وزارة العدل: محاكمة المتهمين في أحداث أمدرمان راعت كافة الجوانب القانونية
رداً على القراءة التحليلية عن تقارير الأمين العام للأمم المتحدة عن السودان في الشق المتعلق بإثارة بعثة الأمم المتحدة قلقها إزاء الجوانب الإجرائية القضائية للمحاكمات الخاصة بصدور أحكام الإعدام لمنسوبي حركة العدل والمساواة في أحداث أم درمان وعدم استيفائها الضمانات الدولية والشق المتعلق بحماية الأطفال من حكم الإعدام حيث يُدعي أن هنالك طفل يبلغ السادسة عشرة عاماً قد حكم عليه بالإعدام في أحداث أم درمان أوجز الآتي:
فيما يتعلق بالجوانب الإجرائية القضائية والضمانات الدولية:
1/ بعد انجلاء المعارك وبالرغم من بشاعة وغرابة اعتداء حركة العدل والمساواة على مدينة أم درمان أعلنت الدولة خيار اتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهة القوات المعتدية تحت مواد القانون الجنائي وقانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001م والأخير هو القانون الذي يحكم الوقائع باعتبار أن السودان قد وقّع على عدد من الاتفاقيات دولية وإقليمية وثنائية لمكافحة الإرهاب والجرائم الإرهابية وهي:
2/ ترتيباً لما ورد في البند أعلاه أصدر السيد وزير العدل قراراً قضى بتأسيس نيابة مكافحة الإرهاب وفقاً لأحكام القانون.
وبعد أن باشرت نيابة مكافحة الإرهاب التحريات أتضح أن حركة العدل والمساواة تقوم بتجنيد الأطفال قسراً وبتجنيدها لهؤلاء الأطفال تكون الحركة قد أتت جرماً يهتز له الضمير الدولي الإنساني ويخرق كل الاتفاقيات والقوانين المتعلقة بحماية الأطفال.
3/ بتاريخ 11/5/2008م تم فتح دعاوى جنائية في مواجهة المتهمين من حركة العدل والمساواة تحت المواد 21، 25، 26، 50، 51، 60، 63، 65، 167، 175، 182 من القانون الجنائي لسنة 1991م والمواد 5/6 من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001م والمواد 26/44 من قانون الأسلحة والذخيرة لسنة 1986م.
4/ إجراءات النيابة قبل المحاكمة استندت على المبادئ التالية:
أ) المتهم برئ حتى تثبت إدانته وله الحق في أن يكون التحري معه بوجه عادل وناجز.
ب) يحظر الاعتداء على نفس المتهم وماله ولا يجبر المتهم على تقديم دليل ضد نفسه.
ج) يُراعي الرفق كلما تيسر في إجراءات التحري والاستدعاء وفي ظل ذلك قامت نيابة مكافحة الإرهاب بالآتي:
أ) تمت إحالة المتهمين للاعترافات القضائية بعد أن تحققت بأن المتهم قد أقر بمحض الاختيار دون إكراه أو تعذيب أو تنكيل.
ب) تم التحفظ على المتهمين في حراسات قانونية معلنة حيث تم حبسهم في حراسات قانونية بسجن كوبر (سجن اتحادي) وبشرطة التحقيقات الجنائية وهي الشرطة التي تولت التحري تحت إشراف النيابة وتمت معاملة المقبوض عليهم بما يحفظ كرامة الإنسان وبما أن بعض المتهمين تعرضوا للإصابة خلال المعارك فقد قامت النيابة بتوفير الرعاية الطبيعية الملائمة لكل حالة.
ج) القانون الإجرائي الذي طبق في مرحلة التحريات هو قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م وهو القانون الذي يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
د) كفلت النيابة للمتهمين الحق في استئناف قرار توجيه التهمة خلال فترة الاستئناف المقررة قانوناً وبالفعل تم تقديم استئنافات تم الفصل فيها وكان نتاج ذلك الاستجابة لبعض الاستئنافات.
هـ) تم تقديم المتهمين للمحاكمة بعد شرح تفصيلي للاتهام الموجه لهم وسمحت نيابة مكافحة الإرهاب للمتهمين بالاتصال بمحاميهم داخل الخرطوم وخارجها وذلك وفقاً لأحكام المادة 83 من قانون الإجراءات الجنائية.
و) تم تقديم المتهمين للمحاكمة أمام محاكمة مكافحة الإرهاب وهي محاكم متخصصة أنشأت بموجب أحكام قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2001م.
