرة، كما أن كثيراً من النوافذ مشرعة أمام الأجسام الإفريقية برغم التقدم الملحوظ في مسير الاتحاد الإفريقي، لكن بكل صراحة أي جسم إفريقي تريد القارة بنايته هو بحاجة إلى تصميم محكم يراعي ظروف العالم وإفريقيا في إستراتيجيات الآخرين، لأن من يصنع الحروب والنزاعات ويعرقل مسار توطين الديمقراطية وهي مشاغل القارة الآن، هو من يقف هناك في أوربا وأمريكا بمعنى«المستعمر القديم والجديد» لا يزالان عيونهما على القارة ككيان ويعملان حتى لا تتحد، فهناك دول نشطة ومتحركة وأخرى موضوعة في غرف التنويم الدائم «مثلجة» كما أن بعض دول القارة تعتمد على الآخر في أدق شؤونها اليومية في الغذاء والأمن والإدارة، فهل يفلح السودان الذي اتخذ مقراً للأمانة العامة لمجلس الأحزاب الإفريقية، وانتخاب الدكتور نافع علي نافع أميناً، هل يفلح في المواءمة بين الكيانات السياسية والتكتلات الإفريقية الأخرى في أن تتحد وتقف خلف القرار السياسي الحاكم لإفريقيا وفق إستراتيجية وأولويات القارة، أم أنها ستظل خاضعة لأجندة الآخرين؟ ولا أدري ما إذا كانت هي مصادفة أم تخطيطاً مسبقاً أن يسبق انعقاد هذا المؤتمر ومقرراته الزيارة المرتقبة للدكتور نافع علي نافع إلى أمريكا بدعوة من الإدارة الأمريكية لحزب المؤتمر الوطني للتفاكر حول القضايا المشتركة، نعم إن الدعوة قدمت قبل المؤتمر وموضوعاتها منفصلة، لكن يبقى من الخطأ أن يُفهم أن الأمر مصادفة خاصة أن الجميع يدرك أن السياسة لعبة ذكاء وفن الممكن، ويصبح من الذكاء أن يسبق هذا الاحتشاد للإرادة الإفريقية الزيارة حتى يتمكن نافع من أن يحمل معه أجندة إفريقيا ويحاور بصفتين عن المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، وعن إفريقيا ممثلة في أحزاب الأغلبية في برلمانتها وهي التي أسست هذا الكيان، فبالتالي مشروع جداً أن يفاوض نافع نيابة عن إفريقيا بصفته رأس الرمح في مركز صناعة القرار السياسي في إفريقيا وهي صفة معتبرة جداً عندالغربيين، ولا يستقيم عقلاً أن يذهب الأمين العام لمجلس الأحزاب الإفريقية إلى واشنطن ويحصر نفسه بين لافتات وزوايا السودان. وأعتقد من الحكمة أن يحمل دكتور نافع كل أجندة وأولويات إفريقيا التي نادي بها المؤتمر الذي أنهى أعماله بالخرطوم أخيراً وعلى رأسها خطة عمل مجلس الأحزاب الإفريقية الخاصة بتنشيط وتعزيز الحراك القاري بشأن أجندة التنمية الدولية لما بعد عام 2015م، وعلى نحو يضمن أن تكون أولويات القارة الإفريقية حاضرة في أجندة التنمية الدولية التي سيتوافق عليها المجتمع الدولي، وأمريكا تمثل رأس الرمح لما يُسمى مجازاً المجتمع الدولي، لا سيما وأن إفريقيا تمضي نحو تحولات هيكلية في بنية اقتصادياتها لاستدامة النمو وخلق وظائف العمل ومحاربة البطالة وخفض إمكانات التعرض للهزات والصدمات الخارجية وتأثيراتها على مجتمع القارة، حيث تعتمد اقتصاديات إفريقيا ونموها المستقبلي على حشد واستغلال مواردها مسنوداً بسواعد قواها العاملة الشبابية لتحقيق الوفرة والإنتاجية المعززة بالتقانة وثقافة الاختراع. ومعلوم ما أحدثته الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية من هزات كبيرة كشفت ظهر دول الغرب، وأبانت فشل المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية في الاستجابة لاحتياجات وشواغل إفريقيا والدول النامية تستوجب أيضاً إصلاح تلك المؤسسات الدولية حيث أقر مؤتمر الأحزاب الإفريقية حاجة قارتهم لأدوات وآليات جديدة للتعاون فيما يتصل بالقضايا الدولية المختلفة في مجالات التجارة والبيئة والمسائل الاجتماعية والإنسانية، وذلك عبر الحوار الموضوعي والشفافية دونما مشروطيات أو ضغوط.. وأحسب أن الدكتور نافع وبخبرته في الحوار مع الغربيين من خلال تجربة السودان ممثلاً في سنوات حكم الإنقاذ، بإمكانه إحداث اختراق ملحوظ في جدار العلاقة الأمريكية الإفريقية ونزولها من برج التعالي إلى الندية والاحترام والتقدير وفق لغة المصالح المشتركة. وأحسبه قادراً على مؤانستهم بهموم إفريقيا دون تدخلات في شؤونها الداخلية. كما أن نافع رجل متمرس في مواجهة التحديات بخلاف أي قائد إفريقي آخر رغم اختلاف البعض معه وملاحظاتهم في نبرته وخطابه السياسي الصريح إلا أن الفرق بينه وأي قائد سياسي آخر فهو واضح وشفاف ولا يداهن في طباعه وتوجهاته السياسية.. واهم من يظن أن الغربيين سوف يستهينون بهذا الجسم الوليد المتوقع أن يخاطبهم بلغة «ارفعوا أياديكم عن إفريقيا»، فهم سيضعون له ألف حساب وتقدير، وسيضعون أمامه الأشواك حتى يرضخ للإغراءات كي يتعايش مع مصالحهم وأدوارهم القذرة في إفريقيا، والمطلوب إرادة قوية حتى يثبت هذا الكيان ويصنع لنفسه مقعداً بين الآخرين في آسيا وأوربا وأمريكا اللاتينية.. بالتوفيق إفريقيا !

صحيفة الإنتباهة
فضل الله رابح

[/JUSTIFY]
Exit mobile version