وتمسك كاشا برفض منصب الوالي في شرق دارفور، حيث أهله وعشيرته، ولم ينقض العام حتى تعذر استمرار اللواء محمد فضل الله في منصب الوالي، لتلقيه العلاج لفترات طويلة بالخارج، وسألت مياه بين الخيران والأودية .. ولجأ المركز مرة أخرى لتعيين والي على الضعين، وكان لرغبة سكان الولاية في اختيار كاشا الغلبة والرجحان، فعاد أبن الرزيقات الذي تجاوز القبيلة ودخل معسكرات النازحين واحتضن عمال (الدرداقات) في نيالا، حتي لقب بالوالي (الشماسي)، لمطالبة (الشماسة) ببقائه وتظاهرهم مع آخرين احتجاجاً على ذهابه ورفضاً لمن جاء من بعده!!
أمس أثبت عبد الحميد كاشا مرة أخرى أن رصيده في بنك الجماهير لم ينضب، وتعلق به أهله أكثر من غيره من القيادات، عاقدين العزم على حمله على أكتافهم، وخير شاهد على ما نقول الحشود الجماهيرية التي زحفت نحو الضعين بالآلاف، في مشهد غاب كثيراً عن صورة الإنقاذ في تجلياتها الأخيرة.
ولكن هل الآمال في عهد كاشا الجديد ستبددها الأيام القادمة.. أم يدرك المركز أن الرصيد الجماهيري لأي من قادة المؤتمر الوطني ورموزه هو رصيد للإنقاذ الحكومة والمؤتمر الوطني الحزب؟!
أم الحكومة والحزب لغا مرحلة الزهد في الجماهير التي ما لها إلا الطاعة.
وتواجه كاشا أزمات تأخذ برقاب بعضها من الأمن، حيث شهدت الولاية حالة انفلات جزئي، وبلغت الجرأة بعصابات النهب أن استقبلت الوالي في يوم وصوله بتنفيذ محاولة اغتيال لأحد رموز الضعين، وتجارها هارون عيسي، وقطع طريق (نيالا الضعين) بسيطرة قوات مناوي على مناطق لبدو ومهاجرية وشعرية، حتى باتت نيالا مهددة في وجودها.
وتمددت الحركات المسلحة والمنفلتون والعصابات في طريق (الضعين المجلد)، ليواجه كاشا بهتافات الجماهير (الأمن قبل القوت).
وكذلك تواجه ولاية شرق دارفور مشكلة نقص الموارد الاهتمام المركزي .. بل غياب مشروع حيوي واحد في كل الولاية.
إزاء هذا الواقع فإن الاستقبالات التي حظي بها كاشا أمس في الضعين هي تعبير عن رغبات مواطنين يتوقون للتغيير .. وقد فاضت دموع الرزيقات كالمزن في الهملان وابنهم يتوعد التمرد بالهزيمة والخذلان.. مع الوعد التنموي بمشروعات تبدأ من المطار والطرق ولا تقف عند المشتشفي والتعليم.
أبلغ رسالة وجهها كاشا يوم قدومه للضعين أن فتح نافذة للتعاون مع دولة الجنوب وتعهد بتسيير قافلة صداقة مع دينكا ملوال لإعادة أحلاف تاريخية ومصاهرات بين الرزيقات والدينكا أفسدتها السياسة وأن لها أن تساهم في إعمارها.
ورفض عبد الحميد كاشا أن ينوب مواطنو ولايته في حماية الحدود وحمل السلاح، وقال إن حماية الحدود مسؤولية الدولة وليس القبائل والأفراد .. وبذلك يبدأ حساب كاشا من اليوم حيث ترصد الجماهير وتحصي أقواله في انتظار يوم حسابه بعد عام ونصف، حينما نفتح صناديق الانتخابات لاستحقاق سياسي جديد.
صحيفة المجهر السياسي
يوسف عبد المنان