سلفا في المؤتمر الصحفي الذي عقد بمناسبة زيارة البشير قال إن الحرب تضر بمصالح المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) ومصالح دولة السودان، وتضر كذلك بمصالح جوبا!
إدخال جوبا ضمن المتضررين من الحرب في المنطقتين أمر جديد.
في السابق وخلال مخاطبة عسكرية لسلفا كير بقاعدة بلفام قال وكأنه يهمس بالفكرة في أذن جنوده : (لن يستطيع الجيش السوداني أن يعود لاحتلال الجنوب مرة أخرى، فالحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق لن تمكنه من التوغل داخل أرضنا)!
إذاً ، الفكرة الاستراتيجية لتأمين جوبا من محاولة استعادتها من قبل الدولة السودانية مرة أخرى عبر عمل عسكري هي خلق حزام ناري ملتهب يمتد على طول الحدود يحمي عمق الدولة الجديدة من غزو محتمل..!
وفي بعض مناطق السودان يقوم المزارعون بحماية زرعهم عبر صناعة منطقة محروقة تقوم بدور حمائي يمنع انتقال النار- بعامل الهواء- للإمساك بالمحاصيل!
ولم تتحسب جوبا جيداً للتكتيكات والأوراق المضادة المتاحة للخرطوم.
صحيح لم تجد الحكومة السودانية حلفاء في الدولة الجديدة لتنفيذ مخططات عسكرية تجعل سلفا كير لا يرفع عينيه من تحت قدميه، حتى لا يمد بصره شمالاً.
الخرطوم استفادت ببراعة من خطأ ارتكبته جوبا في لحظة حسابات خادعة وغرور زائف.
جوبا قامت بإغلاق أنبوب النفط لخنق الخرطوم اقتصادياً فالتف الحبل على رقبة حكومة سلفا كير!
الخطوة الأولى في الطريق الصحيح ، وصول حكومة الجنوب لقناعة عملية بأن الحرب في المنطقتين لا توفر لها حماية تأمينية بل تهدد مصالحها ووجودها كدولة.
وإدخال دولة الجنوب ضمن (مثلث المصلحة) من إيقاف الحرب هو بمثابة تعديل في زاوية النظر وموضع الأقدام..!
في السابق كان خطاب جوبا في التعامل مع ملف الحرب في المنطقتين ينزع للإنكار الدبلوماسي وذلك بالقول: (لا علاقة لنا بما يحدث في الشمال ذلك شأن داخلي خاص بالدولة الجارة)!
في هذه المرة يضع سلفا كير دولته كطرف ثالث في معادلة الحرب والسلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية قطاع الشمال.
ولا يتوقف سلفا عند تلك النقطة بل يطرح نفسه كوسيط بين الطرفين المتحاربين!
سلفا، لن يستطيع التخلص من أبناء النوبة فهم أهم عنصر في معادلة توازن القوة داخل الجيش الشعبي ويمثلون له قوات احتياطية في حال اندلاع مواجهة مع النوير مثل ما
حدث في معارك 1991
ستتأكد جدية سلفا كير في التعامل الإيجابي مع ملف المنطقتين وتغيير استراتيجيته إذا اتبع ما قال بخطوة إطلاق سراح القائد تلفون كوكو المحتجز بياي لمصلحة عبد العزيز الحلو!
لا أستبعد تماماً حدوث مواجهة قادمة بين رفقاء الأمس، إذا كان خيار قطاع الشمال في مواجهة الموقف الجديد لحكومة الجنوب أن يقوم القطاع بالاستثمار في التناقضات (الجنوبية- الجنوبية) بدلق الماء الساخن تحت أقدام سلفا كير!