الصفح والعفو
من المعاني السامية في حياتنا ،،معنى( العفو) ومرادفه في المعنى (الصفح)،،ونحن أهل السودان من أكثر الممارسين لهذين المعنيين الفاضلين ،،والصفح لا يصدر إلا عن نفس تقية قوية سمحة نقية ،قال القرطبي رحمه الله:”الصفح هو إزالة أثر الذنب من النفس ،صفحت عن فلان ،إذا أعرضت عن ذنبه ،وقد ضربت عنه صفحا ،إذا أعرضت عنه وتركته” قال الله تعالى:[ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم]سورة النور ،وقال تعالى:[يأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فأحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم]سورة التغابن ،وعن أبي إسحاق قال:سمعت أبا عبد الله الجدلي يقول:سألت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:”لم يكن فاحشا، ولا متفحشا ، ولا صخابا في الأسواق ،ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح” وعن حذيفة رضي الله عنه قال: أتى الله بعبد من عباده آتاه الله مالا فقال له:ماذاعملت في الدنيا؟(قال:ولا يكتمون الله حديثا) قال: يارب آتيتني مالك فكنت أبايع الناس ،وكان من خلقي الجواز فكنت أتيسر على الموسر وأنظر المعسر فقال الله:[أنا أحق بذا منك ،تجاوزوا عن عبدي] فقال عقبة :بن عامر الجهني وأبو مسعود الأنصاري هكذا سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم “،وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :”ذكر في القرآن الهجر الجميل والصفح الجميل والصبر الجميل ،وقد قيل إن الهجر الجميل هو هجر بلا أذى ، والصفح الجميل صفح بلا معاتبة ،والصبر الجميل صبر بغير شكوى إلى المخلوق “لذلك الصفح يقوي رابطة التآخي بين أفراد المجتمع ،ويجعلهم متحابين متحدين ، والصفح من مستلزمات الإحسان ، والإحسان أعلى درجات الإيمان ،وفي الصفح تأس بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يعفو ويصفح ، العفو:كف الضرر مع القدرة عليه وكل من استحق عقوبة فتركها فهذا الترك عفو ،وقال تعالى:[ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فأعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير] سورة البقرة وقال تعالى :[فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك فأعف عنهم واستغفرلهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ] سورة آل عمران ،وقال تعالى :[الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور ]سورة المجادلة ،،وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:”قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله ،يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم } وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{تعافوا الحدود فيما بينكم ، فما بلغني من حد فقد وجب } فالذي يجود بالعفو عبد كرمت عليه نفسه ،وعلت همته ، وعظم حلمه وصبره ،قال معاوية رضي الله عنه:”عليكم بالحلم والإحتمال حتى تمكنكم الفرصة ،فإذا أمكنتكم فعليكم بالصفح والإفضال” والعفو مظهر من مظاهر حسن الخلق ،وهو خلق الأقوياء الذين إذا قدروا وأمكنهم الله ممن أساء إليهم عفوا عنه ،نسأل الله أن يشملنا بعفوه وغفرانه ،اللهم آمين .
هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]