الحقد الطبقي و.. الغالي بي غلاوته !!

الحقد الطبقي و.. الغالي بي غلاوته !!
منذ أن وعيت على الدنيا كنت أسمع عبارة (الحقد الطبقي) ولم أك أعرف لها معنى؛ وعندما (كبرنا وكبرت أحزانا) عرفت معنى العبارة، ولكني لم أعشها بحمد الله كحال أي إنسان طبيعي لا يحب أن يعرف الحقد بأنواعه لقلبه سبيلا !!
واليوم ونحن في السودان نرى أن البعض قد وصل بثرائه وكثرة ماله حد البذخ لانقول له ( من أين لك هذا ) ولكن نقول ( اللهم بارك وزد له في ماله)؛ هكذا يعيش معظم أهل بلادنا على القناعة بحسبانها ( كنز لايفنى ) وقليلون هم من ينظرون لما في يد غيرهم بغل وحقد وتمني زوال النعمة !
ولكن والحق يقال: إن شكل الفوارق وعجائب المفارقات التي باتت تسيطر ملامحها على الحياة في السودان أصبح مدعاة للنفور والغضب مابين الثراء الفاحش والفقر المدقع !!
ونستعجب لحال الحكومة التي تعيش وترى بأم عينها كيف يعيش بعض الأثرياء في بلادنا ممن لا يسألهم أحد عن مصادر أموالهم سواء كانوا من صف الحكومة نفسها أو غيرهم من الرأس مالية (الغير وطنية) وفي الوقت ذاته تفشل تماما في رفع المعاناة عن كاهل شعبها الصابر الذي هده الغلاء وكسر جناحه الحرمان، بينما يرفع بعض الحكوميين لافتات ( الطناش) ويشارك الآخر بأحاديث جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع، ويؤيدون تلك الشعارات المستفزة من نوع ( الغالي متروك) دون مراعاة ماهية هذا الغالي وأهميته في حياة الأسر !!
الشيء الذي يفقع المرارة ويبعث التساؤل في نفسي كل حين هو: هل يخلو بيت من بيوت أحد السادة الحكوميين من اللحوم بأنواعها البيضاء والحمراء وخاتف لونين؟ هل يخلو بيت أحدهم من باغات اللبن المبسترة وكاملة الدسم ؟
هل تخلو بيوتهم من كل مالذ وطاب من خيرات المولى، بينما بيوت أغلبية الشعب خاوية على عروشها وليس فيها ما يسد الرمق، وقد هربت من جحورها الفئران جوعا ؟!
استفزني حديث المقاطعة وشعار ( الغالي متروك) في بلد لم يعد فيه سلعة لم يطالها الغلاء الفاحش، ولم يسلم من ذلك حتى (الفول) حبيب الشعب، وأما العدس والبقوليات فحدث ولاحرج، واما الخضارات فلم يعد حتى الجرجير ضيفا جميلا على موائد معظم أبناء هذا الشعب الكادح العظيم !!
في السابق كانت هنالك سلع يتركها المواطن طوعا واختياراً لغلائها وأما الآن فقد أصبح مكرها على ترك كل السلع لأن جيبه ( المقدود) من دبر؛ لايحمل في ثناياه أثمانها الباهظة !!
يقولون في الأمثال ( الغالي بي غلاوته يضوقك حلاوته) وهاهم الناس قد تركوا كل ماهو ( حلو) ولجأوا للشطر الآخر من المثل وهو ( الرخيص بي رخصتو يضوقك مغصتو) فصار أكثرنا ينام ويصحو وهو في حالة من المغص التي لا نعرف لها نهاية !!
نحن نناشد الحكومة أن تنظر للشعب بعين الذي يخشى يوم لاينفع فيه مال ولابنون، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، ورب العالمين يمهل ولا يهمل، فقد بلغت الأرواح الحلقوم وآن أوان إيقاف هذه المهازل دون أدنى مماطلة !!
و
البياكل براهو بيخنق ياحكومة !!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/9/22
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]

Exit mobile version