يكافحون العطش هناك بـ(الجبنة)… سوق جبريت…حكاية (أرخص) سوق حدودي..!

[JUSTIFY]الجبال تحيط به من كل جانب… يضعون فناجينهم و(جبنتهم) كأنيس يتوجهون اليه كلما ضاق بهم الحال…يتسمون بالهدوء برغم ضنك المعيشة وحياتهم التي تفتقد إلى ادني خدمات المعيشة، يقابلونك بترحاب وابتساماتهم تسبق اياديهم وكانهم يرددون خلف الموسيقار ود الامين: (ورا البسمات كتمت دموع… وبكيت من غير تحس بي)، هم مواطنو وتجار سوق (جبريت) بمحلية تلكوك بولاية كسلا الذي يبعد عن ارتريا بضعة امتار حتى اذاعة الاف ام التي ادرناها في العربة التي كنا على متنها كانت تطربنا بالاغنيات (الحبشية) الراقصة.
نظرات استكشافية:
سوق (جبريت) يعد من الاسواق الحدودية التي تجعلك تفرك عينك من الدهشة بما يتوفر داخلها من سلع (بسيطة) ويعتبر هذا السوق من اصغر الاسواق في السودان وذلك بما يتوفر من سلع منها ( الطماطم ، والفحم ، والفول) وحتى البهائم، بينما لا تغيب عن اعين التجار هناك تلك النظرة الاحترازية التى يرمقونك بها وانت تتجول داخل السوق، ربما هي نظرة الاستكشاف الاولية.!
توجس وترحاب:
وعند اقترابك منهم تجدهم يتحسسون (العصي)، وينهضون في وقت واحد، يأتون اليك في حذر وخطوات بطيئة يتغامزون في ما بينهم، ويتفوهون بكلمات لا يعرفها إلا بعضهم البعض، وكأنها كلمات سر يريدون بها فك (شفرة) الاغراب الذين لم يرونهم من قبل في هذه المنطقة وعندما علموا بهويتنا انهالت علينا كلمات الترحاب بلهجاتهم الجميلة :(مرحب مرحب تفضل يا )، وقبل جلوسنا سألناهم عن هذا السوق وأجابنا احدي العاملين به ويدعى (موسى كرار) قائلا : تاريخ هذا السوق قديم جداً، وعند اشتعال الحرب بالمنطقة توقف السوق لفترة من الزمن، وعاد مرة اخري واصبح الناس يباشرون عملهم في البيع والشراء، ويضيف في الحكي قائلا: (نفس انواع السلع التي كانت تباع منذ انشاء السوق لم تتغير إلى هذه الفترة لان السكان هنا اعدادهم قليلة وليس لديهم دخل هنا وهذا ما يجعل العملة المعدنية المتداولة في ما بينهم اكبر فئاتها هي مابين (10ـــ20) جنيها .
طماطم بس:
كان يحتسي فنجاناً من القهوة بتلذذ، جالسا على الارض وينظر إلى بضاعته (الطماطم ) نظرات متكررة قبل أن يتحدث لـ(السوداني) بعد أن وضع فنجان القهوة قائلا : اسمي النور علي، وانا أعمل في بيع الطماطم والشطة منذ فترة في هذا السوق)، وعن عمله يقول بلهجته الجميلة:( شغل هنا صعب شديد وبيع مافي والطماطم غالية ) ويضيف : (لكن الحمد لله اخير من الزول يقعد من غير شغل)… وعن سبب ارتفاع الاسعار يقول : (الطماطم نحصل عليها من اسواق بعيدة في كسلا وتأتي الينا عبر الجمال لذلك اسعارها مرتفعة والطماطم هنا تعتبر الاكلة المفضلة لسكان هذه المناطق اذ لايوجد خضار غيرها لذلك الاقبال عليها كثير).
سر (الجبنة):
محمد النور كان يدندن بكلمات لم نفهمها لكنها اطربتنا، وذلك من خلال صوته العذب وعند سؤالنا له عن عمله قال :(انا بعمل الجبنة ليس للبيع ولكنها لـ(الكيف) فقط واساعد العاملين في السوق وذلك من خلال عمل الجبنة وهنا نتشارك في عمل الجبنة (يعني كلو مرة بعملا واحد فينا ) وعن سر الجبنة يقول بعد أن ارتشف فنجانا منها : (الجبنة عندنا من الضروريات وهي تعتبر شي لابد منه وهي (بتقطع العطش).
الدكان الوحيد:
ود النور يضيف لـ(السوداني): (نحن هنا نعاني من عدم توفر المياه لذلك لابد منها، وحتي عندما نحصل على المياه من اماكن بعيدة يكون للجبنة فيها النصيب الاكبر..ونستخدم ما تبقى من المياه في الوضوء والمساعدة في طهي الطعام)، وعن عمله في السوق يقول انه يعمل في بيع الفحم منذ فترة في السوق واسعار الفحم هنا رخيصة وسعر الشوال (20) جنيه لان حطب الباسكيت هنا متوفر، أما محمد أحمد صاحب الدكان الوحيد في السوق فيقول لـ(السوداني): (الشغل تمام والحمد لله وفي اليوم بنطلع مايقارب الـ(10) جنيه ويوجد في الدكان عيش وفول فقط والحمد لله الشغل تمام التمام وكل الناس هنا بتتعارف)..!
[/JUSTIFY]

السوداني – تلكوك : يوسف دوكة

Exit mobile version