5/ بينات الاتهام ارتكزت على الآتي:
1) الاعترافات القضائية وغير القضائية.
2) المستندات.
3) شهادة الشهود.
4) قرائن الأحوال.
5) بينة الشريك.
6) المعروضات كأدلة مادية.
7) بينة الخبراء.
6/ أهم ما جاء في الاعترافات القضائية:
أ) أكد المقر انضمامه إلى حركة العدل والمساواة.
ب) أكد تدريبية في معسكرات الحركة في كارباري وأم جرس.
ج) أكد استلامه لأسلحة وذخائر وعربات.
هـ) أكد حضوره لاجتماع الحركة المفصلي في جبل عيسى للهجوم على أم درمان.
و) أكد حضوره مع قوات الحركة إلى أم درمان والمشاركة في المعركة.
جرت المحاكمات بصورة علنية وسمحت المحاكم لأسر المتهمين بحضور تلك المحاكمات ومقابلة المتهمين بالاطمئنان على صحتهم والوقوف على حاجياتهم الضرورية.
7/ طبقت المحاكم قانون الإجراءات الجنائية وقانون الإثبات لسنة 1993م والقواعد الخاصة بمحاكم الإرهاب والتي صدرت بموجب أحكام القانون وهي قواعد تتفق مع النظرية العامة للإثبات ووفرت تلك القواعد كافة الضمانات القانونية والتي تمكن المتهم في أن يدافع عنه محامي مترافع.
8/ قضية الدفاع عن المتهمين ارتكزت على الآتي:
1/ إدعاء الإكراه.
2/ عدم تواجد المتهمين في مسرح الجريمة.
3/ عدم انضمامهم إلى حركة العدل والمساواة.
وفيما يتعلق بالشق الأول فإن إدعاء الإكراه أصبح دفعاً تقليدياً أمام المحاكم في كل الجرائم تقريباً بغية التشكيك في الاعترافات القضائية ولم يتمكن المتهمين من تقديم دليل على ذلك بل استطاعت النيابة إثبات صحة الإقرار القضائي وعدم تعرض المتهمين إلى أي إكراه أو تعذيب أو تنكيل وذلك من خلال المستندات الطبية المقدمة علاوة على القوة البدنية والصحية والتي ظهر بها المتهمون أمام المحاكم.
فيما يتعلق بعدم تواجدهم في مسرح الأحداث تقدم الاتهام بشهود أكدوا تواجد جميع المتهمين في مسرح الأحداث وتم ضبط بعض المعروضات في حيازتهم.
أما فيما يتعلق بالدفع الثالث فقد تقدم الاتهام بشهادة شهود مباشرين أكدوا انضمام المتهمين لحركة العدل والمساواة علاوة على ذلك تقدم الاتهام بمستندات توضح انضمام المتهمين لحركة العدل والمساواة وأيضاً تقدم الاتهام بأشرطة (C.D) وضحت ظهور بعض المتهمين في مراكز التدريب التابعة لحركة العدل والمساواة.
9/ حيثيات الإدانة جاءت مطولة ومتسببة ولم تستند المحاكم في أحكامها على الاعترافات القضائية وحدها بالرغم من أن بعض المتهمين قد أكدوا اعترافاتهم القضائية أمام المحاكم.
10/ حسب ما جاء في القواعد يحق للمدانين استئناف تلك الأحكام.
* فيما يتعلق بتطرق التقرير للحكم بإعدام طفل قاصر يبلغ 16 عاماً ضمن المحكومين أوجز الآتي:
بعد الزيارة والكشف الطبي تم تصنيف الأطفال إلى مجموعتين:-
المجموعة الأولى وهي 89 طفلاً وهي المجموعة التي تم تجنيدها قسراً بواسطة حركة العدل والمساواة وانحصر دور الأطفال هنا على خدمة الجنود في إعداد طعام وخلافه الأمر الذي قاد إلى إصدار عفو من السيد رئيس الجمهورية إعمالاً لسلطاته بموجب أحكام المادة 211 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م.
المجموعة الثانية: هي المجموعة المقاتلة حيث تبيَّن أن أعمار هؤلاء الأطفال 16 عاماً إلى 18 عاماً واستصحاباً لأساس المسئولية الجنائية الوارد في المادة 3 من القانون الجنائي لسنة 1991م وقانون الطفل لسنة 2004م قامت نيابة مكافحة الإرهاب بإجراء الكشف الطبي للأطفال للتأكد من بلوغهم الحلم.
