في التخطيط التربوي والإدارة من جامعة (نورث كارولين)، ناشطة لها انتماءات متعددة لجمعيات تختلف في أنشطتها ،ترجمت لها ثلاث دواوين شعرية إلى أربع لغات عالمية ،متزوجة من الدكتور عبدالله الدباغ ولها من الأبناء ولد وثلاث بنات ،استحقت العديد من الجوائز التكريمية لتفوقها خلال مراحل تعليمها المختلفة ، نشرت كلماتها الخالدة هذه في صحيفة المدينة المنورة ،واصفة أهل السودان ،لزوجة أحد الدبلوماسيين قائلة (صديقة أجنبية ،زوجة لدبلوماسي تنتقل معه في بلاد الله الواسعة، قالت وقد آن أوان السفر :”سننتقل الى السودان وقد عشت في تونس وعمان والعراق قبل السعودية ،أما السودان فلا أعرفه،أنتم في البلاد العربية تتشابهون كثيرا وتختلفون كثيرا، لا أجد ما يجمعكم في البلد الواحد ولا في المجموع، لا أدري إن كانت تجربة الماضي تفيد في التنقل بينكم “.فكرت في حلم الوحدة العربية، والتجمعات الراهنة في ارتباطات اقليمية ،والخلافات على حدود سرابية، ومناسبات جماهيرية ،ولم أستطع أن ألغي ملا حظتها، قلت لها صادقة:ستحبين السودان، وأكاد أجزم على ذلك وربما لقناعة في نفسي، نعم قد لا يكون السودان في رخاء البلاد الأخرى التي عشت فيها، ولكنه غني بروحانيات خاصة، لم تتح لي زيارة السودان ولكني عايشت الكثيرين من أبنائه وبناته متغربين للدراسة أو العمل في بقاع مختلفة من العالم تمتد من بلادنا العربية الى أمريكا وأوروبا ،وأستطيع أن أقول عنهم ما لا أستطيع أن أقوله عن أي جماعة أخرى منا:لم أجد في التعامل مع أي منهم ما أفقدني احترامي له شخصيا أو لأبناء بلده ،، وجدت في الزملاء والزميلات من السودان ذلك الشعور بالمسؤلية ،والرغبة في القيام بالواجب على الوجه الأكمل ،،ووجدت فيهم الطيبة دون غباء،، والإعتزاز بالنفس دون غرور ،،واحترام الآخرين دون تذلل،، ومعرفة حقوقهم وحقوق الآخرين ،،لهم شخصية مميزة شعب عرف الإستعمار ولم يتعود الخنوع ،،وعاش الفقر ولم يتقمص الذل ،،وحفظ انتماءه الى عروبته وأفريقيته وإسلامه دون أن يشرخ ذلك شخصيته الخاصة .
أين في البلاد العربية أو غيرها من يقوم بإنقلاب ناجح ضد سلطة مرفوضة ثم يترك كرسي السلطة راضيا طائعا عن زهد وطيب خاطر؟ إنه درس بليغ لحكامنا لو يعلمون ،أين في البلاد التي تعاني كوارث العالم تجدين الصبر والإتزان والهدوء الذي واجه به السودانيون مجاعاته وجفافه وفيضاناته حكومة وشعبا؟ ستحبين السودان ، لأن أهله يحبون بعمق ،،ويحسون بعمق ،،ويتألمون بعمق ،،ولكن أصواتهم تظل هادئة ،،بلد طيب ،،يملؤه الناس الطيبون،، ربما تجدين سودانيا يبتسم فقط عندما يحتاج شيئا منك وينسى ملامح وجهك حين لا يحتاجه، وقد تجدين سودانيا يحلف ألف يمين ليقنعك أنه صادق وهو يتكلم بلسان مقسوم ،،وقد تجدين سودانيا يرتشي ويختلس ويسرق ويهرب من مسؤولياته أو يتلاعب بصلاحياته،، ولو حدث ذلك يا سيدتي،،فستكونين قد التقيت ظاهرة نادرة بينهم ،، لأنهم حقا شرفاء،، ولا ينسون ذلك ،مثلك درت العالم عدة مرات وزرت بلاد الجهات الأربع ،،عربية وغير عربية،، فوجدت أن ابن البلد أطيب في بلاده منه في خارجها،، ربما يتأثر بالهواء الملوث فيصدأ بعض معدنه،، وربما هو دفاع عن النفس في مواجهة الغربة ،، لا أستطيع أن أقول لك أنني عايشت السوداني داخل حدود بلاده ،،ولكن إن كان مثل من عرفت منهم خارجها ،فسوف تحبين السودان والسودانيين ،، أكاد أجزم أنهم من معدن أصيل لا يصدأ .)كتبت الأستاذة الصحفية القديرة ثريا العريض هذه الكلمات دون أن تزور أرض السودان أو ترى حال أهله ،فماذا لو زارته وعاشت حالة الفناء التي يحياها أهله ! إن فعلت لأدركت أننا شعب أدرك معنى الحياة فأصبح يؤرقه ويضج مضجعه أن لا يبتلى ،ولعلمت أننا أدمنا المحن فأصبحنا لا نعبأ بها ، بل أصبحت زاد العزة الشموخ والتحدي بالنسبة لنا ، لأن المحن والبلايا جزء لا يتجزأ من تكوين الإنسان السوداني صاحب المعدن الأصيل ،نعم صاحب المعدن الأصيل ،علينا أن لا ننسى أنفسنا ،قيمنا ، أخلاقنا، شرف المروءة والشهامة الذي ميزنا ،وأخيرا الصفة التي لا توجد عند الكثير من أهل الأرض (الصدق) ، التحية مجددة للأستاذة ثريا العريض أمد الله في عمرها ، والتحية لأهل (الحاااارررة) الذين لا يصدأون !
هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]