الصادق الرزيقي : القطـــاعُ… شَرٌّ لا بُدَّ مِنْه !

[JUSTIFY]تبدأ اليوم الثلاثاء جولة من المفاوضات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين وفد الحكومة وما يُسمى بقطاع الشمال في الحركة الشعبية الحاكمة في دولة جنوب السودان، وغادر فجر اليوم الوفد الحكومي برئاسة البروفيسور إبراهيم غندور إلى مقر التفاوض، للالتقاء بنظيره ياسر عرمان الذي يرأس وفد قطاع الشمال..
والغريب أن التفاوض يتم بين الحكومة وقطاع الشمال، لكن الحكومة تُصر على أنه بشأن الأوضاع في الولايتين جنوب كردفان والنيل الأزرق!!
وقلنا من قبل إن الحكومة وحزبها يحتاجان لتعريف واضح لقطاع الشمال، لكن اليوم نحتاج نحن عامَّة الناس وغمارهم لتعريف كامل لموضوع التفاوض هل هو مع قطاع الشمال أم حول قضايا المنطقتين؟
إذا كان وفد البروف غندور لبحث قضايا جنوب كردفان والنيل الأزرق، فهذه قضية بالفعل تحتاج لصيغ تختلف تماماً عن ما أعلنته الوساطة الإفريقية وما يعلن عن الأطراف المشاركة في هذا التفاوض، ولعله لا يخفى على أحد أن الوساطة الإفريقية والجهات الدوليَّة التي تجلس اليوم غير بعيدة عن طاولة المفاوضات اليوم، لا تعتمد أية مرجعيَّة غير الاتفاق الذي مُهر بتوقيع د. نافع ومالك عقار في نهاية يونيو «2011م» في أديس أبابا وعُرف إصطلاحاً باتفاق «نافع عقار»، وقد رفضه المؤتمر الوطني عبر مكتبه القيادي، وأسقطه الرئيس البشير بالضربة القاضية في ذاك الأوان!!
هناك من يقول إن الأوضاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق لا تنفصل عن قطاع الشمال، فهو السبب في نشوب الحرب وتأجج نيرانها، ولا يمكن إيقافها إلا بالتفاوض معه، ويستحيل لجم سُعارها إن لم يتم التفاهم مع قيادات التمرد المرتبط عضوياً بالحركة الشعبية الحاكمة في دولة الجنوب، فمن دون الجلوس إليهم لن تضع الحرب أوزارها!
بُحَّت الأصوات التي ظلَّت تقول إن أوضاع المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، استُغلت واستُخدمت من قطاع الشمال ليصل عبر صهوتي الولايتين إلى أغراضه السياسيَّة والتي ستتَّضح اليوم من خلال المفاوضات عندما يُعلن رئيس وفد قطاع الشمال ياسر عرمان عن سقوفاته التفاوضيَّة!
قطاع الشمال الذي ذهبت إليه الحكومة نزولاً على القرار الأممي «2046»، لا علاقة له بجنوب كردفان والنيل الأزرق إلا بشرر النيران التي تحرق الأخضر واليابس هناك ويريد لهذه النيران أن تفتح له الطريق نحو السلطة في الخرطوم، وكثيراً ما أعلن القطاع عن توجُّهاته السياسيَّة وأهدافه التي يريدها من هذه الحرب ومن التفاوض!
إذا كانت الحكومة تريد بالفعل مناقشة قضايا المنطقتين، فما الذي ستطرحه من آراء وأفكار بشأنها وكيف تعبِّر عن تصوراتها ومواقفها وشروطها، إذا كان الطرف الآخر لم يأتِ أصلاً للتفاوض حول هذه القضايا؟! فكل الذي نعلمه عن نوايا الطرف الآخر أنه يدخل جولة التفاوض هذه بسقف عالٍ يتمحور في المشاركة في السلطة الاتحاديَّة وتوزيع الأنصبة السلطويَّة والترتيبات الأمنيَّة التي تضمن لقطاع الشمال الاحتفاظ بقواته وهي الفرقتان التاسعة والعاشرة من الجيش الشعبي التابع لدولة الجنوب، واقتسام الثروات، أي أن القطاع يسعى لتوليد أو استنساخ نيفاشا جديدة تزيد البلاد خبالاً في خبال!
فقضايا المنطقتين تقبع في أسفل قاع التفكير لدى قطاع الشمال، أو بالأحرى لا وجود لها، فهل تخادع الحكومة نفسها بالإعلان عن أنَّ التفاوض حول قضايا المنطقتين؟! أم ستكون جولة تفاوضيَّة بلا طائل من حدوثها، ولن تفضي إلى شيء إذا كانت مغبَّشة الرؤية، معتمة الأفق، تسد عيونها غلالة من ضباب!!
مهمَّة صعبة التي يباشرها وفد البروف غندور اليوم في أديس أبابا، فقد ألقت إليه الحركة الشعبيَّة قطاع الشمال بفلذات أكبادها الوالغة في التآمر والعمالة والخداع والخبث واللؤم السياسي، فهل اصطحب معه عصاه لضرب الذئاب أم سيتركها تعوي وتنهش لحم الزمن كسباً للوقت وتضييعًا له وحشر الحكومة في زاوية ضيقة! فالقطاع لا يخسر شيئاً، وخدعتنا حكومة الجنوب بعدم فك الارتباط معه!!!

صحيفة الإنتباهة

[/JUSTIFY]
Exit mobile version