وبالفعل تم تقديمهم للمحاكمة وكان الهدف من ذلك تكييفهم اجتماعياً بخضوعهم لأحد تدابير الرعاية والإصلاح الواردة في المادة 47 من القانون الجنائي لسنة 1991م.
النصوص الداعمة لمسائلة الأطفال جنائياً..
أولاً: فعل الصغير
المادة (9) من القانون الجنائي تقرأ كالآتي:
أولاً: يعد مرتكباً جريمة الصغير غير البالغ على أنه يجوز تطبيق تدابير الرعاية والإصلاح الواردة في هذا القانون على من بلغ سن السابعة من عمره حسبما تراه المحكمة مناسباً.
ثانياً: تدابير الرعاية والإصلاح المقررة للأحداث.
المادة 47 من القانون الجنائي لسنة 1991م:
يجوز للمحكمة تطبيق التدابير الآتية على الحدث المتهم الذي بلغ وقت ارتكاب الفعل الجنائي سن السابعة ولم يبلغ سن الثامنة عشرة.
أ) التوبيخ بحضور وليه في الجلسة.
ب) الجلد على سبيل التأديب لمن بلغ سن العاشرة بما لا يتجاوز عشرين جلدة.
ج) تسليم الحدث لوالده أو أي شخص مؤتمن بعد التعهد يحسن رعايته.
د) الحاق الحدث بإحدى مؤسسات الإصلاح والرعاية الاجتماعية يقصد إصلاحه وتهذيبه لمدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد عن خمس سنوات.
ثالثاً: عرَّفت المادة (3) من القانون الجنائي كلمة بالغ كالآتي:
يعني الشخص الذي ثبت بلوغه الحلم بالإمارات الطبيعية القاطعة وكان قد أكمل الخامسة عشرة من عمره ويعتبر بالغاً كل من أكمل الثامنة من عمره ولو لم تظهر عليه إمارات البلوغ.
والنص أعلاه يقود إلى الآتي:
1/ إمكانية تقديم الطفل الذي أكمل الخامسة عشرة من عمره وظهرت عليه علامات البلوغ الطبيعية إلى المحكمة.
2/ الطفل الذي أكمل ثمانية عشرة عاماً يعتبر بالغ حكماً ويمكن تقديمه للمحاكمة.
رابعاً: فيما يتعلق بعقوبة الإعدام على الأحداث جاء في الباب الرابع الفصل الأول من القانون الجنائي تقييد عقوبة الإعدام .. حيث جاء في المادة 27 الآتي:
1/ يكون الإعدام إما سقفاً أو رجماً أو يمثل ما قتل به الجاني وقد يكون حداً أو قصاصاً أو تعذيراً وقد يكون معه الصلب.
2/ فيما عدا جرائم الحدود والقصاص لا يجوز الحكم بالإعدام على من لم يبلغ الثامنة عشرة أو تجاوز السبعين من عمره.
والنص أعلاه يقود إلى الآتي:
1/ لا يجوز الحكم بالإعدام على الحدث الذي لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره في الجرائم التقريرية.
2/ يجوز تطبيق عقوبة الإعدام على القاصر الذي بلغ الحلم ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره في جرائم الحدود وجرائم القصاص، وجرائم الحدود المعاقب عليها بالإعدام هي:
أ/ جريمة الردة.
ب/ جريمة الزنا.
ج/ جريمة الحرابة.
من جرائم القصاص المعاقب عليها بالإعدام هي جريمة القتل العمد.
خامساً: ورد في القراءة التحليلية عن تقارير الأمين العام عن السودان أن هنالك حكم بالإعدام قد صدر في حق طفل يبلغ 16 عاماً ضمن المحكوم عليهم في أحداث أم درمان .. وهذا القول لا أساس له من الصحة حيث قامت محاكم الإرهاب بإحالة أي طفل لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره إلى محاكم الأحداث لتطبيق تدابير الرعاية والإصلاح الواردة في المادة 47 من القانون الجنائي عدا المدعو الصادق جبر الدار الذي يبلغ من العمر 17 عاماً حيث أُدين هذا المتهم بجريمة حدية هي جريمة الحرابة حيث تقدم الاتهام ببينات تم على مقتضاها إدانته تحت المادة 168 من القانون الجنائي وبالتالي يجوز الحكم عليه بالإعدام لأن الجريمة من جرائم الحدود.
بابكر عبد اللطيف علي
رئيس النيابة العامة
الخرطـوم
المصدر :smc[/ALIGN]