{ غير أن قيادة (القطاع) المتمرد أخطأت في التقدير وأساءت التصرف، عندما ظنت – وبعض الظن إثم – أنها بعدوانها الغاشم على “كادوقلي” يوم (الجمعة)، وبالتزامن مع زيارة الرئيس “البشير” إلى “جوبا”، إنما تنسف برنامج الزيارة التأريخية وتفجر اتفاق التعاون المشترك، فتتوقف عمليات ضخ النفط، وفتح الحدود وجدول الترتيبات الأمنية!!
{ والصحيح أن ضرب “كادوقلي” أثناء زيارة “البشير” لجوبا، هو إحراج للرئيس “سلفاكير” – شخصياً – ولجميع قيادات دولة الجنوب، من “مشار” إلى “باقان” إلى “تعبان دينق” حاكم ولاية البترول!!
{ إنها فرفرة مذبوح، وفرقعة إعلامية، مع تأكيدنا الواجب والمطلوب بأن ما حدث هو في ذات الوقت (اختراق) لحواجز التأمين الداخلي، وتسلل واضح لخطوط الدفاع الأمامية والخلفية في ولاية جنوب كردفان، تُسأل عنه جميع القوات النظامية.
{ (قطاع الشمال) حركة متمردة، يبنغي حسمها (داخلياً)، تماماً كما قال “باقان أموم”. صحيح أن على دولة الجنوب وجيشها الشعبي مسؤوليات وواجبات بموجب اتفاق التعاون المشترك، ومصفوفته الموقعة في “أديس أبابا”، وعليها تنفيذها دون تباطؤ أو تواطؤ، إلا أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق حكومة السودان، فمثلما حسمت حكومة الجنوب مليشيات التمرد فيها، فانتهت أسطورة الفريق “أطور” عبر عملية عسكرية استخباراتية، شاركت فيها أجهزة مخابرات “أوغندية” و”رواندية” وأخرى غربية، ومثلما سقطت قيادات عسكرية شقت عصا الطاعة، وحاولت مواجهة سلطة الفريق “سلفا”، فإننا ننتظر بالمقابل أن تتصدى حكومتنا لمسؤولياتها، ولا تتوهم أن اتفاقيات التعاون مع الجنوب كفيلة – وحدها – بإنهاء مسلسلات التمرد في جنوب كردفان ودارفور.
{ يقول الفيلسوف الصيني “صن تزو” صاحب الكتاب الأشهر والأعظم في الإستراتيجيات الحربية: (فن الحرب).. يقول: (إن فن الحرب يعلمنا ألا نعتمد على فرضية أن العدو لن يهاجم، إذ يجب أن نستعد له، حتى يكون إحجامه نابعاً من منعة دفاعاتنا، لا من عدم رغبته في الهجوم).
{ هرولة الحكومة ناحية (المفاوضات) قبل تنفيذ نظرية “صن تزو” (منعة دفاعاتنا) تجعلنا نوقع – دائماً – على اتفاقيات (مضروبة) و(مثقوبة) مع المتمردين، والنتيجة تمرد تعقبه اتفاقية، ثم تمرد مرة أخرى وعاشرة، ثم اتفاقيات أولى وثانية وعاشرة.. من أديس أبابا عام 1972 في عهد الرئيس الراحل “نميري” وإلى اتفاقية “الدوحة” الأخيرة في هذا الشهر من العام 2013!!
صحيفة المجهر السياسي